نشر بتاريخ: 01/10/2015 ( آخر تحديث: 01/10/2015 الساعة: 12:24 )
الكاتب: عقل أبو قرع
مع انتهاء خطاب الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة، وما تضمنة من التهديد بأتخاذ اجراءات فلسطينية ان لم يتغير الواقع الحالي الذي يمارسة الجانب الاسرائيلي، تزداد التوقعات والتنبؤات بما يمكن ان يترجمة الخطاب من اجراءات عملية او خطوات للتغيير، اي للخروج من الاوضاع الحالية، او من الواقع الحالي بكل جوانبة التي اصبحت لا تطاق، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرهما، ورغم ان الخيارات محدودة والامكانيات شحيحة ومجال المناورات مقيد، واوضاع واولويات المنطقة والعالم ليست في صالحنا، الا ان الامال والتوقعات موجودة عند غالبية الناس، في البدء بخطوات عملية ومدروسة ومتفق عليها، لتغيير الاوضاع الحالية، وبالطبع الى اوضاع افضل، ان لم يكن في المدى القريب، ولكن بعد فترة، وفي ظل روح والخطوط العريضة التي تضمنها خطاب الرئيس؟
واصبح لا يخفى على احد، انة مع تعثر المسيرة السلمية او توقف المفاوضات، وتواصل الانقسام والتفتت، وضعف الاقتصاد، والتشرذم الاجتماعي، ومع محدودية الخيارات، واعادة ترتيب الاولويات نتيجة الاحداث في المنطقة، ومع استمرار فرض الامر الواقع على الارض، ومع مواصلة الجدل حول طبيعة المسارات وامكانياتها او واقعيتها، بدأ الناس يشعرون بنوع من انسداد الافق او بداية الضياع، وبدأ الناس يتسألون من ماذ بعد، اي ماذا ان تم مواصلة الجمود الحالي او تصاعد نحو الاسوأ، وماذا اذا تفاقمت الامور ولا يوجد دعم او سند خارجي، وماذا لو انهار الاقتصاد وتصاعد الفقر والحاجة والعوز، والاهم ماذا لو تم البدء بترجمة ما جاء في خطاب الرئيس وبشكل عملي؟
وفي خضم كل ذلك، تتزايد التنبؤات والاقتراحات وعرض البدائل، سواء من كان منها واقعيا، او مثاليا، ومن ضمن هذه الخيارات، هواحتمال حل السلطة الفلسطينية بمفهومها الحالي، وبالتالي عودة سلطات الاحتلا، بشكل او بأخر، من اجل ان تمارس دورها كما كانت تقوم بذلك، قبل قدوم السلطة، كما اشار خطاب الرئيس، وبالتالي تحملها كافة المسؤوليات والالتزامات المتعلقة بحياة ملايين الناس، امام المجتمع الدولي والاهم من منظار القوانين والمعاهدات الدولية، كسلطة احتلال قائمة؟
ولكن من المفترض ان تأخذ هذه الخطوة، الحيز الكافي من النقاش وعلى الصعيد الوطني، وان تكون البدأئل العملية للتعامل مع بعد هذه الخطوة موجودة او متوفرة، ونحن نعرف انة من الممكن تن تكون هناك ردود فعل اسرائيلية والتي اشارت في الماضي، ان ذلك لن يكون نهاية العالم وان اسرائيل يمكن ان تجد قوى اخرى سواء محلية او اقليمية لملئ الفراغ او حتى اعادة الحكم العسكري او الادارة المدنية كما كان قبل قدوم السلطة، وحتى اشارت بعض المصادر الى ان خيار حل السلطة هو ما يريدة بعض المسؤولين الاسرائيليين، وربما على رأسهم رئيس الوزراء وغيرة من الوزراء الحاليين، الذين لا يؤمنون بالاطار الذي قدمت من خلالة السلطة، اي اطار اوسلو.
والنقاش وتوفر الخطط البديلة لحل السلطة، من المفترض ان يركز على ما سوف يتمخض عن ذلك من تأثير على حياة الناس اليومية من صحة ومن تعليم ومن توفر الرواتب او جزء منة وتوفر المنتجات وبأنواعها، ومن عمل وحركة وتنقل ومعابر وما الى ذلك من امور تؤثر على حياة المواطن الفلسطيني العادية اليومية، وعلى افراد عائلتة.
والنقاش الوطني المدروس والموضوعي حول افاق ما بعد ذلك، من المفترض ان يتم بعيدا عما يدخل في باب المناورات او مجالات الضغوط السياسية، او حول ما يهدف الى تحقيق اهداف سياسية او اقتصادية، او الى تحسين مواقف او شروط هنا او هناك، ولكن من المفترض عدم تناسي ما سوف يحدث على الارض من تداعيات لحل السلطة بمفهومها او اطارها الحالي، ونحن اعتدنا وقبل قدوم او تكون السلطة ان يكون هناك ضابط اسرائيلي للصحة وضابط للتعليم وللمواصلات وللزراعة وما الى ذلك، وكان الفلسطينيون يتعاملون وبحذر ولتسيير الامور معهم، ولكن الامور الان تختلف، وبالتالي فأن ما يتم على صعيد الحياة اليومية للناس وكيفية تسييرها بكرامة واحترام من المفترض ان يبقى هو الاهم، حين التفكير بخيارات بعد ذلك؟
ويدرك الناس ان حل او تحوير عمل السلطة من واقعها الحالي، وبالتالي عودة سلطة الاحتلال، يمكن ان يؤثر على الوضع الاقتصادي من استثمار ومن قطاع خاص ورأسمال وبورصة، ومن تعليم ومدارس وجامعات ، ومن قضايا اجتماعية وانعكاساتها وتداخلها، ومن زراعة واستيراد وتصدير، ومن امن وأمان، ومن توفر المياه والوقود وتوفر الكهرباء والمواصلات، ومن توفر الأجهزة والمعدات الطبية، ومن توفر مواد خام للصناعات من غذائية وأدوية وبلاستيك، ومن العديد من الأمور التي تمس حياة المواطن والناس والاقتصاد، وبشكل يومي، لان كل هذه الأمور وللأسف باتت مرتبطة، شئنا او لم نشأ بالطرف الأخر، وهذا كلة يدعونا الى ايجاد خطط بديلة عملية لمعالجة أمور يومية في حياة الناس.
واذا كان هناك نوع من الاتفاق بأن التغيير مطلوب، فأنة من الواضح حتى الان على الاقل، وقبل معرفة ما يمكن ان يحوية خطاب الرئيس في الامم المتحدة، من الواضح عدم وجود او وضوح البدائل العملية المدروسة، او حتى هشاشة ما يتم طرحة، او عدم واقعيتة، او بالاحرى وحين قياس نسب الربح والخسارة، فأن هذه النسب يمكن ان لا تميل الى نسب الربح؟
وفي ظل الواقع الفلسطيني الحالي ومحدودية الخيارات والامكانيات، فأننا نعرف ان السلطة الفلسطينية في وضع لا تحسد علية، ونحن نعرف ان السلطة الفلسطينية هي نتاج او افراز طبيعي لا تفاق اوسلو، ومن المعروف انة يوجد لها التزامات نحو المجتمع الدولي وذلك من خلال الاستمرار في عملية التفاوض او المسار السلمي، ولها التزام نحو الطرف الاسرائيلي الذي وقع معها اتفاق اوسلو، والاهم هو التزامها نحو الفلسطينيين، واذا افترضنا ان السلطة قد اوفت بالالتزامات نحو الاطراف الاخرى، فأنة من المفروض على السلطة ان تركز اكثر على التغيير، او التحوير في طبيعة عملها، بشكل يزيد من الاهتمام نحو مواطنيها، وبالاخص نحو الامور الحياتية اليومية للناس؟
سواء اكان ذلك في مجال الصحة، من عيادات واجهزة وكوادر، والاهم توفير ذلك الشعور بالامان والثقة عند الناس بالنظام الصحي، وما ينطبق على الصحة ينطبق على التعليم، وكذلك في مجال الزراعة والامن الغذائي، ومن توفير عمل محترم والابتعاد تدريجيا عن شبح البطالة وخاصة عند الخريجين، ومن صناعة وبالاخص الصناعة الغذائية والدوائية، ومن التركيز على مصادر الطاقة، والمياة والاغذية بالجودة والسعر المريح، ومن الحفاظ على البيئة ومصادرها من تربة او ارض ومن مياة ومن هواء،وفي مجالات عديدة اخرى تستطيع السلطة عملها بعيدا عن الجمود السياسي الحالي، في مسعى لتثبيت الناس على الارض وتثبيت المؤسسات التي تخدم الناس وارساء ثقافة عمل تقوم على خدمة الناس نحو الافضل.
ومعا الانتهاء من خطاب الرئيس في الامم المتحدة، وبالتالي البدء في نقاش الخطوات العملية التي يمكن ان تتمخض عن هذا الخطاب، ، وفي ظل قتامة الوضع الحالي، وتواصل او تعمق حدة الانقسام والتفتت الفلسطيني الداخلي، ومواصلة كساد وضعف الاقتصاد، وتعمق التشرذم الاجتماعي، ومع محدودية الخيارات، واعادة ترتيب الاولويات نتيجة الاحداث في المنطقة، فانة وبدون شك ان الناس يشعرون بنوع من انسداد الافق ، او بشكل من ضعف او محدودية الخيارات والامكانيات.
ورغم ذلك فأن الناس ما زال يحذوها الامل التفاؤل بأمكانية التغيير، وبشكل واقعي وفي ظل روح خطاب الرئيس، والامل بان يكون هناك خطوات عملية تؤدي الى التغيير الحقيقي على الارض، وبان يكون هذا التغيير بعيدا عن المؤثرات الخارجية وعن المصالح الاقليمية المعقدة، وبان ينظر الى المصالح الفلسطينية اولا، وبان يؤدي الى انهاء الانقسام والتفتت والتشرذم، الذي اضحى الافة الكبرى التي تنخر الجسد الفلسطيني، والافة الاخطر التي تمكن الاخرين من العبث واللعب في هذا الجسد؟