الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتصار المحتوم على "الوعد المشؤوم"

نشر بتاريخ: 03/11/2015 ( آخر تحديث: 03/11/2015 الساعة: 09:52 )

الكاتب: نبيل دياب

أعوام مضت على تشريد شعبنا الفلسطيني نتيجة " وعد بلفور - ذلك الوعد المشؤوم " الذي بموجبه منحت بريطانيا إبان انتدابها الاستعماري على فلسطين حق انشاء "كيان و دولة اسرائيل " على حساب تدمير و شطب الوجود الفلسطيني .
فحلّت بشعبنا فصول النكبة و الاقتلاع و فقدان الوطن و تغلغل الاحتلال و انتشار خلاياه السرطانية و تكبده معاناة النزوح و اللجوء و عانت ما عانته اجياله حتى يومنا هذا ويلات هذا الاحتلال الذي سلب حقه في ارضه و التمتع بسيادته الوطنية عليها ، و حرم من أبسط مقومات الحياة بفعل ما مارسه هذا الاحتلال الدخيل من تمييز عنصري و سياسات قمعية .

و منذ السنوات الاولى التي تبعت هذا الوعد المشؤوم وفي عشرينيات هذا القرن جرت مجابهته و محاولات مضنية لاسقاطه من خلال مقاومة الانتداب الاستعماري البريطاني في فلسطين و قدم شعبنا الشهداء و على رأسهم " عطا الزير و محمد جمجوم و فؤاد حجازي " الذين صلبوا على المشانق و أعدموا امام الناس في وضح النهار و غيرهم الكثيرين ممن واصلوا طريق المقاومة حتى تم جلاء الانتداب البريطاني الاستعماري عن فلسطين و برز امام شعبنا و مقاومته العدو الاكبر " الاحتلال الاسرائيلي ".

و من هنا ادرك شعبنا انه سيواجه عدوا كبيرا يحظى بدعم و اسناد عالمي من دول تنكرت لحق الوجود الفلسطيني و أنه قد وضع بين مطرقته و سندان تكالب القوى ذات المصالح التي لا تعرف لحرية شعبنا اي معنى ، فعقد العزم على دحره فبدأ بتصعيد المقاومة التي مرت بمحطات امتدت منذ عام 1948 حتى يومنا هذا فتنوعت اساليبها و اشكالها فدفع خلالها الكثير من التضحيات الجسام عشرات الاف الشهداء و الجرحى و الاسرى و المبعدين و البيوت المهدومة و الاراضي المصادرة و رغم هذا كله فقد ظل متمسكا بهويته الوطنية التي لطالما سعى الاحتلال لطمسها و تذويبها عبر مخططاته التصفوية المتلاحقة و محاولاته لخلق الوطن البديل و التوطين في ارض غير فلسطين ، و بقي مدافعا عن عدالة قضيته يستند في نضاله المشروع الى قوة الحق و اليقين بانه المالك الحقيقي لهذه الارض و انه المنحدر الاصلي من تربتها بالاضافة الى ارتكازه على دعم و اسناد احرار العالم ممن يؤمنون بعدالة قضيته الوطنية و حقه في استرداد حقوقه المسلوبة و ايمانه بحتمية الانتصار رغم الثمن الباهظ الذي ما زال يدفعه ، فهو يدرك تماما ان لا حرية بلا ثمن و لا انتصار بلا تضحية فسقطت رهانات ثنيه و محاولات كسر ارداته على اعتاب صموده و اصراره و لعل ما سجله من انجازات وبطولات خلال سنوات نضاله خير دليل على انه شعب سيظل يناضل لاسترداد حقوقه و الدفاع عن كرامته الانسانية و الوطنية يرفض الاحتواء و أنصاف الحلول أو الحلول المجتزأة و لن يقبل بأقل من بسطه لسيادته الوطنية على دولته المستقلة و عاصمتها القدس لا وجود و لا تواجد لاي شكل من اشكال الاحتلال و لا الاستيطان عليها فقد سئم شعبنا هذا الوجود القسري له فهو الذي سلبنا الحق في العيش الكريم و حرمنا من بناء مستقبل واعد لاجيالنا الحالمة بالامن و الطمأنينة و الاستقرار .

 و اليوم شعبنا ما زال يناضل من اجل وجود سيادي يرسخ فينا من جديد المواطنة و يعزز الانتماء و يزيد من صلابة البذل و العطاء و البناء لمستقبل تستثمر فيه الطاقات و الابداعات الخلاّقة و تحقيق الذات و الكيانية التي غيبتها سنوات الاحتلال ، وجود سيادي يتيح لنا حق التواصل مع مكوننا الجغرافي و السياسي المتكامل لا ينقطع عن الاتصال الحقيقي بالعالم فيقف من يمثله في مختلف محافله على قدم و ساق اسوة بباقي شعوب المعمورة ، هذا الانتصار الذي يسعى شعبنا لتحقيقه و عدم التنازل عنه فهو يؤمن تماما بهذه الحتمية اللامتناهية ، انتصار حقيقي ينقله من الذل و الهوان الى الحرية و الاستقلال .

ففي هذه الذكرى الاليمة يتوجب على كل من تسبب في ضياع حقوق شعبنا و ألحق الاذى به و بمصير اجياله تحمل المسؤوليات و الاعتراف الجاد و المسؤول اليوم قبل الغد بالذنب و الجرم التاريخي و التكفير عن هذا الذنب بشكل يضمن عودة الحق لاصحابه حق يكفل تحقيق انتصارنا ببسط سيادتنا الوطنية و ترسيخ دعائم دولتنا المستقلة فلن يقبل شعبنا تعويضه عن سنوات حرمانه بأقل من هذا الحق و أدنى من هذا التكفير عن هذا الذنب الذي لن يغفره شعبنا الفلسطيني طالما بقي رازحا حتى نير الاحتلال .