نشر بتاريخ: 05/11/2015 ( آخر تحديث: 05/11/2015 الساعة: 13:58 )
الكاتب: بهاء رحال
هيرودوس
إنَهم صِغار ، فَهل ستشربُ
النبيذَ في جُمجُمة !! ولماذا تقتلهم؟
إنَهم صِغار يَفترشونَ الحُبَ حينَ
يعودونَ متعبينَ من المدرسة ..
إنَهم صغار ، في الحيّ يوزعونَ
الضَحكات كنسمة صُبح تلمسُ
سُنبلة ، فلمَاذا تقتلهم !!
هيرودوس
انهم صغار ، دعهم يسافرون
الى غدهم ، واتركهم لأيامهِم
الباقية ، يلعبون ويطاردون
الحب في الطرقات ، فلماذا تقتلهم !!
هيرودوس
انهم صغار ، فهل يرهبون ملكك !!
وهل أوقعوك في الشك ؟
ولماذا تقتلهم !!
أيها المسكونُ بالخرافة ، ووَهم مُلكٍ
ضاع في التيه ، أساطيرك الباهتة ،
موتك الأول ، صوت الضحايا ، يلعن
ماضيك ، يلعن حاضرك في كل الكتب
والمجرات ..
هيرودوس
انهم صغار ، فهل أعجبتك
رائحة دمهم تجترها في أرض
الخراب .. ولماذا تقتلهم !!
سيزول ملكك ، وينبت
الحب حراً ، وتذهب أيامك
وتضيع في صحو المسافةِ
بين طلقةٍ وطلقة ..
هيرودوس
انهم صغار ، ولماذا تقتلهم !!
هل خانوكَ في وعدٍ مؤجل !!
وهل وعدوك بانكسارهِم للأبد !!
ومن دفعك لتكون قاتلاً ؟
انهم صغار ، انهم ابناءُ هذا
الجبلِ ، ينبتون كحصى الحقيقة ،
يبعثون بعد موتهم ، يرجعون
أكثر انتباهةٍ ، يزاوجون القوةَ
بالشجاعةِ ويكبرون ، وينتصرون
هيرودوس
انهم صِغار ، لكنَهم سيَكبرون !!
يَقول رب الجُنود ، يَحمِلونَ صوت
القيامةِ ، ويُبشرونَ بعيدِ الصليب ،
انهم صِغار ، لكنهم يؤمنون !!
يعرفونَ طريقَ الحُبِ ويغتسلونَ
بالماء المُقدس ، فلماذا تقتلهم ؟
لهذا أقتلهم !!
قبل أن تنجو أحلامهم من الغرق ،
ويعبرون البحيرة بسلامٍ ، ويعودون
هيرودوس
انهم صِغار ، فهل فتشت في حقائبهم !!
وهل وجدت غير أقلام الرصاص
وكتب اللغة والرسم ، فلماذا تقتلهم !!
انهم صغار ، يعزفون نشيد يومهم
بالمزاح ، ويواصلون طريقهم الى البيت
عائدين من المدرسة ، وفي جيوبهم
بعض الأمل يوزعونه على الطرقات ،
فلماذا تقتلهم !!
هيرودوس
انهم صَغار ، فهل سَتشربُ
النبيذَ في جمجمة !! رَغبةً في الانتقام
أم هو الإدمان على رائحةَ الخرابِ
في جلدك ، فلماذا تقتلهم !!
هيرودوس
انهم صغار ، دعهم يذهبون
الى المدرسة واتركهم يعودون
الى أمهاتهم بسلام ، ولماذا تقتلهم !!
هل تزعجك ضحكاتهم ، وهل رأيت
البشارة فمضيت تبحث في اجسادهم
عن دليل ، وعدتَ تقتص من طفولتهم
بموت جديد ..
هيرودوس
إنَهم صغار ، يعودونَ بعدَ موتهم
الى زمانهم ، لكنكَ أبداً لن تعودَ
حتى وإن قتلتهم ..