نشر بتاريخ: 27/10/2015 ( آخر تحديث: 27/10/2015 الساعة: 16:07 )
الكاتب: بركـــات الفــرا
بينما كنت سفيراً لبلادى لدى جمهورية مصر العربية إلتقيت غالبية السفراء الأوربيين وغيرهم وإلتقيت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية آنا بترسون مرتين وفي كل لقاءاتي كنت أحذر أن الشعب الفلسطيني لم يعد قادراً على تحمل إستمرار الإحتلال الإسرائيلي، وقد تنفجر الأوضاع في أية لحظة، وإذا وقع الإنفجارلن يستطيع أحد أن يوقفه أو يتوقع مدى تداعياتة إقيلمياً ودولياً، لذلك فإذا كان الغرب معني بالسلم والأمن الدوليين فعليه أن يعمل بجدية لإرغام إسرائيل على إنهاء إحتلالها لأرض دولة فلسطين، وكنت أقول لهم إذا وصل الإنسان الفلسطيني إلى نقطة يتساوى فيها الموت مع الحياة جراء الإحتلال وسياساتة التعسفية سينطبق قول الشاعر:
وإِذَا لَمْ يَكُـنْ مِنَ المَـوْتِ بُـدٌّ ................... فَمِنَ العَـارِ أَنْ تَمُـوتَ جَبَانَـا
وفي لحظة وتحت ضغوط الإحتلال وحصار القدس وتدنيس المسجد الأقصى المبارك والإعتداء على حرمتة من قبل قطعان المستوطنين وتحت حراسة الجيش والشرطة الإسرائيلية، والعمل على إقتسام المسجد زمانياً ومكانياً توطئة لبناء الهيكل المزعوم لتمهيد الطريق للعودة الثانية للسيد المسيح علية السلام، ومع الإعتداء على النساء ومنع المصليين وفي ظل صمت عربي ودولي وضجيج فلسطيني، قام شباب بيت المقدس بتفجير الوضع وشاركهم على الفور الشباب الفلسطيني في ربوع الوطن، هذا الإنفجار غيرالمتوقع سيتلوه إنفجارات أخرى وأقوى ولن يستطيع أحد أن يوقفة،
لا أدري لماذا يجهد الكثيرون أنفسهم بسؤالهم هل هذا الإنفجار هبة جماهيرية أم أنتفاضة ثالثة ؟. هل هذا التساؤل هو من اجل أن الهبة الجماهيرية يمكن أن تخمد وتفقد قوة دفعها ومن الصعب إستمرارها، إما الإنتفاضة تستمر ومن الصعب إخمادها حتى يقرر أصحاب السؤال اللحاق بالركب أم الإكتفاء بمراقبة الأوضاع؟
إن مَنْ لا يستوعب حركة الجماهير لن يتفهم ولن يستوعب خطورة القادم، حركة الجماهير من القوة بحيث لا يستطيع أحد أن يوقفها ولو إستخدم ضدها الدبابات والطائرات وجيش مدجج بالسلاح. ولقد شاهدنا حركة الجماهير في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، فقد أطاحت بعروش حكمت عدة حقب زمنية متتالية، وشعبنا وشباب هذا الشعب غضب وهب وانتفض على عدوه الإسرائيلي الذي يحتل أرضه ويحول دون إستقلاله ويدنس مقدساته ويحرمه من أدنى حقوقه المتمثلة في الحرية والإنعتاق الذاتي، هذا العدو الذي فاوضناه ربع قرن من الزمن كان نتيجتها تغول الإحتلال، وعربدة المستوطنين وإستشراء الإستيطان في الضفة الغربية وتمزق أوصالها وتحولها إلى كانتونات معزولة يستحيل معها إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إضافة إلى تهويد القدس وإنتهاك حرمة المسجد الأقصى والإذلال اليومي والإعتقالات والمداهمات وتحويل السلطة الفلسطينية إلى مجرد سلطة لتقديم الخدمات بدون إى سلطة على الأرض و بدون قدرة على حماية شعبها ومقدساته، وإنعدام وجود أى أفق لزحزحة الأمر الواقع إيجابياً. إضافة إلى ذلك أوضاع داخلية فلسطينية متردية وتعيش حالة صعبة ما بين الإنقسام البغيض والأُطر التشريعية والتنفيذية التي تحتاج إلى تجديد ومنظمة التحريرالتى تحتاج إلى إعادة هيكلة وإحياء دورها بوصفها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، كل هذه التراكمات أدت إلى أن يفجر هذا الشباب الذى هو في عمر الزهور "جيل أوسلو" ،الوضع ويحمل على عاتقه راية حماية المسجد الأقصى وراية الحرية.
إن المستغرب والعجيب هذا الموقف المخجل للفصائل والتنظيمات الفلسطينية وكأن على رأسها الطير، مازالت تتفرج وتترقب وتحلل وتنتظر واكثرهم تفاعلاً فقط عبر الشاشات الفضائية وبالخطب الرنانة والعبارات الجوفاء، التى لا تقدم ولا تؤخر يشعرك موقفها هذا بأنها تنظيمات عاجزة وخائفة ومرتعشة، تخشى على نفوذها و مكتسباتها،و كأن حالها يقول متى تنتهي هذه الهبة الشبابية!. ستندم هذه التنظيمات وحيث لا ينفع الندم على موقفها غير المفهوم ،لن يرحمهم التاريخ و لن يرحمهم الشعب إذا ما إستمروا على حالة الجمود واللامبالاه و التواهن.
إن إستمرار هذه الغضبة الشبابية و تساقط الشهداء كل يوم وضع إسرائيل والعالم أجمع فى مأزق، فما يقدموه من تضحيات كل يوم أعاد مكانة القضية الفلسطنية إلى صدارة الأحداث في العالم، كما أن هؤلاء الشباب وضعوا النظام الفلسطيني بتنظيماته وفصائله فى مأزق وإمتحان صعب ،فإما أن يكون النظام بمكوناته مع غضبة الشباب ويقف معهم ويحميهم ويوصل تضحياتهم إلى العالم. ويوضح أن نضالهم ضد عدو يحتل أرضهم منذُ سبع حقب زمنية جعلهم يعيشون بلا أمل في المستقبل. إذا قام النظام بهذ الدور ستتغير المعادلة علي الأرض وإقليمياً ودولياً وستشكل بداية حقيقة وعد تنازلى للحرية والإستقلال ودحر الإحتلال، فالمحتل الصهيوني لا يعرف إلا لغة الخوف ولغة القوة وهذه الغضبة الشبابية وهذه الهبة وهذه الإنتفاضة سميها ما شئت تلقن العدو كل يوم درساً قاسياً وتؤكد له أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بإستمرار الإحتلال وتدنيس المقدسات ولن يفرض إرادته على شعبنا مهما كلف ذلك من تضحيات.
أما إذا ظل النظام الفلسطيني بتنظيماته وفصائله يراقب ويحلل المشهد ويكتفي بالخطب وعبارات التشجيع وتقديم الشكاوي إلى مجلس الأمن و جامعة الدول العربية وغيرهم، هنا الخشية أن أما أن يحبط هذا الشباب و يصاب بمزيد من خيبة الأمل أو يصبح غضب هذا الشباب غضبان، غضب على العدو الصهيوني المتغطرس، وغضب على التنظيمات والنظام السياسي وهنا تكون الطامة الكبرى التى لا نتمنى بأى حال من الأحوال الوصول إليها.
يجب الا يكون خيارنا الوحيد المفاوضات ثم المفاوضات، يجب أن يكون هناك خيارات بجانب المفاوضات من بينها المقاومة كما كفلها القانون الدولي، مقاومة الإستعمار الصهيوني بكل قوانا حتى تنكسر إرادة هذا العدو المتغطرس و ينسحب من أرضنا وللابد.
السؤال أين المفكرين والنخبة من أبناء الشعب الفلسطيني؟، لماذا هم صامتون أيضاً؟، عليهم أن يبادروا و يمارسوا دورهم الريادى في وضع الأمور في نصابها الصحيح، فنحن كل يوم يتساقط منا الشهداء. إيها المفكرون حركة الجماهير تيار قوي كالسيل العرم يجرف كل مايعترض طريقه، وحركة هؤلاء الشباب ربما أقوى من السيل العرم قد تتحول إلى توسنامي.
تحية إلى الشباب الرائع المبدع، الخلاق الذى حمل روحه على أكُفه دفاعاً عن الوطن والقدس والمقدسات. والرحمة على الشهداء الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض القدس والوطن والشفاء للجرحى والحرية للأسرى وعاشت فلسطين وعاشت مقدساتنا الإسلامية والمسيحية وخسئ المحتل الغاصب العدو الصهيوني البغيض.