الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لن يفهم الاسرائيليون الا اذا فرض حظر التجوال على تل ابيب

نشر بتاريخ: 19/10/2015 ( آخر تحديث: 19/10/2015 الساعة: 20:15 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لقد اصيب المجتمع الاسرائيلي بالطرش ، ومنذ اعتلى اليمين سدة الحكم وقام يهودي متطرف من جماعة نتانياهو وشارون بقتل اسحق رابين عام 1995 فقد الاسرائيليون حاسة السمع ، ومنذ تلك اللحظة وهو لا يسمع الا صوته ولا يرى الا نفسه ولا يحس الا بذاته المريضة ، حتى ان خبر نقص الحشيش في نوادي تل ابيب صار أهم من خبر مذبحة في رفح او الشجاعية . فكان لا بد من صدمة كهربائية تعيد هذا المجتمع الى وعيه .
الطبطبة الامريكية على ظهر الاحتلال ، والانحطاط الكندي السياسي ، جعل اليمين في اسرائيل يعتقد انه سينجو بكل جرائمه ، وان العالم سيسمح له ان يفعل كل شئ ، بدء من قصف المجمعات السكنية واستخدام الفسفور الابيض وبناء الجدار وعزل القدس واغلاق المؤسسات واقتحام البنوك ومصادرة الارض واعتقال الوزراء واعضاء المجلس التشريعي وصولا الى ترقية ضابط اسرائيلي قتل الشهيد ابو لطيفة من مخيم قلنديا وهو يحاول الذهاب ليلة القدر للصلاة في المسجد الاقصى ، حتى وصل الامر الى استيلاء الارهابيين اليهود على الحكم في الضفة الغربية والخليل ونابلس وبيت لحم والقدس . فصار  نقل الألم الى تل ابيب والى المدن اليهودية داخل الخط الاخضر مسألة وقت .
بشكل مباشر هناك مجرمين يتحملون مسؤولية الدماء التي تراق ، وهم الحاخام ايهودا جليك ، والوزير اوري ارئيل والارهابي ايتمار بن جبير والحاخام المعتوه بنستي . ومن ورائهم وقف الوزير نفتالي بينيت والوزير ايلكين والوزيرة ايلات شكيد والوزيرة ميري ريجيف ومرضى عقليين مثل اريه ايلداد ونير بركات . هؤلاء هم المجرمون ولو كان لدينا قوة وسلطة نافذة لكنا نعتقلهم فورا ، ونحكم عليهم بالسجن المؤبد طوال حياتهم حتى يتعفنوا في الزنازين بتهمة اشعال الحرب الدينية ، ومن الناحية النظرية فان هذا الخيار لم يسقط بعد ، ومهما مرت السنون فان اسماءهم ستظل دائما في لوائح الاتهام الى حين نستطيع تقديمهم للمحاكمة ، وحتى لو انتهى الصراع العربي الاسرائيلي فان جرائمهم لن تسقط بالتقادم وسنطاردهم مثلما طارد العالم ضباط الجستابو ، ونجلبهم امام القضاة الفلسطينيين او الدوليين حتى لو كانت اعمارهم 99 عاما .

أهل تل ابيب وقيسارية والخضيرة وبني براك والعفولة وباقي المدن اليهودية لا يعرفون ( او لا يريدون ان يعرفوا ) ماذا فعل المستوطنون بنا ، وكيف تحوّلت حياتنا الى جحيم لا يطاق ، وكيف احرقوا المساجد والكنائس ونهبوا الزرع وقتلوا الضرع وقطعوا الطرقات ، وكيف حوّل ثلة من الشراذم والارهابيين حياة سكان الخليل الى رحلة عذاب  ، وكيف ان جيلا كاملا في قطاع غزة لم ير الحياة بسبب الحصار والانفصال عن الضفة .وقد عرفوا الان معنى الصراع .

ربما يطلب بعض الساذجين ان تدين القيادات الفلسطينية ضرب السكاكين او العنف ، وهذه سذاجة ترقى الى مستوى الحماقة ، لان ظاهرة السكاكين هي النتيجة وليست السبب ، ومن اجل معالجة جدية علينا ان نشجب الاحتلال والاستيطان والتطرف والكراهية والعنصرية ، وليس ان نلاحق الظل بحثا عن وهم التعايش . وقد يعتقد بعض الخبثاء ان هذه هي انتفاضة القدس فقط وان الامر لا يخصهم ، ولا يدركون ان الانتفاضة اشتعلت من رفح وحتى المطلة ومن عسقلان حتى اريحا ولن يسعفهم خطابات التذاكي ومحاولة تجنّب الموقف .
ستستمر الاوضاع بهذه الطريقة لاشهر ولسنوات ، وقد قلت من قبل انها اكبر من انتفاضة ، لانها ستشمل لاحقا انتفاضة وعمليات استنزاف وثورة وعصيان مدني مع بعضها البعض وفي نفس الوقت . وان الشهيد اياد عواودة لم يقتل اي سرائيلي ، ولكنه صنع صورة غابت منذ عشرات السنين ، وكيف ان شابا فلسطينيا اعزل يركض وراء جندي اسرائيلي مدجج بالسلاح وهو يهرب منه .
سيأتي جون كيري خلال ايأم للمنطقة ليقدم الحلول الوهمية التي تخدم حكومة نتانياهو  ، وربما لا يستطيع الرئيس بروتوكوليا ان يقول له " لا أهلا ولا سهلا"  ، لكن الشعب الفلسطيني وطلاب جامعاته يستطيع ان يرفع اليافطات يوم وصوله وان يقول لمحامي المافيا ( لا اهلا ولا سهلا ) .
ونحن نقولها علنا أننا لا نريد حروبا ولا نريد دماء ولا قتلا ، ولكننا لا نريد هدوء خادعا ووهما متبعثرا في دهاليز الاتفاقات المؤقتة ... وقد يستطيع اليمين الاسرائيلي فتح النيران الحية على طلبة جامعاتنا ،  وقد يستطيع ان يفرض حظر التجوال على رام الله ، لكنه حينها سيكون قد قرر بنفسه ان يفرض حظر التجوال على تل ابيب .
والدهر يومان .. يوم لك ويوم عليك .