الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مباراة كرة سياسية

نشر بتاريخ: 07/11/2015 ( آخر تحديث: 07/11/2015 الساعة: 22:37 )

الكاتب: سفيان أبو زايدة


لم تكن الازمة حول مباراة كرة القدم و التي كادت ان تعصف بالعلاقات بين فلسطين و السعودية مجرد خلاف على التمسك بالملعب البيتي. الجدل و الصراع كان له ابعاد سياسية سواء كانت ذات بعد اقليمي او داخلي محلي.
السعودية اصرت على ان لا تأتي للعب في فلسطين خوفا من اتهامها بالتطبيع مع اسرائيل و بالتالي يعرضها الى انتقادات من خصومها السياسيين في المنطقة هي في غنى عنها خاصة في هذا الوقت بالذات. من اجل ذلك كان لديها استعداد ان تخسر الثلاث نقاط او حتى تضحي بالصعود الى المرحلة الثانية من تصفيات كأس العالم و كأس اسيا اذا لم يكن هناك خيار.
بغض النظر اذا كان موقفها سليم ام لا ، نتفق معه ام لا ، فأن العلاقة التاريخية بين فلسطين و السعودية و الموقف السعودي الداعم للقضية الفلسطينية يلزمنا ان نأخذ رغبتها و مصالحها بعين الاعتبار، حتى و ان كنا غير متفقين او غير مقتنعين بما طرحته من مبررات. الشعب الفلسطيني ليس في وضع يسمح له بأن يخسر علاقاته مع دولة اقليمية عربية اسلامية بحجم السعودية ، ليس من اجل مبارة كرة قدم فقط بل من اجل مواقف اكثر اهمية من ذلك بكثير.
هذا المنطق هو الذي تحكم في سلوك السلطة الفلسطينية و قيادتها عندما توجهت القيادة السعودية من خلال الملك سلمان اولا و من ثم ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان في مكالماتهم للرئيس عباس الذي لم يتردد في اعطائهم موافقة فورية بعيدا عن اي حسابات كروية حتى و ان كان اللواء جبريل الرجوب كرئيس للاتحاد الفلسطيني على حق ، عملا بالحكمة القائلة ( لا تكن صادقا فقط، كن حليما).
اللواء جبريل الرجوب قاتل حتى النفس الاخير متمسكا بموقفه الرافض الى نقل المباراة و كأنها معركة حياة او موت . هو بلا شك على حق من الناحية الكروية و لكن من الصعب اقناع الشعب الفلسطيني الذي سيتضرر من التمسك بهذا الحق بأن الامر يستحق الصدام مع دولة عربية اقليمية بحجم السعودية، بكلمات اخرى اللواءجبريل الرجوب كان صادقا و لم يكن حليما، على الاقل في هذا الموقف. لهذا كانت الفكرة الابداعية ( الجهنمية) بأن يتم مراسلة الفيفا من قبل السلطة الفلسطينية تبلغهم فيها ان السلطة لا تستطيع ان توفر الحماية لللاعبين الضيوف. الامر الذي لم يبقي لعناد اللواء الرجوب اي مجال سوى القبول بالامر الواقع و نقل المبارة الى الشقيقة الاردن.
في كل هذا الجدل ، كانت غزة خارج كل الحسابات سواء كان لعدم وجود ملعب صالح وفقا لمعايير الفيفا او بحكم سيطرة حماس على قطاع غزة. حيث هناك من يتعامل على ان اي شيء له علاقة في غزة يرتبط مباشرة بحماس ، على اعتبار ان غزة بالنسبة لهذا المنطق تعني حماس و ان اي خطوة او قرار ينظر له من هذة الزاوية اولا.
و السؤال الذي يحتاج الى اجابة من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم و من الهيكل الشكلي الذي اسمه المجلس الاعلى للشباب و الرياضة و من حكومة الوفاق الوطني هو لماذا لا يوجد ملعب صالح في غزة حتى الان يخدم فلسطين و يخدم اثنين مليون فلسطيني في حين خلال السنوات السابقة تم تأهيل ثلاث ملاعب على الاقل في المحافظات الشمالية ؟ و بالمناسبة سنكون سعداء اكثر لو تم انشاء ثلاثين ملعب وليس ثلاثة فقط .
لا احد يقول لي لان هناك حصار و هناك حماس، لانني سأقول له بأن هناك مشاريع في غزة تنفذ بعلم و موافقة و دعم السلطة و لا احد يقول ان حماس تشكل عائق امام ذلك او ان الانقسام يشكل عائق او انه اعترافا بشرعية حماس او يعزز الانقسام الفلسطيني، لا يا سادة غزة ليست حماس و حماس جماهيرها في غزة لا تشكل خمس عدد السكان في احسن الاحوال.
و الامر الاخر الذي يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار هو ان الخطوة الاولى التي اتخذها اللواء الرجوب بعد انتخابه قبل عدة سنوات هو اجراء (مصالحة )كروية في غزة معلنا بكل فخر ان اتحاد كرة القدم بشكل خاص و الرياضة بشكل عام خارج نطاق الانقسام ، تلى ذلك تشكل لجان مشتركة و مجالس ادارية مشتركة مع حماس و هو على اتصال مباشر مع قيادات حماس و ممثليها . هذا يعني ان التستر خلف الانقسام و خلف حماس في تبرير القصور تجاه غزة هو غير مقبول و لا يصمد امام الحقائق على الارض.
على اية حال، تصحيح الخطاء حتى و ان كان بشكل متأخر افضل من المكابرة و استمرار تهميش هذا الجزء المهم من الوطن. ربما تكون احد الخطوات المهمة التي يجب ان تتخذ في المرحلة المقبلة هو اعادة تشكيل وزارة الشباب و الرياضة و التي تم تفكيكها و توزيع دمها على القبائل لصالح تشكيل جسم ولد مشلولا تحت اسم المجلس الاعلى للشباب و الرياضة وضع على رأسه احد الشباب الذي اقترب من الثمانين عاما. مهم ان يتم اعادة تشكيل هذه الوزارة لكي تساهم في تطوير الشباب الفلسطيني في مختلف المجالات و التي اهمها توفير المنشآت الرياضية المختلفة في كافة اجزاء الوطن بشكل عادل ودون تمييز.
[email protected]