نشر بتاريخ: 27/10/2015 ( آخر تحديث: 27/10/2015 الساعة: 17:39 )
الكاتب: عطا الله شاهين
جاءتني ذات مساءٍ تلك المرأة كعادتها حزينة حينما كُنْتُ احتسي قهوتي في مقهًى هادئٍ وقالتْ : أتدري أيّها الصّديق ما زالتْ نظرةُ المجتمع للمرأةِ دونيّة .. فنظرتُ إلى وجهِها المليء بالتّجاعيدِ وقلتُ لها : نحن نعيشُ في مجتمعٍ ينظر إلى المرأةِ بأنَّها أُنثى فقطْ ، فتنهّدتْ وجلستْ على كرسيٍّ مصنوعٍ مِنَ القشِّ وطلبتُ لها فنجانا من القهوة ورحنا نتحدَّثُ عن هُمومِ المرأةِ والمشاكل التي تواجهها إلا أنّ الحُزْنَ ظلَّ بادياً على سحنتِها الجميلة وقلتُ لها أنتِ دائما تحملين الهُموم لأنّكِ لا تستطيعي تغييرَ النَّظرة للمرأةِ هنا مِنْ خلالِ كتباتكِ وندواتكِ .. فابتسمتْ وقالتْ : لكنْ سأظلُّ أقولُ بأنَّ المرأةَ يجبُ أنْ تتساوى بالرّجُلِ.. وصمتت لفترة ، وراحتْ تنفثُ دُخانَ سيجارتها في الهواء ونظرتْ صوبي وقالتْ : هنا يحتقرون المرأة المُدخِّنة..
فسألتها والشّمسُ كانتْ توشكُ على المغيبِ ماذا تتوقعين مِنْ هذا المجتمع ؟ فهنا لا يُحبُّون المرأة المُدخِّنة ولا المرأة المُتعلّمة ولا المُثقَّفة ويريدون بأنْ تظلَّ المرأةُ ضعيفةً وصامتةً وخانعةً.. فابتسمتْ وقالتْ : صحيح هنا يريدون مِنَ المرأةِ بأنْ تظلَّ منقادةً خلفَ الرّجُلِ ويريدون امرأةً ساكتةً على حقوقها ويريدونها أنثى فقطْ للولادةِ لا غير مع أنَّ المرأةَ في المُجتمعاتِ المتحضِّرة تقودُ دولة .. فنعدل من جلستنا ونرتشف بقية القهوة ونهمُّ بالخروجِ ولاحظتُ بأنَّ الحُزْنَ كانَ يملأُ عينيها..
أذكرُ بأنّني ودّعتها وقلتُ لها لا يمكنكِ تغيير النَّظرة لأنّ المجتمعَ يصعبُ عليه الفهمَ بأنَّ المرأةَ مساويةٌ للرجُلِ .. فهزّتْ برأسِها المُثقل بالهمومِ وقالتْ : ولكنّني يا صديقي سأبقى أُدافعُ عنْ المرأةِ في كتاباتي وندواتي وسأثبتُ للمجتمعِ بأنَّ المرأةَ ليستْ أُنثى .. فهي في النّهايةِ إنسانٌ لها مشاعر وأحاسيس وحقوق وباستطاعتها أنْ تقودَ دولةً وتحكمُ كأي رجلٍ مع أنّني بدأتُ أُحبط رغم كبر سِنّي ، ولكنّني سأظلُّ أتحدَّثُ عنْ همومِ المرأة العربية بشكلٍ عام حتى يفهمُ المجتمعُ بأنَّ المرأةَ ليستْ أُنثى فقطْ ..
وفي الطريقِ تذكَّرتُ تلك الجلسة الحزينة مع امرأةٍ رائعةٍ لأنّني رأيتُ في عينيها مآسيّ وأحزاناً على الرّغمِ مِنْ أنَّها امرأةٌ قوية ..