الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خمسة عشر عاماً على الإنتفاضة الفلسطينية الثانية

نشر بتاريخ: 29/09/2015 ( آخر تحديث: 29/09/2015 الساعة: 11:50 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

في الذكرى السنوية الخامسة عشر للإنتفاضة والتي لم تحقق أهداف الشعب الفلسطيني بالإنعتاق من الاحتلال و الإستقلال، إستشهد خلالها نحو خمسة ألاف فلسطيني، وسقط نحو ألف قتيل إسرائيلي، و ما ميزها أنها في بداياتها كانت هبات شعبية، إلا انه تم حرفها عن مسارها الشعبي، و إمتدت إلى الداخل الفلسطيني لتشمل معظم فلسطين التاريخية، حيث إندلعت هبة شعبية كبيرة في النقب والجليل والمثلث و إستشهد 13 فلسطينياً من فلسطين الداخل الـ 48.

القدس مشتعلة وهي الشرارة التي إندلعت منها الإنتفاضة، و إسرائيل وحكوماتها المتعاقبة تمارس ذات الإجراءات مرات بهدوء وصمت، ومرات بعنف وقمع من أجل السيطرة على ما تبقى من فلسطين و المقدسات.
وبرغم ذلك لم يعد للحكومة الإسرائيلية ورئيسها هامش للمناورة أكثر لمنع الفلسطينيين التصدي للإجراءات في القدس والمسجد الأقصى، و ما تقوم به من فرض عقوبات جماعية وقمع وقتل الفلسطينيين وإرهابهم في القدس، و كما ذكر نتانياهو أن الهدف هو القمع و فرض عقوبات قاسية وإطلاق النار الحي تجاه المتظاهرين وتعديل قوانين وسن أخرى، و تطبيق ما يسمى العقوبة الدنيا ضد راشقي الحجارة، الذين يتصدون بشجاعة وإرادة جبارة بصدورهم العارية لقمع قوات الإحتلال.

لم تستمر الإنتفاضة بمسارها الشعبي على غرار الإنتفاضة الأولى لمواجهة الإحتلال، الذي واجهها بإرهاب و عنف بعد أن إختار الفلسطينيين إستخدام الكفاح المسلح في مواجهة الإحتلال، الذي وجد في ذلك فرصة لإرهاب الفلسطينيين بقتلهم بالصواريخ والعقاب الجماعي، واقتحام مدن الضفة الغربية و إعادة احتلالها.
وما تلا ذلك من فرض شروط و إملاءات وتأمر و تواطئ وخذلان عربي ودولي، وما صاحب تلك المرحلة من خيبات وانكسارات فلسطينية، برغم استمرار مقاومتهم المسلحة في قطاع غزة، وما ارتكبته إسرائيل في القطاع من جرائم وما زالت لقمع أي مقاومة فلسطينية.

وما وصل إليه حال الفلسطينيين من إنقسام وشرذمة وفقدان الثقة واليقين بكل القيادات والفصائل التي لم تفكر بتعديل المسار، والقيام بمراجعات وطنية حقيقية لمسيرة النضال الفلسطيني ووسائله، وعثراته والعقبات والتحديات التي تواجه الفلسطينيين و مشروعهم الوطني من تراجع.
الحال يزداد سوء، وما هو مطلوب من القيادة والفصائل لم يتم القيام به، فالحفاظ على صيرورة و جذوة النضال الفلسطيني لمواجهة احتلال استعماري عنصري، يحتاج إلى إعادة مراجعة و إستنهاض وتعريف المشروع الوطني والقضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية التاريخية، انطلاقا من أنهم حركة تحرر وطني تكافح من أجل الحرية والاستقلال، و عليهم البدء بإعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها كهيئة معنوية جامعة لكل الفلسطينيين وعلى أسس وحدوية.
سنوات الإنقسام سنوات هزيمة، سهلت على إسرائيل الاستفراد بالفلسطينيين، فإنهاء الانقسام مهمة وطنية للحفاظ على الهوية الفلسطينية من الضياع، وإسرائيل تحاول طمسها، و فصل غزة عن الضفة وعن باقي مكونات الشعب الفلسطيني.

ما يعيشه الفلسطينيين من تشرد ولجوء و إنقسام كارثي أثر في فهم الثقافة والتربية الوطنية الجامعة، وتمسك كل طرف بروايته وسيطرته على منطقة حكمه، و شوهت و شتت الرواية التاريخية في عقول الأجيال الصاعدة، و التي تؤرخ لنكبة ومعاناة الفلسطينيين والحق التاريخي في وطنهم بعد أن تعرضوا للطرد والقتل و التشرد من إحتلال عنصري مجرم ولا يزال يرتكب جرائمه ومستمر فيها. و أصبحت بحاجة إلى إعادة تعريف، ونشرها والبدء بتوعية وتربية وطنية حقيقية إنطلاقاً من أن هناك رواية تاريخية واحدة بإستهداف الأجيال الشابة، وما يسمون جيل الإنقسام التائه وغيب عن واقعه النضالي و الإشتباك اليومي مع الإحتلال، وترك وحيدا يبحث عن ذاته وهموم يومية بحلول فردية، وأن كل فرد في المجتمع له دوره في مقاومة الإحتلال وبناء المجتمع الفلسطيني الحر.