نشر بتاريخ: 22/09/2015 ( آخر تحديث: 22/09/2015 الساعة: 11:00 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
حركة حماس تتحكم في مقاليد الحكم في قطاع غزة و هي جزء من النظام السياسي الفلسطيني وفازت بانتخابات شفافة ولا تمارس الحكم بشفافية، وبرغم وجود حكومة التوافق الوطني، لكنها تمارس دورها كحكومة فعليه، والقيام بدور حكومة الظل.
وتدعي أنها لا تتحمل مسؤولية ما يجري من أزمات في القطاع، وترفض الإعتراف بذلك و تسليم مقاليد الحكم لحكومة الوفاق، ولم تستطيع إقناع المواطنين بأنها المسؤولة عن أزمات القطاع أو أن جزء من المسؤولية تقع على عاتقها.
وإلا ما هو تفسير الحركة لتصديها لإحتجاجات المواطنين و مطالبهم بحقوقهم وإيجاد حلول لأزمات القطاع المتفاقمة، وما شهدته بعض مدن قطاع غزة الأسبوع الماضي من تحركات شبابية عفوية تعبيراً عن الأوضاع الكارثية التي يعيشها المواطنين، و كان لتفاقم أزمة الكهرباء النصيب الأكبر للحراك، و التي لم تعبر بشكل حقيقي عن الحال المعاش، إنما كانت عبارة عن تحذير وقرع جدران الخزان.
في العام 2007، نشرت مقالاً بعنوان: "حماس والحكم الصالح الرشيد"، تناول الأوضاع القاسية خاصة الأمنية، وفي حينه إنتقد الدكتور غازي حمد سلوك حركة حماس و كان صادقا وصريحاً عندما قال "إن الحركة استطاعت أن تحل مشكلة أمنية لكنها فرخت ألف مشكلة سياسية كانت في غنى عنها".
لم تكن المرة الأولى التي ينتقد مسؤولين في الحركة على قلتهم وتحدثوا بصوت مرتفع، وسياستها وعجزها عن إيجاد حلول للأزمات المتفاقمة، من باب الحرص والمصلحة الوطنية وإدراكهم حجم الخطر القادم، ويلقى هؤلاء إحترام من الناس لمواقفهم المعتدلة، و يعبروا بشكل نقدي جريء. من بين هؤلاء الصديقان الدكتور أحمد يوسف والدكتور غازي حمد وغيرهم، لكنهما لم يسلما من الهجوم اللاذع، والمهين والتنكر لنصائحهما القيمة والمفيدة للحركة، بل والفلسطينيين على اختلاف مشاربهم.
المحزن ما لاقاه المنتقدين من بعض أعضاء حماس ومشايخ وخطباء مساجد و عبروا على حساباتهم على الفيسبوك عن رأيهم بقسوة، و لم يكن نقداً إنما تجريح و إتهام بالخذلان.
وفي تعليق لأحد هؤلاء على حسابه على الفيسبوك الذين لم يعجبهم النقد الذي وجه من الداخل، قال: "إن من إمارات الخذلان وتلبيس الشيطان أن ينبري نفر من عشيرتنا وحفنة من أبناء دعوتنا يسلقون إخوانهم بألسنة من حداد". و أضاف " يملأون صفحات التواصل الإجتماعي بالضجيج و الإرعاد، متذرعين بحرصهم على مصالح العباد، مع علمهم بأن أزماتنا صنيعة الأوغاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، ما أجمل النصح حين يدخل من الباب، وما أقبح أن تُشمت بإخوانك كل إنتهازي مرتاب، فاعتبروا يا أولي الألباب".
هؤلاء يعيشوا حالة إنكار لما يجري حولهم وحولنا، و هم من لا يقبلون الأخر ولا يؤمنون بالشراكة، وتصحيح المسار و إستخلاص العبر، فالنقد مدخل للمساءلة والمحاسبة بشفافية وخلق مجتمع حر يناقش ويحاور من خلال إعمال العقل، وقبول الرأي الأخر، وحقه في التعبير بحرية وشفافية عن ما يجري داخل التنظيم وخارجه.
حركة حماس لا تقبل ولا تسمع النصيحة وتخشى النقد العلني من داخلها ومن خارجها، حتى من أولئك الذين تعاطفوا معها، و إعتبروا أنه كان من حقها أن تُمكن من الحكم، بل هاجمتهم ولم تعمل على إستغلال العلاقة الجيدة معهم والحوار، وخلق أجواء من الوحدة والتلاحم.
حركة حماس حركة سياسية، وليست ربانية، ومن يحكمها بشر يخطئون ويصيبون، أما إستمرار العمل بطريقة سرية وعدم مكاشفة الناس ومصارحتهم يعمق أزمات حماس والناس يشككهم في نواياها، ويعجل من الإنفجار والفوضى وحكم الحزب المستبد الذي سينهار من الداخل، إذا ما واجه نفسه بالحقيقة، وما يدور حولنا من حراكات وتحركات وتهديد لمشروعنا الوطني وما يجري في القدس خير دليل، ونحن في القرن الواحد والعشرين والمعلومة يحصل عليها الناس بسهولة.