الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نحذر وندين ونستنكر ونشجب !!

نشر بتاريخ: 16/09/2015 ( آخر تحديث: 16/09/2015 الساعة: 13:18 )

الكاتب: محمد خضر قرش

ملً وزهق وقرف الفلسطيني والعربي لسماع هذه الكلمات من وسائل الإعلام المختلفة والمنسوبة للمسوؤلين العرب والفلسطينيين على حد سواء. ويكاد لا يمر يوما دون أن نسمعها وبصيغ وبتلحينات مختلفة ترتفع وتنخفض وتيرتها أو حدتها تبعا لشدة الواقعة أو الحدث أو العمل الإرهابي الذي حصل سواء من قبل سلطات الاحتلال نفسها أو من المستوطنين.فالإدانة أو التحذير أو الشجب أو الإعراب عن القلق البالغ أو الاستنكار العادي أو المتبوع بأشد العبارات باتت هي السمة الوحيدة المسيطرة على ردود الأفعال العربية وفي المقدمة منها الفلسطينية.

فالاستنكار والشجب القوي محجوز عادة لتهويد القدس والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى والقتل البشع بحق أطفال فلسطين ولبنان ومصر وسوريا واليمن وليبيا وضد العمليات المجنونة بحق المدنيين الفلسطينيين والعرب التي تقوم بها داعش والنصرة ومن لف لفهما. أما الإعراب عن الأسف بدرجاته المختلفة أو القلق والتحذير من خطورة تردي الأوضاع فهي محجوزة لدول العالم الغربي والشرقي على حد سواء، بالإضافة إلى بعض المسوؤلين العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيين. 

يمكن لنا أن نقبل كلمات الأسف العادي والشديد والقلق بدرجاته المختلفة والتحذير الذي يصدر عن قادة دول العالم أو الناطقين باسم البيت الأبيض وعشرة داوننغ ستريت والاليزيه والكرملين وغيرها، عن التصرفات الإسرائيلية والسلوكيات العدوانية التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته أو ضد ما تقوم به المجموعات الإرهابية كداعش والنصرة بحق المدنيين في سوريا وليبيا واليمن ومصر والعراق ..الخ، لكن أن صدور الأسف والقلق والتحذير والاستنكار والشجب من المسوؤلين الفلسطينيين والعرب فهذا لم يعد له مكانا ولا قبولا بل ولا يمكن فهمه أو تبريره، وخاصة إذا كان أو أصبح أو بات روتينيا ومن باب رفع العتب لمجرد القول بأنني هنا.

فهل يعقل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولقادة الفصائل والحركات والسلطة الوطنية مثلا أن تكتفي بالاستنكار والتحذير طيلة العشرين عاما الماضية من استمرار الممارسات العدوانية الإسرائيلية الميدانية على الأرض ضد ما يتم في المسجد الأقصى وهدم البيوت في القدس والمدن الفلسطينية الأخرى وحرق الأطفال والاعتداءات المتواصلة على قطاع غزة؟؟وهل يمكن تقبل وفهم استمرار صدور بيانات التحذير والاستنكار اللفظي من رئيس ملف القدس في اللجنة التنفيذية ضد ما تقوم به وتمارسه سلطات الاحتلال من تغيير معالم عاصمة دولة فلسطين من تهويد وهدم وتهجير وسحب هويات ومنع دخول المواطنين إلى القدس والأقصى والكنيسة وبناء الجدار العنصري ؟كما من حقي كمقدسي وفلسطيني أن أسأل عن فعاليات ونشاطات المؤتمر الوطني الشعبي الذي عقد في مقر المقاطعة قبل سنوات طويلة وتشكلت أمانته العامة للدفاع عن القدس، ماذا فعل منذ تشكيله للدفاع عن العاصمة وتم تعيين العشرات من الموظفين للعمل بغض النظر عمن يحمل منهم هوية مقدسية أم لا. فالمؤتمر قد شُكل خصيصا لهذه الغاية فماذا فعل، فربما حتى الاستنكار والشجب لم يصدر منه أو لم نقرأه.الاستنكار والشجب والتحذير والإدانة باتت مملة وحيلة العاجز الضعيف والبائس والمعتر، تماما كالغريق الذي يحاول الإمساك بالقشة للنجاة بنفسه.

وبالجهة المقابلة لهذا التراخي واللامبالاة وانعدام الموقف الوطني الصلب لمنظمة التحرير والفصائل والحركات نسمع التصريحات النارية المجلجلة والتي تتردد أصداءها في وسائل الإعلام ليلا ونهارا والمنسوبة لبعض المسوؤلين الفلسطينيين وآخرهم قبل أسبوعين والصادرة عن احد قادة الحركات في قطاع غزة "بان اليد التي سوف تمتد للعبث وتغير الواقع القائم في الأقصى سوف تقطع" فلربما صاحب هذا التصريح لا يعلم ولا يشاهد ما يتم في ساحات الأقصى من تقسيم زماني ومكاني وعمري ومن تغيير هيكلي في القدس وانتشار التجمعات الاستيطانية بين أزقة وحارات القدس ناهيك عن المستوطنات المحيطة والخانقة للقدس وبعضها يحجب الشمس صباحا ومساء عن قبة الصخرة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة. 

لا نريد سماع كلمات الشجب والاستنكار والتحذير من الممارسات العدوانية الإسرائيلية والإدانة على اختلاف درجاتها، لأنها كلها لم تعد تفيد أو تحقق الغاية من وراء إطلاقها أو تشفي الغليل أو تطفئ الظمأ أو تسمن من جوع، كما لم تعد تخيف مستوطنا واحدا يسير منفردا في شوارع القدس العتيقة وجوارها وبدون سلاح فردي أيضا.فأرجوكم يا قادة الحركات والفصائل ويا أعضاء اللجنة التنفيذية أن تكفوا عن إطلاق عبارات الشجب والاستنكار والتحذير والإدانة لأنها ببساطة جدا باتت تقلل من هيبتكم القيادية وتضعف من احترامكم وبتم محل تندر شعبكم .فحتى تحافظوا على ما تبقى من رصيدكم توقفوا عن مثل هذه التصريحات سواء البائسة منها والضعيفة أو العنترية. فشعب فلسطين وفي مقدمتهم المقدسيون باقون هنا فوق هذه الأرض وسيدافعوا عنها كما كانوا يفعلون قبل مجيئكم أو عودتكم إلى الوطن. فشعب فلسطين ليس له غير هذا الوطن .