الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

متى يتحقق الكابوس "الاسرائيلي"

نشر بتاريخ: 28/09/2015 ( آخر تحديث: 28/09/2015 الساعة: 14:12 )

الكاتب: عماد توفيق عفانة

أغلقت أوروبا ابواب الهجرة إليها كليا، وكفت تركيا عن إستقبال اللاجئين، وازدادت حدة التضييق اللبناني والأردني على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين البائسة لديها، فيما دفعت الحرب الدامية في سوريا والعراق كل الفلسطينيين للخروج من أراضيها، فتقاطرت الحشود نحو حدود فلسطين المحتلة، بلباسهم الذي أبلته مشاق الطرقات، بعضهم يحملون اطفالهم على اكتافهم وبين ناظريهم حلم العودة لوطن اللبن والعسل، وجوههم تقطر غضبا مخلوط باليأس والأمل، لم ينتظروا أن يفتح لهم العدو ابوابا للعبور، فداسوا الجدران التي أحاطت بها "اسرائيل" نفسها من الشرق والجنوب، وملأوا فضاء فلسطين بالتكبيرات التي دفعت الملايين من المترددين الذين مازالوا يقفون خلف الجدار للعبور، جوعى للحرية وعطشى لرؤية وطن الآباء والأجداد، أطفالهم تبكي فرحا، ونساؤهم تزغرد شكرا وحمدا، فيما بحر العائدين يعصف بالعدو الذي يفر الى البحر الذي أتى عبره عله يجد سبيلا للنجاة.

استيقظت من حلم العودة الجميل، لم يعبر أحد الحدود بعد ..

باتت "اسرائيل" تنظر الى “أزمة اللاجئين على أبواب أوروبا بخليط من الخوف والشماتة، الشماتة على كشف وجه بعض دول اوروبا متحجرة القلب التي تغلق ابوابها في وجه اللاجئين المساكين، والخوف من تكرار هذا السيناريو لتقاطر حشود اللاجئين على حدودها المحاطة بالشوك والموت.

لم تصنع ارتال الفارين الى الجنة الاوروبية أزمة لاجئين لدى دول اوروبا التي باتت بحاجة إلى مزيد من المهاجرين الجدد كقوى عاملة جديدة، ولتجديد شباب أوروبا التي تشهد تناقصا مضطردا في أعداد سكانها الذين يعزفون عن الزواج لصالح المثلية الجنسية غيرها.

ومهما استقبلت اوروبا من بضع عشرات آلاف اللاجئين فإنهم لن يؤثروا في تركيبتها السكانية للإتحاد الأوروبي الذي يبلع عدد سكانه نحو 500 مليون نسمة، ولن يمثل خطرا ديمغرافيا بحال، لكنهم قد يساهموا في تحول المزاج الأوروبي حيال "اسرائيل" من جانب، وقد يساهمون في تعزيز أعداد المسلمين في أوروبا التي قد يصبح الإسلام الدين الأول في بعض دولها في بضع سنين.

لكن قد يعد أي تحول في وجهة اللاجئين من الغرب الأوروبي الى الغرب الفلسطيني، نذيرا بتغيير وجه الشرق الاوسط، فالحرب الكونية في سوريا قتلت نحو 300 الف حتى الآن، وشردت منها الملايين. نحو الأردن الذي استوعب نحو 700 الف لاجئ من سوريا ومئات آلاف آخرين من العراق، فيما استقبل لبنان الصغير ما لا يقل عن 1.5 مليون آخرين.

وهنا يبدأ الكابوس الصهيوني على شكل تساؤل يقطر تشاؤما: ماذا سيحصل اذا ما وصل غدا عشرات بل مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين من مناطق المعارك والقمع في سوريا والعراق ومن مخيمات اللجوء في الأردن ولبنان الى الحدود في هضبة الجولان ولبنان والاردن، لا ليطلبوا اللجوء في "اسرائيل"، بل ليدقوا ابواب العودة المستحقة إلى فلسطين ذات العمق الديني، مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه الى السماء، وأرض المحشر والمنشر وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لا يدقون الأبواب، بل يجتاحون الحدود، يفضلون الشهادة على أعتاب فلسطين على العيش في بلاد يسكنها الموت والفتنة وتلفها دوامة الحرب والدمار.

"إسرائيل" باتت تستشعر اليوم فحيح هذا الخطر الداهم، ما دفعها إلى الإسراع في بناء مزيد من الجدران على الحدود مع مصر والأردن ولبنان والجولان، فضلا عن الجدران التي بنتها داخل فلسطين على حدود غزة والضفة، لتحقق في نفسها الآية القرآنية "لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر"، لكنها لا تدرك ان هذه الجدران هي أكثر هشاشة من جدران منازل مغتصبة نتيف هعتسراه التي اخترقتها رصاصات تدريبات المقاومة قبل أسابيع قليلة.

في أقل من رمشة عين يمكن لتخطيط إبداعي محكم من قوى المقاومة في فلسطين وخارجها، أن يتوقف قليلا لصنع هذا السلاح الاستراتيجي، أو كما يحلوا "لإسرائيل" تسميته بسلاح الدمار الشامل لوجود كيانها، السلاح الذي سيجعل أزمة اللاجئين تتدحرج نحو حدود فلسطين المحتلة، سواء الحدود من الداخل أو من الخارج.

حينها لن تنقل الكاميرات صورا تمزق القلب لعائلات اللاجئين المستنزفين، الذين يستجدون جنود الاحتلال المدججين بالسلاح، بل ستنقل للعالم كيف تتيح أرتال العائدين للجنود المذعورين المجال للفرار للنجاة بأرواحهم نحو مراكب تعيدهم الى أوروبا التي قدموا منها.

تعالوا لا ننظر باستخفاف الى إمكانية تحقيق هذا السناريو وفي بضع سنين، إن أحسنا التخطيط والتدبير كما تدل مختلف البشارات