الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إتهام نتانياهو للحاج الحسيني رخصة لقتل الفلسطينيين

نشر بتاريخ: 22/10/2015 ( آخر تحديث: 22/10/2015 الساعة: 10:33 )

الكاتب: جبريل عودة

الشيخ المجاهد أمين الحسيني مفتي القدس رحمه الله , كما هم الأبطال الأحرار والوطنيون الأوفياء لقضاياهم , يعيش في الذاكرة الوطنية بمواقفه البطولية المشرفة , والحسيني رحمه الله له مساحة في ذاكرة الصهاينة , كيف لا وقد قاوم مشروعهم الإستيطاني في فلسطين بلا كلل أو تعب , فلقد أفنى الشيخ أمين الحسيني رحمه الله حياته مدافعاً عن قضية فلسطين في كل المحافل العربية والدولية , وبذل جهوده في كل الإتجاهات مع أجل الهدف الأسمى وهو تحرير فلسطين من الإحتلال الإستيطاني الصهيوني المدعوم من بريطانيا دولة الإنتداب على فلسطين , ولقد آمن الحاج أمين الحسيني بأهمية الكفاح المسلح والجهاد المقدس ضد العصابات الصهيونية , والتي كانت تتوسع وتكبر في فلسطين تحت رعاية بريطانيا دعما ًبالقوة المادية والقانونية والقمع الذي طال أبناء شعبنا الفلسطيني من الجيش البريطاني , وفي المقابل كانت بريطانيا تساعد اليهود في إقامة مستوطناتهم وتأمين طرق إمدادهم بالعنصر البشري والسلاح والمؤن عبر الموانئ البحرية , فشكل الحسيني لمواجهة الخطر اليهود النواة العسكرية الأولى لجيش الجهاد المقدس.

وحارب الحاج أمين رحمه الله محاولات اليهود شراء الأراضي الفلسطينية حيث أصدر فتوى اعتبر فيها من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين , وكما نشط الحاج أمين رحمه الله في شراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية , وسافر إلى كل الأقطار العربية والأجنبية طالباً الدعم بالمال والسلاح , للثورة الفلسطينية ضد الإحتلال الإحلالي لفلسطين من قبل العصابات الصهيونية.

الحاج المقاتل والمفتي الواعي أمين الحسيني , حاضر في التاريخ الفلسطيني عنوان وتفاصيل ومحطات مشرقة للتضحية من أجل الغايات الكبرى , فكانت غاية الحاج أمين ومن خلفه أحفاده اليوم هي نفس الغاية تحرير الأرض وحماية المقدسات , ونحن نمضي بإنتفاضة القدس المباركة , تشتد أزمة الكيان الصهيوني في مواجهة غضب الشعب الفلسطيني , فيسعى نتانياهو لحشد الدعم اليهودي في ظل إحساسه بضعف المجتمع الصهيوني , أمام ثورة الحقيقة وغضب الأحرار بعد إندلاع إنتفاضة القدس المباركة , ولعل ما جاء على لسانه أمام المؤتمر الـ73 لـ"الصهيونية" وإتهامه للحاج أمين الحسيني بأنه وراء إحراق اليهود من قبل أدوف هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية, ليقول للصهاينة بأن " المحرقة " بداية معاناتكم كما تروج لذلك الحركة الصهيونية هي من بنات أفكار فلسطيني يدعى أمين الحسيني , ومن ينفذ عمليات الطعن والدعس وإطلاق النار هم أحفاد الحسيني , وأن معركتكم في مواجهة إنتفاضة القدس إمتداد لمواجهة ما يسمى بـ " المحرقة" , ويعطي بذلك للصهاينة إشارة لمزيد من المجازر والقتل كما حدث بالأمس في مدينة الخليل من إعدام الطفلين من عائلة الجعبري بدم بارد , ويقول نتانياهو أن ثأركم أيها الصهاينة مع الفلسطينيين من أحفاد الحسيني في القدس وفلسطين , فالإتهام للحسيني يُقرأ على أنه قرار بالتصعيد اتخذه نتانياهو وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة .

ما تسمى " المحرقة " هي دعاية أرادت بها الحركة الصهيونية أن تصنع مظلومية كبرى لليهود , لتبرر مطالبتها بوطن لليهود أو العمل على تسريع تنفيذ وعد بلفور المشئوم 2 نوفمبر 1917م من قبل الحلفاء المنتصرين على الجيش الألماني وحلفائه من دول المحور .

الا أن إتهامات نتانياهو للشيخ أمين الحسيني رحمه الله , تعتبر بمثابة نسف لصحة الرواية الصهيونية عن حرق اليهود من قبل الألمان , لذلك ترى كثير من الصهاينة عبروا عن غضبهم من تصريحات نتانياهو , زعيم المعارضة الصهيونية اسحق هرتزوع قال " كلام نتانياهو تشويه خطير للتاريخ ويقلل من خطورة المحرقة والنازيين والدور الذي لعبه هتلر في المأساة الرهيبة التي عانى منها شعبنا في المحرقة" وقد طالب نتانياهو بتصحيح كلماته "على الفور".

وقالت دينا بورات وهي مؤرخة صهيونية في نصب ضحايا محرقة اليهود (ياد فاشيم) في القدس المحتلة، ان تصريحات نتانياهو لم تكن "دقيقة تاريخيا".

وأضافت "هذه الفكرة كانت موجودة عند هتلر قبل لقاء الحسيني به في نوفمبر 1941 واعلن عن نيته خلال خطاب القاه امام البرلمان الالماني في 30 يناير 1939، حيث تحدث هتلر بالفعل عن ابادة للعرق اليهودي".

نتانياهو يعلم جيدا كذب إدعائه ضد الشيخ الحسيني وأن إستخدامه لـ " المحرقة " بإضافة مشارك جديد في إرتكابها, يكشف مدى العجز والإحباط والمأزق الذي يعيشه المشروع الصهيوني , وأن الخطر أصبح محدقا بالوجود الصهيوني في فلسطين , لذا يحاول شحن الصهاينة لمرحلة قد تتصاعد فيها إنتفاضة القدس بفعل القمع الصهيوني المتزايد , وعلى ما يبدو أن نتانياهو قد إتخذ قرار التصعيد والحرب على الكل الفلسطيني, فالعقلية الصهيونية الذي تُجرم كل من يُنكر " المحرقة " ترفض بالمطلق التصالح مع كل من شارك وساهم في ما تسمى " بالمحرقة " , فكيف بشعب قائده أرشد هتلر على طريقة القتل بالحرق لليهود كما جاء على لسان نتانياهو ! .

وبذلك يكون نتانياهو قد ذهب إلى مرحلة اللاعوده في تصعيد الموقف في الضفة والقدس , ليهرب من مأزقه السياسي وخشيته من إنهيار حكومته المتطرفة الهشة , ويعكس ذلك القرارات الأخيرة ببناء المزيد من المستوطنات في الضفة المحتلة, وإطلاق يد المستوطنين والشرطة والجيش الصهيونيين في إستخدام القوة القاتلة ضد الفلسطينيين لإرضاء غلاة المتطرفين من الوزراء في الائتلاف الحكومي .

الحاج أمين الحسيني رحمه الله يمثل الفلسطينيين وإتهامه هو إتهام للشعب الفلسطيني, وإتهام لكل من يسعى من القادة الفلسطينيين للمطالبة بالحق الفلسطيني , فالإتهام للحاج الحسيني هو دعوة للقتل ورخصة للمجازر أصدرها رأس الهرم السياسي الصهيوني للمتطرفين من الصهاينة لإرتكابها ضد الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة, وأمام هذا المشهد ليس أمام شعبنا الا الوحدة في الموقف والقرار , وأن أي تأخير في إتمام المصالحة والوحدة هو خدمة للمشروع الصهيوني , وخذلان لقوافل الشهداء وطوابير المقاتلين الأوفياء وحشود الأحرار المنتفضين في شوارع الوطن المحتل.