نشر بتاريخ: 18/09/2015 ( آخر تحديث: 18/09/2015 الساعة: 09:58 )
الكاتب: فراس الطيراوي
" نادَيتُ قومي ولا نارٌ ولا حَطَبُ أَيْنَ الـمَجَامِرُ والنّيِرَانُ يا عَرَبُ ... أَيْنَ المُرُوءَاتُ إِنْ نادَتْ مُصَفَّدَةٌ في الأَسْرِ مُعْتَصِماً هَاجَتْ لها القُضُبُ ... هِيَ الـمَليحَةُ في أَحْلامِهَا قَمَرٌ يَأْوِي إلى حِضْنِها المُضْنَى وَيَنْتَسِبُ .... هِيَ الـجريحَةُ في أَشواقِها بَطلٌ يُفَرِّجُ الكرْبَ عَنها جَيشُهُ اللَجِبُ ... القُدسُ في حَبسِها المشؤُومِ نازفَةٌ تَهفو للُقيا الذُّرى والدَّمعُ مُنسَكِبُ ... مَرْمَى العَصا حَبْسُها والحَشْدُ مُلتَئِمٌ في قَلبِ يَعْرُبَ والـتَّاريخُ مُرْتَقِبُ . ... ناديتُ قَومي ووجهُ الحسنِ مُمتقِعٌ والشَّـرُّ مُنـعَقِدٌ والأرضُ تُنتَهبُ ..... عَرائِسُ العُرْبِ أَشلاءٌ مُبعـثرةٌ في كُلِّ صَوبٍ لمنْ يَبـغي وَيَغتَصِبُ .... إِنْ عَرْبدَ البَغيُ في الدُّنيا فلا عَجبٌ لكنْ سُباتُ الهَوى فينا هوَ العَجبُ ..... يا أَيُّـها الحشدُ إِنِّي مُرهقُ ويَدي في النَّارِ تُكوى وقلبي دأْبُهُ النَّصبُ ... إِنِّـي أَقولُ وللـتَّاريخِ ذاكرةٌ تُصغِي إِلـيَّ وقولي اليَومَ مُحتَسبُ .... كلُّ الخِطاباتِ ما أَروتْ لناظَمأً ولا شَفى مِن ضَنـىً نَفطٌ ولا ذهبُ ... إِنَّـا نُـريدُ دواءً يُستَطَبُّ بهِ قِوامُهُ الـعَزم والـنِّيرانُ والغَضَبُ. " الشاعر ادوارد عويس" .
في هذه الساعات يتم اقتحام المسجد الاقصى على أيدي المتطرفين اليهود مدعومين من قوات الشرطة الصهيونية وجيشه البربري الغاشم ويتم الاعتداء على المتحصنين هناك دفاعا عما تبقى من كرامة لدى الامة العربية ! قبل خمسة عشر عاما اقدم المجرم شارون على دخول الاقصى لتتفجر الانتفاضة الثانية ، والحفريات والاقتحامات اصبحت شبه يومية تحت بدعة زيارة الهيكل المزعوم. ما يحدث في محيط المسجد الأقصى المبارك اليوم له ما بعده ... الصدامات التي تحصل بين الاحتلال الغاشم والمرابطين هناك من فلسطينيي أل48 وأهل القدس والذين منحوا شرف الدفاع عن الأقصى كونهم قادرون على الوصول إليه ستؤدي حتما إلى " انتفاضة ثالثة " وانفجار شامل وهذا الانفجار سيكون له مردوده على العالمين العربي والإسلامي ..
فاذا كانت الأنظمة العربية الموجودة لا تحرك ساكنا فان الشعوب لا بد وان تنتفض على الانتهاكات بحق مقدساتها .. أملنا كبير بالشعوب فالأقصى هو الخط الأحمر الذي لا يسمح كل ذي نخوة وضمير لأحد بان يتجاوزه. من حقنا ان نسأل امة المليار ... اوليس الأقصى ملكا لكم له قدسيته وحرمته ؟ حتى يتم الصمت على الاعتداءات المتكررة وحتى أن الإعلام العربي بات يتجاهل ما يحدث في محيط المسجد الأقصى من عمليات تجريف واقتحامات متكررة تهدف للسيطرة عليه وتقسيمه مكاناً وزمانا على غرار الحرم الإبراهيمي في مدينة خليل الرحمن !
إن القدس ليست ملك الفلسطينيين وحدهم، وكذلك الأقصى المبارك والصخرة المشرفة. انها ملك المسلمين جميعا، فهي جزء لا يتجزأ من عقيدتهم السمحة وتاريخهم المجيد . وانطلاقا من هذه الحقيقة الثابتة فان الدفاع عنها واجب عربي وإسلامي قبل أن يكون واجبا واهتماما فلسطينيا. عندما نصمت على هدم مقدساتنا واقتحام حرماتها فإننا لا نستحق أن ننتمي للإسلام والعروبة ولا نستحق أن نحمل صفة الإسلام ... فالمسلم الحقيقي هو من يذود عن أرضه وعرضه ومقدساته... فأين اليوم نحن من قيم الإسلام وتعاليمه وحرماته ؟ وأين نحن اليوم من الكرامة الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية ؟! وهل ننتظر هدم الأقصى او تقسيمه وهذا ما تسعى اليه هذه الدولة المارقة التي تدعى " اسرائيل " حتى تتحرك ضمائرنا ونخوتنا وغيرتنا ؟!
ان ما يحدث في المسجد الاقصى المبارك من اقتحامات وانتهاكات واستباحة متواصلة من قبل عصابات المستوطنين المتطرفين تحت حماية وغطاء من شرطة الاحتلال وجيشه الغاشم والاعتداء المتواصل على المصلين والمرابطين والمرابطات تستدعي منا التصدي بكل ما لدينا من إمكانيات لصد هذه الانتهاكات والخروقات ولا نستطيع فعل ذلك ان بقي الانقسام الإرادي اللعين موجود ما بين اكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية " فتح" و" حماس"، فلسطين باقصاها وكنيستها اكبر من الجميع، يجب التعالي على الجراح ،وترميم البيت، وتوحيد الكلمة والصف الفلسطيني ان كانت فلسطين هدفكم والقدس بوصلتكم، وقضيتكم الاولى كما تقولون وتصرحون ليل نهار، فالإنتصار للمسجد الاقصى المبارك وللمدينة المقدسة بهويتها الاسلامية والمسيحية والعربية لن يكون الا بالوحدة الفلسطينية اولا والعربية ثانيا والامتثال لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " اننا بمقدار ما نتحرر من جهلنا وشرذمتنا وانقسامنا نقترب من القدس ... ونحن رغم كل ما يعتري قضيتنا لسنا ضعفاء ان لم نستضعف أنفسنا ، والله من وراء القصد.