نشر بتاريخ: 01/11/2015 ( آخر تحديث: 01/11/2015 الساعة: 11:22 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
بدون غضب لا يوجد إنتصار، وبدون غضب لا توجد حرية، الغضب يفجر طاقات الإنسان، والسؤال كيف نهذب هذا الغضب لتستمر معركتنا مع الإحتلال و إستثمارها وطنياً على مستوى العلاقات الداخلية وتوطيدها ونزع فتيل الإنقسام، ومواكبة الإنتفاضة ودعمها وتطوير بقاءها و إستمرارها، وتحديد طبيعة النظام السياسي و العلاقة مع الإحتلال، وتفعيل القرارات التي أتخذها المجلس المركزي الفلسطيني.
الشبان الفلسطينيون يعبروا عن غضبهم من الحال الذي وصلنا إليه و إستمرار الإحتلال ورفضه و مقاومة سياساته العنصرية والفاشية والقتل اليومي. وفي حالتنا التاريخ يعيد نفسه ويكررها، و يعلمنا التاريخ أن القيادة الفلسطينية والفصائل لم تقرأ التاريخ ويتعلموا من دروسه وعبره البعيدة والقريبة، وأن عليهم مراجعة تجربتهم وقراءتها مرات، وفتح نقاش وطني جدي حولها، والأغبياء يدركوا دائما ذلك بعد فوات الأوان.
وما نعيشه هذه الفترة هو إنتاج الغباء والعجز من القيادة والفصائل الذين لم يقرؤا تجاربنا بما فيه الكفاية، فيما دولة الإحتلال تقرأها جيداً وتحاول إنتاجها بما يخدم مصالحها. في الذكرى العشرين لإغتيال إسحاق رابين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "إن الفلسطينيين لم يتنازلوا عن حلم العودة إلى حيفا ويافا، و إنه يجب تبديد أمل الفلسطينيين في هزيمتنا بقوة السيف، وحين يدركون أن ذلك ليس بمقدورهم، يمكننا إعادة السيف إلى غمده".
هي تصريحات الفاشية و التهديد وكي الوعي وإنكار حقنا في تقرير المصير والحرية، و مع إدراكه أن الفلسطينيين لن ينسوا ولن يستسلموا، وأن من راهنوا على نسيان الصغار فهؤلاء الشبان والفتية هم الذين يتحدوا المحتل، حيث اعتبرت تحليلات وتصريحات مسؤولين أمنيين إسرائيليين نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، أن التفاهمات بين إسرائيل والأردن والولايات المتحدة حول الوضع في المسجد الأقصى والسماح للمسلمين فقط بالصلاة فيه بينما يسمح لليهود بزيارته، لن تقود إلى تهدئة الأوضاع في القدس المحتلة.
و أنه مع دخول الإنتفاضة أسبوعها الرابع في مرحلة جديدة و إنتقالها من القدس، و بدأت في الأسبوع الأخير تتمركز في الضفة الغربية وتحديدًا في مدينة الخليل حيث الاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والمستوطنين أكثر من غيره، و إنه حتى لو خفت وطأة التصعيد الآن أو توقفت العمليات، هذا لا يعني أنه الموجة انتهت، فنحن نجلس على برميل بارود متفجر، وبدون حل سياسي سنبقى نواجه ما نواجهه اليوم.
و إن إسرائيل تواجه صراعاً متواصلاً ربما تتصاعد وتيرته ويحدث تغييرات في الساحة الفلسطينية، بدون مبادرة سياسية تبقى كل الظروف متوفرة للانفجار، والخوف الأكبر هو أن تفقد السلطة الفلسطينية السيطرة على مناطق نفوذها، وعندها لا يمكن التنبؤ بما قد يحدث.
نتانياهو والإسرائيليين لم يسألوا أنفسهم لماذا لم يتنازل الفلسطينيين عن حلم العودة ولماذا يقاوموا بغضب؟ وعن أي حل يتحدثون وأي مبادرة سياسية؟ حتى الآن لم يدرك نتانياهو وعموم الإسرائيليين أن الفلسطينيين يتحدوا المحتل الذي شردهم وسلبهم أرضهم وحقهم في بلادهم، وأن من أبسط حقوقهم الثورة والتمرد على المستعمر من أجل الحرية.
ولم يسأل لماذا تمرد الشبان والوضع العربي وموازين القوى لا تلعب لصالحهم والعرب يعيشوا الفرقة والهزيمة؟ فهو يدرك أو لا يدرك أن فلسطين هي المحور والبوصلة، وانتفاضة الشبان هي لتحريك الراكد العربي، و التمرد على الاحتلال والمهزومين من أنظمة العرب والقيادة المرتبكة، وضد أصحاب المصالح التجارية والفئوية والانقسام، وخطط إسرائيل بتعميق الإنقسام و الإنفصال بين الفلسطينيين في غزة والضفة وفلسطيني الداخل.
هو النهوض الفلسطيني والتمرد على القيادة والفصائل الهرمة المهزومة التي فقدت روح المبادرة والإبداع في مقاومة الإحتلال، و إنتقدت تفاهمات كيري حول المسجد الأقصى بخجل وخوف، و أدمنت الشعارات والتنسيق المكتبي و الإجتماعات والنقاشات التي تبحث في التظاهرات السلمية و الإستثمار السياسي، ولم تبحث في قراءة التاريخ و المراجعة والوحدة، وشباب وصبايا القدس والخليل الغاضبين يدفعون ثمن رعب وخوف المستعمر وفاشيته، والتهديد باستمرار إشهار سيفه لقتل الفلسطينيين.