الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

متى سنفيق من غيبوبتنا!!

نشر بتاريخ: 18/10/2015 ( آخر تحديث: 18/10/2015 الساعة: 16:02 )

الكاتب: همام أحمد اليازجي

يراودني كثيرا حال أهل غزة وخصوصاً الأيام القليلة الماضية، والتي تتسم بالضبابية وحالة اللا سلم واللا حرب، والتي أعادت إلى أذهاننا ذكريات الحرب الضروس، حرب الـ ٥١ يوم، التي أكلت الأخضر واليابس وجعلت منا مرضى نفسيين وأدخلتنا في صراع مع أنفسنا بل وغيرت معالم تفكيرنا وأدخلتنا في صراع وتخبط بين البقاء هنا أو الهروب من الواقع المرير.

فكلما اشتدت وطأة الأحداث واشتد القصف والحصار والدمار، يبدأ البعض منا ينادي أين العرب !! وأين حقوق الإنسان!! وأين أصحاب الضمائر!! وأين وأين وأين!! معتقدا أن العالم أجمع منذ أن يستيقظ من نومه صباحا يلتفت بانتباهه إلى غزة ومشاكلها، بل ويطلب تقريراً مفصلاً عن عدد الانتهاكات والإصابات والشهداء والمرضى ومن رفعوا أيديهم إلى السماء لطلب العون من الله.

عندما أجلس مع أبي يبدأ بالحديث عن النخوة العربية والوحدة العربية، وقد أشعر وقتها أن أبي يشعر بقليل من الملل ويريد أن يحكي لي قصصاً كقصص الأطفال، يداوي بها بعض الجروح التي تغص قلبي ممن نُسبت إليهم، فكلما خاض في تفاصيل الحديث " كنا وكانوا والجيوش العربية والوحدة العربية وا.. وا.. " أقرأ في طيات حديثة لهفة الحنين للماضي وكأنه يدافع عن جيله ويقول لي ان هذا ليس الجيل الذي نشأ فيه، محاولا ايصال رسالة لي فحواها أن العروبة أسمى بكثير مما هي عليه اليوم.

ولكنني دائماً أتساءل ، متى سنفيق من غيبوبتنا ونيقن أننا وحيدون في هذه المعركة الأزلية وأننا سنظل كذلك إلى أن نصلح حالنا أولاً، فالعالم أجمع لا يلتفت لغزة ولا لمشاكلها بعد أن أصبحت عبء ثقيل عليه، فهناك أولويات ومصالح إقليمية أكبر من حجم معاناة غزة بالنسبة لهم، بالإضافة إلى أن العرب جميعاً أصبحوا يكترثون لمشاكلهم الداخلية، التي تنهال عليهم من هنا وهناك، وأصبحنا نحن أبناء غزة نشكل خطراً على الأمن القومي لأي مكان نذهب إليه من وجهت نظرهم، الى أن منعنا من الذهاب إلى أي مكان آخر، فالبحر من أمامنا والعدو من خلفنا فماذا نحن فاعلين!!!

فاليوم لا يوجد خالد بن الوليد، ولا المعتصم، ولا صلاح الدين الأيوبي، الجميع اليوم بعيدون كل البعد عن سماع مناجاتنا وصرخاتنا ودعواتنا، وحتى نحن الفلسطينيون لم نعد نسمع بَعضُنَا البعض، ولم نعد نعير اهتمام لثوابتنا الوطنية فأصبحنا نلهث وراء التنظيمات والكراسي والسلطة ومن يَحْكُم ومن يُحكَم.

إنني على يقين تام أن اليوم هو فرصة تاريخية لن تتكرر لجميع القادة والساسة والفصائل والتنظيمات، والتي جاءتهم ليُكفروا عما اقترفته أيديهم والدور الذي لعبه كل منهم في ضياع البوصلة الوطنية، فيتوجب عليهم اليوم نبذ الانقسام والوقف الفوري عن التخوين وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، والاعتذار للشعب عن ثماني سنوات عجاف والعمل فوراً على تعين لجنة لإدارة الأزمة أو ما يسمونه حكومة، فنحن لا يهمنا المسميات والألقاب، ما يهمنا هو أن نضمد جروح وطن مسلوب، ونعيد السفينة لمسارها السليم، فإن لم نعمل على حل مشاكلنا بأيدينا فلن يأتي أحد من الخارج بعصى سحرية ليحل تلك المشاكل ويعيد إلى الشعب حقوقه بعد أن أفقدته الحزبية أي بصيص أمل بمستقبله ومستقبل أبناءه، اتحدوا .. فباتحادكم ستعيدون للقدس كرامتها.