وتستمر المنطقة الرمادية حتى مساء الجمعة القادم

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لم تجرؤ الحكومة الاسرائيلية على اتخاذ قرارات " كبيرة " مثل تحطيم السلطة او اجتياح الضفة ، وقد حاول نتانياهو ان لا يكون هو البادئ في تدمير الواقع الراهن ودحرج الكرة مرة اخرى للرئيس ابو مازن في رام الله ، وبالمقابل لم يصدر الرئيس ابو مازن قرارات واضحة تدعو للثورة ضد الاحتلال بشكل قاطع ودعا الى الحل السياسي من خلال طلب الحماية الدولية فدحرج الكرة من جديد الى نتانياهو . فقد امسك العصا من المنتصف وشدد انه لن يرجع الى الاتفاقات السابقة مع اسرائيل ولكنه لم يعلن معركة الاستقلال .

وبما ان حكومة نتانياهو لا تريد ان تأخذ القرار ، وحكومتنا الفلسطينية لا تريد ان تأخذ القرار ، فقد بقي القرار بيد الشارع الفلسطيني وبيد المستوطنين المتطرفين الذين يقطعون الشوارع .

ولكن الشارع لا يستطيع ان يقود لوحده لفترة طويلة من الزمن وهو بحاجة الى تغطية وحماية سياسية وادارية ومالية ودبلوماسية، بحاجة الى تنظيمات وقوى تضع له الاهداف والشعارات السياسية ، وبحاجة الى جهات اقتصادية كبيرة تحمل اعباء المرحلة وتساعد جيشا من المعتقلين والجرحى والضحايا ، وبحاجة الى قوى كبيرة تسعف جراحه وتسند ظهره .

وقد يقود الشارع نفسه حتى مساء الجمعة القادم ، وبعدها ستضطر الاحداث القوى والاحزاب والحكومات ان تتدخل سلبا او ايجابا بحسب رؤيتها للاستراتيجية الوطنية ، لان الطبيعة لا تقبل الفراغ . وفي حال هرب نتانياهو وحكومته من القرار فان حكومته ستسقط كما سقطت حكومة ايهود باراك في العام 2001 عند فوز شارون المتطرف بدلا عنه . وهذا الامر ينسحب على الفلسطينيين انفسهم .

قبل عام ونصف العام اندلعت انتفاضة القدس عندما أقدم الارهابيون اليهود على احراق الطفل محمد ابو خضير ، واستمر الامر لاكثر من 40 يوما ثم خبأت الثورة الشعبية الجمر تحت الرماد . وحينها كتبنا نقول ان انتفاضة القدس بلا رأس اي بلا قيادة ، لان اهل القدس شعروا انفسهم لوحدهم .

الشعار السياسي الواضح ، الادوات الصحيحة ، والاهداف المحددة والقيادة المخلصة والصلبة هي عوامل اساسية لنجاح اية ثورة شعبية ، ومن دون ذلك تبقى محاولات .

والمفروض ان يعرف المواطن من الان وحتى مساء الجمعة ، هل بدأت معركة الاستقلال ام لا ؟ ام انها معركة استنزاف طويلة ومعقدة لا يمكن حصرها بتسمية .