نشر بتاريخ: 23/10/2015 ( آخر تحديث: 23/10/2015 الساعة: 10:59 )
الكاتب: جهاد حرب
(1) جنون نتنياهو ... وجنون اسرائيل
أوضح الاستنتاج الذي توصل اليه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في اعادة قراءته لتاريخ الهلوكوست "محرقة اليهود"، بأن الحاج امين الحسيني هو صاحب فكرة اعدام اليهود وذبهم وتبرئة النازية وزعيمها هتلر، أنه وصل حد الجنون وليس الكذب فقط لتحريفه التاريخ للوصول الى فكرة أن الفلسطينيين يكرهون اليهود كأتباع ديانه.
وهو يريد بهذا الوصل الى الاستنتاج التالي؛ أن زعيم الفلسطينيين الحالي الرئيس محمود عباس هو كأسلافه يحرض على قتل اليهود، وذلك من خلال الاستهداف المتكرر في تصريحاته للرئيس الفلسطيني محمود عباس واتهامه بالتحريض على العنف والإرهاب. هذا الامر محاولة لإعادة انتاج، ما تم في العام 2000 من استهداف شخصي للرئيس ياسر عرفات، للهروب الدائم من اسباب تفجر المواجهة الكامن في الاحتلال ذاته.
هذه المرة من كُثر ما أوغل نتنياهو في فاشيته وقع في المحظور وهو المساس في جوهر الرواية الاسرائيلية حول الهلو كوست ذاته وتزييف التاريخ وتحريفه لغايات سياسية ضيقة ينم عن وصول نتنياهو الى حد الجنون ما أفقد صواب ليس فقط ساسة اسرائيل بل أصحاب المحرقة ذاتهم.
هستيريا رئيس الحكومة الاسرائيلية في الحكم والسيطرة والامن أوْدَتْ بمؤسسات الحكم ومجتمعه الى حد الجنون، وارتكاب أجهزة أمنه ومستوطنيه اعدامات بحق الفلسطينيين "اعدمات خارج نطاق القانون" على اساس عنصري في شوارع المدن، دون تحقق من وجود تهديد أو استخدام تدابير الحماية الكفيله بعدم القتل من قبل شرطة الاحتلال وجنوده. فشعار الموت للعرب العنصري الذي رفعه غلاة اليمين الاسرائيلي تحول الى سياسة حكومية رسمية ومنهجا للمجتمع الاسرائيلي ما أوقع خلال هذا الشهر قتيلين اسرائيليين على ايادي الاسرائيليين أنفسهم لكون لون بشرتهم أقرب الى الفلسطينيين أو لكونهم يحملون سكين مطبخ في أيديهم.
(2) بان كي... without moon
قلق الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "Ban Ki-moon"، الذي صرح به خلال اليوميين الفارطين من استمرار المواجهة الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وعدم القدرة على الوصول الى تهدئة في مشاورته، أضحك الفلسطينيين وباتوا يتندرون عليه عبر شبكات التواصل الاجتماعي بإنتاج دواء لقلق بانكي مون. كما أن بان كي لا يحمل من اسمه شيئا على ما يبدو؛ فهو لم يقدم ضوءا لهذا النفق "المواجهة الحالية"، ولم يستطع الى اليوم أن يرى "يكشع" بالضوء الذي يحمله في اسمه "moon" أن المشكلة الحقيقة في الاحتلال وإجراءاته، وليس في ردة الفعل ذاتها على الاحتلال وممارساته القمعية عند مساواته ما بين الضحية والجلاد في مطالبته لوقف التحريض والعنف من الطرفين غير المتكافئين.
(3) تنظيم الحراك الشعبي
بعد ثلاثة اسابيع من الحراك الشعبي وموجة المواجهة العنيفة مع الاحتلال الاسرائيلي، بات على المنتفضين في الميدان النظر الى تطوير اسلوب قيادة هذا الحراك والتأسيس لمرحلة جديدة من النضال والفعل الفلسطيني، بهدف للحفاظ على الحالة "الثورية" الكامنة في هذا الحراك من ناحية، واستثمار القدرات الفلسطينية المختلفة من ناحية ثانية، ودمج أكبر ليس فقط للشباب بل لأطياف المجتمع وشرائحه المختلفة من ناحية ثالثة.
فالمقاومة الشعبية لا يوجد لها شكل واحد أو اسلوب واحد بل هي بالضرورة لديها القدرة على استثمار قدرات كل فلسطيني وإمكانياته في حال توفرت قيادة قادرة على توجية وتنظيم وتأطير الجماهير، هذه القيادة سمتها طليعية بعملها الميداني، وتفكيرها وإبداعها لأشكال المقاومة، وقدرتها على تحشيد الجماهير في الفعل المقاوم، ولن تكون كذلك إلا اذا كانت شابه.
كما المقاومة لا يوجد شكلا واحدا أو اسلوبا واحدا لقيادة الحراك الشعبي أو المقاومة الشعبية؛ فالقيادة الموحدة للانتفاضة الاولى مصدر قوتها هي الفصائل الفلسطينية الثورية آنذاك، وهيئة القوى الوطنية والإسلامية في الانتفاضة الثانية جاءت كحل وسط ما بين مؤسسة الحكم والفصائل الفلسطينية.
لا يدعي صاحب هذا المقال أن لديه وصفة جاهزة لإنتاج شكل قيادة للحراك الشعبي الحالي، لكنه يظن أن انشاء تنسيقيات محلية فوق حزبية تتمتع باللامركزية قد تكون اكثر قدرة على الحركة وإبداع اشكال المقاومة في مواجهة جنود الاحتلال ومستوطنيه وفقا لمتطلبات وإمكانيات كل موقع وطبيعة المواجهة فيه، وأقل خضوعا لضغوط قيادة الفصائل التي باتت غير قادرة على مواكبة حركة الجماهير.