الكاتب: محمود التعمري
يقول المثل الشعبي " نسمع بالشي ولا نشوفه " .. ونحن سبق وأن سمعنا وقرأنا عن مادة الزرنيخ وما ينتج عنها ومدى خطورتها على حياة الانسان .. الى أن تلطخت بها وجوهنا ذات يوم على أيدي جلاوزة العدو في السجن ، وكان ذلك في اواخر عام 1971 في سجن " كفار يونا - بيت ليد " حين قررنا خوض اضراب عن الطعام وعدم حلاقة رؤسنا ووجوهنا والامتناع عن الخروج الى الفسحة ( الفورة ) .. وفي محاولة من ادارة السجن لكسر اضرابنا ومعاقبتنا اتخذت ضدنا مجموعة من الاجراءاّت العقابية التي تهبط الى مستوى الفاشية والانحطاط الاخلاقي والانساني الذي يمارسه العدو ضد أسرى لا سلاح لديهم سوى سلاح الجوع لانتزاع حقوقهم كأسرى حرب ، ومن جملة تلك الاجراءات كان اجبارنا على الحلاقة بالــــــــــزرنيــــــــخ ، وقد قاموا باختيار مجموعة من المناضلين من اجل ذلك وكان لي الشرف أن أكون احدهم ، حيث اخرجونا الى باحة السجن لكي يرانا بقية المناضلين وفي الساحة تم وضع الكلبشات في معاصمنا من الخلف واجلاسنا واحدا واحدا على كرسي بعد ان يقوم احد ضباطهم بسكب مادة من البودرة في صحن مع كمية من الماء وتحريكها بعود من الخشب ممن يستعمله الاطباء وقت فحص الحلق ثم يقوم بوضع المادة على الوجه وبعد نصف دقيقة يقوم بسحب الشعر بنفس الخشبة ولا يتوقف ذلك على الوجه فقط بل يتعداه الى كل منطقة تلامسها مادة الزرنيخ في الوجه أو الرأس ..