نشر بتاريخ: 06/10/2015 ( آخر تحديث: 06/10/2015 الساعة: 15:17 )
الكاتب: خالد معالي
سواء ما كشفه "الشباك" – المعهود عليه الكذب- أكان صحيحا أم غير ذلك؛ فان طبيعية العلاقة مع المحتل ستبقى هي هي ولن تتغير؛ وهي المقاومة؛ وهي لن تتوقف باعتقال خليه هنا أو خليه هناك؛ أو هدم منزل أو زيادة الاعتقالات؛ لان الدافع للمقاومة يبقى دائما موجودا؛ ما دام الاحتلال جاثما فوق صدور الفلسطينيين؛ ولكن على قادة المقاومة وعلى الدوام؛ التعلم وأخذ الدروس والعبر واستخلاصها من أخطائهم إن كانت قد حصلت فعلا؛ وتجنب أخطاء حصلت في الماضي.
جيد أن يأخذ قادة المقاومة الدروس والعبر من تاريخ المقاومة الفلسطينية؛ والأخطاء التي حصلت خلال الانتفاضتين السابقتين؛ وأن يحسبوا خطواتهم بدقة متناهية وأكثر من ذلك؛ بان لا يرموا بكل ما لديهم مرة واحدة؛ فالنفس الطويل هو المطلوب مع عدو شرس ومتفوق عسكريا؛ ولا يصح أن تضع المقاومة بيضاتها كلها في سلة واحدة؛ فالدنيا دروس وتجارب وعبر؛ وينجح كل من تعلم من أخطاءه وأخطاء الآخرين وأجاد الفهم الصحيح؛ ولم يتقوقع وينغلق على نفسه ويكابر ويعاند.
ليست العبرة في حجم التضحيات الكبيرة التي سيقدمها الشعب خلال انتفاضته ومقاومته اللاحقة لكي ينال حريته؛ بل العبرة في كبر وحجم الهدف النبيل وهو نيل الحرية؛ واصلا الاحتلال هو الأخر يدفع ثمنا غاليا وهو اكبر بكثير؛ كون قتلانا شهداء عند الله وقتلاه في النار ؛ أليست هي هكذا المعادلة.
سارع "نتنياهو" بالتهديد والوعيد، والويل والثبور وبعظائم الأمور ضد الشعب الفلسطيني أن واصل رفضه وانتفاضه ضد للاحتلال؛ وزاد من حدة لهجته وتهديده بعد الكشف عن خلية نابلس التي قتلت مستوطنين اثنين وتركت أطفالهم الأربعة دون المس بهم لأخلاقهم العالية ذات البعد الإنساني المرهف؛ بعكس ما زعم به "الشاباك" أن الخلية لم تقتلهم لظروف ميدانية؛ وبعكس ما قام به جندي أمس بقتل وقنص الطفل عبيد الله (12عاما) برصاصة في القلب؛ وبعكس ما قام به المستوطنون بقتل وحرق عائلة دوابشة وطفلهم الشهيد علي وهم أحياء؛ وتصفية الفتاة الشهيدة هديل بدم بارد.
ماذا يتوقع العالم؛ من شعب تشتت، واحتلت أرضه وتمزقت أواصره، وزج بأبطاله في سجون مظلمة، ويعمل على تقسيم أقصاه، وتستنزف أرضه، ويحرق أطفاله وهم أحياء، ولا أمل بمستقبل مزهر ومشرق؛ دون التخلص من الاحتلال وأعوانه ؟!
اتفاق "أوسلو"؛ تسبب بتهويد القدس ومناطق الضفة؛ ولم يقود لتحقيق أماني الشعب بدولة ذات سيادة حقيقية على الأرض؛ وبعد 22 عاما لم يبقى منه سوى جيل ضائع بلا أمل؛ وهو ما دفع هذا الجيل لتسوية العلاقة بالشكل لصحيح مع الاحتلال وهي المقاومة؛ سواء أكانت على شكل هبة أم انتفاضة أم مقاومة تصعد وتخبو ما بين فترة وأخرى.
مخطئ ومريب للشك من ظن؛ أو يقول ويطرح أن الاحتلال يريد التصعيد؛ ف"نتنياهو" يريد احتلال رخيص ومريح كأي احتلال سابق في العالم؛ وليس احتلال مكلف كل يوم يسقط فيه جنود ومستوطنين؛ والتشكيك هو دائما يأتي ممن ليس لهم عمل سوى تشويه كل ما هو جميل ومزهر ومثمر.
الواقع يقول أننا ما زلنا تحت الاحتلال، ويحق للشعب الفلسطيني حسب كل القوانين والشرائع الدولية أن يقاوم بكل الطرق والسبل؛ لكن ما زالت هناك عقبة "اوسلو" تقف وسط الطريق؛ والتي قال الرئيس في خطابه في الأمم المتحدة أن الاحتلال لا يلتزم بشيء فيه؛ وما زال الوضع معقدا وشائكا ما لم يتم التحلل منه.
بعد فشل 22 عاما من "اوسلو"؛ وصل الشعب لقناعة واخذ العبر الغزيرة والحكيمة من أن أقصر الطرق للخلاص والحرية والسيادة؛ هي العودة للثورة والمقاومة المخطط لها بحنكة ودقة، والكفاح بكل الطرق، وان تكون هناك إستراتيجية حقيقية متفق عليها ضمن برنامج وطني موحد.
في المحصلة سيكنس "نتنياهو" إلى مزابل التاريخ ومعه احتلاله البغيض؛ ولكن حتى يحين موعد ذلك؛ لا بد من تكاتف الجهود وتوحيد الصفوف؛ والعمل ضمن برنامج وطني موحد؛ وهذا هو من يقصر عمر الاحتلال فقط ولا شيء غيره؛ و"أوسلو" اكبر دليل.