نشر بتاريخ: 05/11/2015 ( آخر تحديث: 05/11/2015 الساعة: 16:04 )
الكاتب: يونس العموري
هي القدس تفرض نفسها من جديد ... وتعاود لملمة اشياءها لتفرض حضورها في محاولة منها لأن تنطق قولها البليغ في حضرة الخوف السقيم من كل ما يحيط بها من هذا السجال العقيم ... هي القدس تعاود الأن انتاج ذاتها لتعلو تكبيرات مؤمنيها في صدى حواريها لتعلن عن مواقيتها مع الفجر الجديد بعد ان تساقط عن اسوارها من ادعى كفرا وزورا انه البديل لصلاح الدين ... وما كان ليكون البديل وهو يتوه بصحاري البحث عن الكلمات ....
وهي القدس معيار صدق من يؤمن بكلمات الله بأفئدة الفقراء والقاعدين عند بوابات العبور لينالوا الشي العظيم، حينما يأتونها حفاة مبللين بدموع الفرح، وبشيء من ابتسامة ترتسم على شفاة قلما ابتسمت بحضرة الشجن العظيم ... فهي معادلة القدس لمن لا يعلم كيف من الممكن ان يفكك رموز حيويتها ... هي مدينة العشاق لسيرة العبور منذ ان كانت الخطى الأولى نحو معرفة الحقيقة ... ومن يريد ان يعي حقيقته فليترجل نحو القدس ويصلي في معابدها ويركع بحضرة انسانها ويتنشق عبق أبخرتها وليعتلي اسوارها .... فحينها من الممكن ان يدرك معنى وسر وجوده العربي فيها ... ولماذا هو الصابر المثابر والمكابر بعشقها ... وان اراد ان يعلم صدق من ينطق كثيرا بأسمها، فما عليه الا ان يقول بحضرتها شيئا من تراتيلها ليكشف عن سر بقاءها ومن يحمي قدسيتها ... ويسيجها بتعويذات فقراء الزمن الجميل ... فللفقراء أزمان ومواقيت ايضا جميلة حينما كانوا يجهرون بفقرهم، لينالوا عطاءات قدس المحبة، ليستسلموا بغفوة بساحاتها بأمن وأمان ربهم الذي اعطى فسوى .... ومنحهم من لدنه رحمة ... واطعمهم وكساهم من خيراتها .. هي قدس الفقراء التي لن تكون الا ملاذا لمن أمن بها وعرف سر اسرارها وأعطاها ... وابتهل عند جلجلتها وسار بدروبها وعشق معانيها وادرك قوانينها .. ومن يدرك قوانين القدس لابد ان يدرك فلسطينيته وما تعني ... وكيف له ان يكون بالتالي صالحا رشيدا بوطن تكون القدس بوصلته ... ومن يمارس فن الكلام والخطابة دون ان يبدأ كلامه من القدس وللقدس وعن القدس يكون كلاما ثغاء احوى .... ولا يغني ولا يسمن من جوع الخواء ...
هي قدس عايشت كل مغتصبيها وخبرت كيف من الممكن ان تتعاطى وأكاذيب منافقيها ... وهم ذهبوا وحروفها بقيت متلئلئة بسماء حقيقتها ... احتضنت كل أهات العجم ومن ينطق بكل لغات البشر وفهمت معانيهم وعرفت كيف تتسلل الى قلوبهم وتربعت على عرش محبتهم ونبذت كل اعداءها ومن يريد ان يجعل منها لوحة تذكارية على جدران مملكته ليمارس الفعل القبيح وان كان ممن يعتقد انه من ابناءها ....
تناسوا القدس وحاولوا ان تكون مادة لغوية تحضر في خطاباتهم حينما يعتلون منصاتهم ليمارسوا القول السخيف ببسملة بأسمها باحثين مفتشين عن دهاليز مواقيت التاريخ ليكون لهم ما يمكن ان يكون في حضرة رؤساء وملوك ومشايخ طوائف الدين الجديد في عصر المسيلمات الكذابين ...
فالبحر لهم هذه المرة ... ومملكة اختطفوها بوضح النهار من فقراء محميات النخيل ليصبح الرمل رملهم والشجر شجرهم والعشق رجس من افعال الشياطين والجوعى عند ابوابهم يستجدون اقوات يومهم وفتات خبزهم ومن يبتهل على ابواب ديارهم يصبح العاقل الموعود بجنان نعيمهم ومن يتسول لقمة العيش يصير من يطيع الله واولي الأمر فيهم ... والقدس حاضرة ايضا في سجالات كلامهم الرشيد بالقول الفصيح وقبضات تتوعد من يناجي الحب والعيش بكنف الوئام والوفاق والاتفاق ... ولا تاريخ الا تاريخ امراء أمارة البحر الهائج المائج ... والجواري بإنتظار السبي من جديد ... وعام الفيل من الممكن انتظار عودته حتى نعيد كتابة التاريخ بسيف قتال الردة والمرتيدن ....
اجوج ومأجوج وقوم لوط ويهوذا المتربص بالمكان والسارق للعبة طفلة بمحض الصدفة عبرت المكان وكل شعوب القهر والغم كان ما كان لهم من جوالات وحروب ونقوش والكثير من القول والكلام ... وفلسطين كان ما كان لها من زعماء عبروها وانتظروا كثيرا عند بوابات مجدهم وصنعوا كل عبارات البلاغة وصفق لهم القوم وانكرهم الشعب وصار منهم زعيما لقبيلة من قبائل الحواري واندثر وتدثر وحاول ان يعلو فوق مدينة الله فإنكسر وتراجع وتمرغ بوحل التراب المجبول بعرق العابرين ركعا سجدا ... ومن صار زعيما حينما أتها فاتحا مهللا مكبرا ... و من رفض ان يساوم عليها وينطق باللا بحضرة سيد البيت المسمى بالأبيض ... لا من يعتلي كل يوم المنصة ليقسم باللاتي والعزة لتدمير المعبد فوق رؤوس فقراء القدس من خلال إشعال الحرب من جديد في ميادين داحس والغبراء ... وسيف الأب ضد الأبن العاق وقطع الرؤس على الأشهاد والضرب بيد سادة امارة الحكم الرشيد .....
فيا أمير المؤمنين الجديد ... ويا صاحب العطاءات في هذا الشهر الاخير من العام العصيب حيث القدس في خطر شديد ... وللشدة اشكال والوان ... هون علينا القليل وانتظرنا حتى نفرغ من أكل حبات التمر على موائدنا ومن بعدها مارس قولك ونحن نيام .... فقد سئمنا التلويح والتهديد بفتنة الفتن وبسجالات الحلال والحرام في ظل الوطن المُباح لكل من تسول له نفسه انه الخليفة الناصر العادل الواهب الحاكم بأمر الله والأعراب ....