الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مفاجآة الرئيس عباس

نشر بتاريخ: 12/09/2015 ( آخر تحديث: 13/09/2015 الساعة: 00:30 )

الكاتب: سفيان أبو زايدة

من غير المعروف ما هي المفاجآة التي سيفجرها الرئيس عباس خلال خطابة امام الجمعية العمومية للامم المتحدة نهاية هذا الشهر. و من غير المعروف ايضا ما مدى تأثير فشل انعقاد جلسة المجلس الوطني على فحوى هذه المفاجآة. و لان من الصعب الاعتماد على تصريحات القيادات الفلسطينية المختلفة و التعامل معها كمُسلمات، حيث وفقا للتجربة هناك من لا يقول الصحيح و ربما يقول عكسة تماما, وهناك من هو غير مطلع على ما يجري او ما سيجري و لكن هذا لا يمنعه من الادعاء بأنه يعلم.
ما هو اكيد بأن الرئيس عباس سيلقي خطابا يعكس فيه حالة الاحباط نتيجة الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. بلا شك سيتحدث مطولا عن ممارسات المستوطنين و التي ذروتها حرق عائلة دوابشة حتى الموت . سيتحدث عن تنصل اسرائيل وحكومة نتنياهو اليمينية من عملية السلام و حالة الاحباط و اليأس التي يعيشها الفلسطينيون وحقهم في انهاء آخر احتلال في العالم. القدس و الاجراءات الاسرائيلية هناك ستأخذ نصيبها من هذا الخطاب ايضا . سيكون هناك الكثير من التصفيق و ربما وقوفا تعاطفا مع القضية الفلسطينية حيث الاجواء في الجمعية العمومية دائما مؤيدة و متعاطفه مع الفلسطينين .
المهم بعد كل هذا الخطاب السياسي و العاطفي المؤثر سيكون الجميع في انتظار المفاجآة التي تحدث عنها الرئيس عباس او تحدثت عنها بعض القيادات الفلسطينية و التي قيل انه سيفجرها في الامم المتحدة نهاية هذا الشهر . و فقا لما يدور من تمتمات فأن الرئيس قد يعلن عن " فلسطين دولة تحت الاحتلال" و ربما يذهب اكثر من ذلك بالاعلان عن انهاء اتفاقات اوسلو او ما تبقى منها و اهمها بالنسبة لاسرائيل وهو التنسيق الامني.
اذا ما حدث هذا الامر فعلا ، كيف ستكون الترجمة العملية لهذا الاعلان و كيف سينعكس ذلك على منظومة العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية المتشابكة منذ التوقيع على اتفاقات اوسلو قبل عقدين من الزمان، و الاهم من ذلك كيف ستكون ردود الفعل الاسرائيلية على هذه الخطوة؟
رسائل الاسرائيلين العلنية حتى الان هي بأن شيء لم يتغير. يبررون ذلك بأن مصالح الكثيرين من قيادات السلطة ستتضرر نتيجة اي تغيير في الوضع الحالي، لذلك كل ما يقال عن حل للسلطة ووقف للتنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي هي من وجهة نظرهم ووفقا لتقديراتهم و ربما معلوماتهم بانها تهديدات فارغة من اي مضمون. بمعنى، على الاقل من الناحية الاعلامية و العلنية اسرائيل لا تتعامل بجدية لا مع تهديدات الرئيس بالاستقالة و رمي مفاتيح السلطة في وجه اسرائيل و لا مع التهديدات بوقف التنسيق الامني. هذا لايعني ان لا يوجد نقاش امني و سياسي معمق في الاوساط الاسرائيلية للتعاطي مع هذا السيناريو المظلم بالنسبة لهم، و لاشك ان خلال الاجتماعات الدورية مع قيادات السلطة يحرصون على ايصال ما يريدون من رسائل احيانا تصل الى حد التهديد المبطن و في بعض الاحيان قد يكون مباشر.
حتى الان بالنسبة للاسرائليين ، ما يعتقدونه بأن التهديدات سواء كانت باعلان دولة فلسطين او انهاء اتفاقات اوسلو ووقف التنسيق الامني او استقالة الرئيس عباس هي حتى الان تصريحات بدون رصيد و بالنسبة لهم ليست اكثر من رسائل لم يعد لها اي تأثير ،سيما انها تسمع و ترسل منذ ثلاث سنوات على الاقل وهي ليست اكثر من مجرد رسائل يراد ايصالها للامريكان و الاوروبيين و العرب من اجل الضغط على اسرئيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية و خاصة اجراءاتها في القدس و العودة الى طاولة المفاوضات ، اي بمعنى تهديدات غير جدية و لن يكون لها اي ترجمة عملية على ارض الواقع.
مع ذلك مهم للاسرائيلين ما سيقوله الرئيس عباس في الامم المتحدة، ومهم جدا الصيغة التي سيتحدث بها هناك عند الحديث عن قرارات للقيادة الفلسطينية، و الاهم من كل ذلك مدى ترجمة هذه القرارات على ارض الواقع. اعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال و مطالبة المجتمع الدولي بتنفيذ هذ القرار قد لا يغير كثيرا في الواقع و يستطيع نتنياهو وحكومتة ان يتعايشون مع ذلك. التهديد باعادة النظر في اتفاقات اوسلو و التنسيق الامني ، ايضا قد لا يكترثون له كثيرا، لان اعادة النظر قد تستغرق سنوات. اما اذا كان هناك قرار بوقف التنسيق الامني و الغاء البروتوكول الاقتصادي ، هنا تكون كل قوانين اللعبة قد تغيرت، وتكون بالفعل انتهت مرحلة و بدأت مرحلة جديدة.
الخيارات الاسرائيلية قد تكون متعددة و ردود الفعل ستكون بنفس الرتم الذي سينفذ فيه الفلسطينيون تهديداتهم. السيناريو الاصعب بالنسبة للاسرائيليين هو ان يؤدي ذلك الى انهيار السلطة و تحمل مسؤلياتهم كسلطة احتلال ، حيث عبر يعلون بشكل واضح انهم لن يتسلموا المفاتيح مرة اخرى و سيبجثون عن خيارات اخرى . يعلون و المؤسسة العسكرية التي يرئسها يدركون ان السيناريو الاكثر سوداوية بالنسبة لاسرائيل هو حل السلطة و الالقاء بمفاتيحها في وجوههم مرة اخرى بعد الوقف الفعلي للتنسيق الامني. هذا على الرغم انهم يتظاهرون بانهم لا يخشون هدا الخيار و جاهزين للتعاطي معه اذا ما كانوا مجبرين على ذلك.
ما لا يدركه الاسرائيليون ان هناك شعور عام لدى الكل الفلسطيني ، وبغض النظر عن طبيعة المفاجآة التي سيفجرها الرئيس نهاية الشهر ، و بغض النظر عن بعض تصريحات القيادات الاسرائيلية الاستفزازية التي تقول ان منظومة المصالح الخاصة لبعض القيادات الفلسطينية من اصحاب النفوذ و القرار ستجعلهم يفكرون عشرات المرات قبل الاقدام على خطوات من شأنها تغيير الوضع القائم، وخاصة التنسيق الامني . على الرغم من ذلك، الشعور العام ان مرحلة قد اوشكت على الانتهاء و ان مرحله جديدة اصبحت على الابواب. ليس هناك تقدير او وضوح رؤيا عن طبيعة المرحلة الجديدة المقبلة ، لكن ما هو واضح ان الجميع ، كل بطريقته ووفقا لحساباته و مصالحه و مستوى تأثيرة بدء يجهز نفسه لهذه المرحلة.
[email protected]