الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اتفاق أوسلو انتهى فعليا ..

نشر بتاريخ: 17/09/2015 ( آخر تحديث: 17/09/2015 الساعة: 11:17 )

الكاتب: د. مازن صافي

كانت الاتصالات بين حكومة رابين التي جاءت بعد فوز حزب العمل في انتخابات 1992، ومنظمة التحرير الفلسطينية، قد مهدت الطريق للقاءات ومفاوضات استمرت نحو ستة أشهر في العاصمة النرويجية أوسلو .
وهناك تم إعلان اتفاق المباديء الذي حمل اسم أوسلو " إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الإنتقالي" ، وتم الاعلان عنه وتوقيعه في 13 سبتمبر 1993،في حديقة البيت الأبيض وتم توقيع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، ومصر والاردن بصفتهم الشهود والضامنين، بالاضافة الى م.ت.ف، وحكومة (اسرائيل) .

اتفاقية أوسلو ارتكزت الى منطق تجزئة الحل الى مرحلتين، الاولى انتقالية، والثانية نهائية، بحيث تكون المرحلة الأولى لمدة خمس سنوات، وقد سمح خلالها لقيادة وكوادر م.ت.ف بالعودة الى قطاع غزة والضفة الغربية، واقامة سلطة وطنية، وتم اجراء انتخابات لرئاسة السلطة والمجلس التشريعي (88 عضوا) ولكن لم يتم الافراج عن آلالاف المعتقلين من المعتقلات الإسرائيلية، وتم الاتفاق على أن يتم تأهيل السلطة الوطنية ومؤسساتها لكي تتحول الى الدولة الفلسطينية، وهذا لم يتم الى الان، حيث ترك الحكم على نتائج التجرية الى (اسرائيل) التي قامت بنسف مقرات السلطة ومؤسساتها وبالتالي فقد دمرت ما تم الاتفاق عليه في المرحلة الانتقالية الأولى، ولقد مارست السلطة الوطنية دورها في الأراضي الفلسطينية التي لم تتجاوز الـ18% من مجمل الأراضي التي تم الاتفاق على انسحاب (اسرائيل) منها ولم يتم الانسحاب وبقيت التصنيفات حبر على ورق، ولم تتقدم اتفاقية أوسلو على الأرض، وبل سمحت (اسرائيل) لنفسها بالمطاردة الساخنة داخل الأراضي الفلسطينية والاجتياحات واعادة الانتشار فيها، و الاعتقالات اليومية وعمليات القتل ضد الفلسطينيين، في صورة أعادت النظرة السلبية الى إتفاقية أوسلو، وبقيت القضايا النهاية (المرحلة الثانية) وهي المستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية والقدس والحدود والمياه واللاجئين، دون أي تقدم بل زادت وتيرة الاستيطان وتم بناء جدار الفصل العنصري الذي استولت (اسرائيل) بناء عليه على مساحات واسعة جدا من اراضي الفلسطينين بحجة الأمن، وكذلك دمرت امكانية التواصل بين المدن الفلسطينية ودمرت الاقتصاد والحياة الاجتماعية الفلسطينية .

واستمر الاستيطان والتهويد لمدينة القدس، والحفرات اسفل المسجد الأقصى، وتركز العمل الاستيطاني فيها وتم مصادرة المزيد من أراضي السكان هناك، وتغيير معالمها وتوسعتها لحساب المستوطنات، واحاطتها بعشرات المدن والكتل الاستيطانية، لمنع أي حل نهائي بخصوصها، أي قتل أي فرصة لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاقية أوسلو .

وفي حقيقة الأمر أن الإدارة الأمريكية وقفت منحازة تماما للاحتلال ولعنجهيته وتركت له المجال ليفعل ما يشاء، واعتبرت القيادة الفلسطينية أن الدور الأمريكي غير نزيه ويشارك في تعطيل اتفاقية أوسلو والاتفاقيات اللاحقة له، وكان (اسرائيل) على الدوام غير مؤهلة لدفع استحقاقات السلام في المنطقة، وفي المقابل دفع الطرف الفلسطيني ثمنا باهظا من أجل بقاء أوسلو على أمل تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني، والتي أقرتها المواثيق والمرجعيات والقرارات الدولية، وأعتبرت (أوسلو) محطة من محطات النضال السياسي الفلسطيني، وقد تم التركيز على السلطة الوطنية على حساب الاهتمام بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وكان هذا من أجل بث الحياة في مؤسساتها وتقدمها من أجل أن تكون ركيزة لمؤسسات الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وكان التأكيد دائما أن السلطة ليست بديلا عن المنظمة، وكما أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والتي بنيت السلطة على أكتافها وتم تفريغ قادتها في مؤسساتها، قد دفعت الثمن من خلال التداخل بين مؤسسات الحركة ومبادئها وبين مؤسسات السلطة والتزاماتها، وهنا كان لابد من المراجعات واعادة التقييم وفض التداخل الحاصل، حفاظا على قوة وحيوية واستقلالية حركة فتح بمبادئها، عن السلطة الفلسطينية بإلتزامتها وارتباطها بالاتفاقيات مع (اسرائيل).

لقد أكدت 22 عاما من عمر اتفاقية أوسلو أن (اسرائيل) لم تتقدم أي خطوة للأمام، بل أنها مارست العدوان العسكري على شعبنا الفلسطيني وحصاره، أضعاف مضاعفه من ممارستها للعمل السياسي التفاوضي من أجل حل القضية واغلاق ملف الصراع، وتنصلت من كافة الالتزامات والاتفاقيات ولم تذعن لأي من النداءات والمبادرات الدولية، وعملت على إضعاف السلطة الوطنية سياسيا واقتصاديا، ولازالت تحتل الأرض وترفض قيام الدولة، وتحاصر القدس من أجل تهويدها بالكامل وتعمل اليوم على تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا وتدنيسه ودخول مستوطنيه وجنوده وقادته الى داخل المصلى وفي صورة تدلل على عقلية الاحتلال التي لم تتغير، وأدخلت عملية السلام في مأزق الجمود حتى تدحرج عبر السنوات الماضية الى الهاوية ولم يعد هناك أي قيمة ومعنى لأي اتفاقية تم توقيعها معه .

نتنياهو اليوم يتجول في مدينة القدس ويزور أماكن حساسة فيها، وهو نفسه الذي اعتبر اتفاقية أوسلو "كارثة" وكان يجاهر منذ 1996 بتدميرها وقام بفتح النفق تحت المسجد الأقصى مما أدى الى اندلاع مواجهات مباشرة واستمرت بضعة ايام كانت حصيلتها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى، وكان هناك 16 قتيلا اسرائيليا.

وأمام أي خطوات فلسطينية تهدد (إسرائيل) بالقيام بخطوات أحادية الجانب لتدمير أي مشروع فلسطيني داخلي أو على صعيد الأمم المتحدة، ومقابل الانجازات السياسية التي حصل عليها الفلسطينيون، تم قرصنة الأموال الفلسطينية وإعاقة النمو الاقتصادي الفلسطيني، وها هو يقوم بأبشع هجوم على المسجد الأقصى بعد أن نجحت الدبلوماسية الفلسطينية في رفع العلم الفلسطيني على سارية الأمم المتحدة بجانب أعلام دول العالم، في سابقة تاريخية ومشهودة.

وحتى أن باراك في كامب ديفيد رفض التنازل عن الحد الأدنى مما سماها "الثوابت الاسرائيلية" وهي الحدود والمستوطنات والقدس واللاجئين والمياه والأمن، واعتبر ان المساس بها مساسا بوجود(إسرائيل) ورفض الشهيد ياسر عرفات الموافقة على الشروط الإسرائيلية والأمريكية، فاندلعت انتفاضة الأقصى والتي امتزجت فيها المقاومة الشعبية مع العسكرية والتي استشهد خلالها الرئيس ياسر عرفات، وتم تدمير كل مقرات ومؤسسات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

إن (إسرائيل) تريد أن يكون للفلسطينيين كنتونات غير متصلة وبدون أي اسس لمعالم الدولة الفلسطينية واعتبار القدس دولة موحدة وعاصمة أبدية للدولة الإسرائيلية ، وهذه الدولة التي جمد نتنياهو كل ما له علاقه بالمفاوضات وتنفيذ الاتفاقيات مع القيادة الفلسطينية حتى تعترف بها دولة يهودية، وهذه الدولة المرفوضة من القيادة والشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن ما يتم على الأرض هو عبارة عن إنهاء حقيقي لاتفاقية أوسلو، ولم يبق الا إعلان النهاية في مراسم دولية لكي يتحمل العالم كله والأمم المتحدة المسؤولية عن ذلك، وتعود منظمة التحرير الفلسطينية بكل قوتها الى كل البدائل والخيارات التي تحافظ بها على الشعب الفلسطيني وقضيته حية وقادرة على البقاء حتى تحقيق أهدافنا شعبنا الفلسطيني في الحرية وانهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .

وما من شك أن رئيس حكومة اليمين الاسرائيلية بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني سيدخل في عزلة سياسية بسبب ما تمر به علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية بفترة جليدية ويخشى المجابهة على حدوده المفتوحة مع لبنان شمالاً وغزة جنوباً في حين لا يكف الرئيس محمود عباس عن الضغط عليه عبر الانضمام إلى المنظمات الدولية ورفع علم فلسطين فوقها وتثبيت أركان الدولة الفلسطينية في كل زاوية مفتوحة، وبذلك تتقدم القيادة الفلسطينية تجاه المرجعية الدولية واستحقاقات ما بعد حصولها صفة دولة عضو مؤقت(غير دائم) بالأمم المتحدة بتاريخ 29/11/2012 ، وحقها بالانضمام إلى جميع المعاهدات والاتفاقيات الدولية وبالذات الاتفاقيات الخاصة بالقضاء الدولي، وفي نفس الوقت فإن صفة دولة عضو غير مؤقت تعني أن الاتفاقيات التي أبرمت بين الطرفين الفلسطيني ودولة الاحتلال ومنها أي اتفاقية أوسلو أصبحت في حكم المنتهية وفقدت قيمتها القانونية وأن الاعتراف بدولة فلسطين عضو مؤقت (غير دائم) في الامم المتحدة أصبح أمامها فرصة كبيرة في إلغائها واعادة النظر في جميع تلك الاتفاقيات إما بالاتفاق وانهاء الاحتلال الصهيوني للاراضي المحتلة خلال مدة زمنية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره والاستقلال، وهذا ما يمكن أن يعلنه الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة متسلحا بكل ما سبق وبعلمنا الفلسطيني الذي سيرفرف هناك، وقد قال اليوم &
39;.