الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مهرجان خطابي!!!!!!!!!!

نشر بتاريخ: 25/10/2015 ( آخر تحديث: 25/10/2015 الساعة: 10:25 )

الكاتب: صادق الخضور

بعض القوى والفصائل اختارت شحذ الهمّة بمهرجان خطابي، رغم أننا سئمنا كل الخطابات والشعارات الرنانة، وإذا كانت قيادة حركة ما للأحداث الجارية لا تروق للبعض، فالرد لا يكون بهذه الطريقة، ولا بمزيد من التنظير، وبدلا من أن تكون هناك مبادرة لطي صفحة الانقسام ، تتواصل حالة التعامل مع الشأن الأهم فلسطينيا وهو الوضع الراهن بمنطق أن مجيء الأحداث بعد خطاب السيد الرئيس في الأمم المتحدة قد يسجّل له، فأي منطق هذا الذي يتبناه الخطابيون؟
لو كانت الخطابة تجلب قيادة وريادة، لتسيدنا العالم منذ زمن القس بن ساعدة، ولما توالت هزائمنا التي باتت محفورة في ذاكرة التاريخ، وحتى في مرحلة الانتصار للخطابة التي راقت للبعض نفشل في إيصال خطاب وحدوي، واللغة المستخدمة أحيانا تفصل بين الضفة والقدس، وبين غزة وبينهما، وكأنه يراد لفلسطين الذوبان في ظل تقسيم جغرافي بعد أن قسمها الانقسام فعلا.

مهرجان خطابي، وفي الوقت ذاته؛ حرص على الانتقاد الدائم لأي خطاب يلقيه الرئيس، والمواقف الممهورة بالأحكام المسبقّة جاهزة، فحتى قبل خطاب الرئيس في الأمم المتحدة كانت التعليقات السلبية تحديدا جاهزة، وتوالى الأمر مع كل خطاب للرئيس عباس، وهو ما يجعل البعض في دائرة نمطية يحكمها منطق ينطبق عليه المثل الشعبي" عنزة ولو طارت"، وفي هذا التوقيت، ويبدو أن كثيرين لا يعون بعد حراجة الموقف وحساسية المرحلة، أو أنهم يعونها لكن يريدون القفز عن متطلباتها، وتواصل حالة الانقسام سيكون سببا في إنهاء أيّة هبّة جماهيرية مهما بلغت درجتها، والموضوع برمتّه بحاجة إلى تقييم موضوعي شامل، أمّا اتخاذ موقف المتفرّج وتبنّي مواقف استعراضية، ومواصلة تعزيز الانقسام فهذا ما لا يمكن تقبله.

لقد شكّلت خطابات الرئيس محمود عباس خطوة على طريق تحفيزنا على التأمل والمراجعة، وإذا كانت هناك استحقاقات مترتبة عليها، فالأولى أن يكون وضع حدّ للانقسام في طليعتها، وعدا ذلك؛ سيبقى الدوران في حلقة مفرغة تعزّز الوضع القائم على صعيد العلاقة الداخلية الفلسطينية هو النهج المسيطر.
تتواصل الأحداث، وقد نجد أفسنا بعد فترة على موعد مع مهرجان تلفازي تضامني، وكأن الدعم والإسناد مات في إطار wireless في انتصار للتكنولوجيا، وتسجيل المواقف عن بعد.

حتى الخطاب الإعلامي بات مبتورا وموجها، فأحداث كبيرة تمر مرّ الكريم، ومن يدقق في شريط أخباري لفضائية تتبع فصيلا معينا يرى كيف أنها كتبت العشرات يشاركون في تشييع الأسير الدربي أي أن العدد وفقا لها لم يتجاوز مئة، مع أن وسائل الإعلام كلها أكدت أنهم آلاف، في حين تقول قبل أيام: شارك آلاف في تشييع من يتفق ومعها، هي مجرد ملاحظة قد تكون عابرة، لكنها بلا شك يجب أن تكون مؤشرا على ما يجب أن يكون من توحيد مواقفنا، واستعادة وحدتنا، والاهتمام أكثر بطبيعة خطابنا الإعلامي، كيف لا، ونحن الذين نريد للخطابة أن تكون صاروخا عابرا للفضائيات؟

الخطاب الإعلامي الفلسطيني مبتور ومنقوص، فلا زلنا لا نخاطب إلا أنفسنا، وقد ذهبت مطالبات الكثيرين بضرورة وجود فضائية باللغة الإنجليزية أدراج الرياح، فظلت التغطية موجهة لنا نحن الذي نعيش الحدث، ومن هنا، لم نشهد حتى الآن الزخم الجماهيري المتعاطف معنا دوليا، ووجود غضائية باللغة الإنجليزية مع استقطاب كادر مهني خيار يجب أن يتم الانتصار له، وكان يجب أن يتم منذ زمن.

على أيّة حال، الأحداث تتواصل، والتأمل والنقد الذاتي مطلب وضرورة، والكثير مما يندرج في إطار الهبّة الشعبية المتواصلة يجب أن يكون موضع مراجعة وتأمّل أولا بأول، ومع مرور أقل من ثلاثة أسابيع؛ نجد أن المنطق الجهوي الذي رسخه الانقسام تعزّز بشكل واضح؛ على الأقل على مستوى القوى والفصائل، لا على مستوى الجمهور العادي.