نشر بتاريخ: 08/11/2015 ( آخر تحديث: 08/11/2015 الساعة: 10:14 )
الكاتب: عقل أبو قرع
مع التدخل او التورط الروسي المباشر والمتصاعد في المأساة السورية، وانشغال العالم وبالاخص الولايات المتحدة ودول اوروبية في كيفية التعامل مع هذه التدخل او التورط، وبل مراقبتة لكي يمعن في التورط والغوص في المستنقع السوري، في ظل هذه الالعاب والمصالح العالمية القذرة، فأن من يدفع الثمن هو الشعب السوري بأجمعة، وبالاخص المدنيين الابرياء، الذين باتوا لا يعرفون او لا يتوقعون متى ومن اين سوف يكون القصف او الانفجار او الدمار القادم؟
ومع تعمق المأساة السورية، وبشكل محزن وعنيف، وفي ظل ازدياد تعقيد الوضع، وعدم وجود اية بادرة في الافق، فأن كل ذلك هو تذكير للاخرين، ونحن الفلسطينيون منهم، بل من اولهم، كيف ان السماح او فتح الابواب للاخرين للتدخل في اوضاعاهم وامورهم الداخلية، من الممكن ان يكون سهلا، ولكن
الخروج من هذه الابواب اكثر تعقيدا وايلاما وشراسة، وبالاخص حين تدخل دول ومصالح وتدفع ثمن ذلك، سواء من فلوسها او معداتها او حتى من ارواح او دماء افرادها؟
والمأساة السورية، باتت هذه الايام وبشكل متكرر ومتصاعد تتفوق على مأسي الاخرين، سواء اكانوا نحن اي الفلسطينيين او العراقيين او اليمنيين او الليبيين او غيرهما من الشعوب، التي مازالت تعاني، سواء بسبب الاخرين واطماعهم او بسبب انفسهم وجشع السلطة والقوة، وهذه المأساة التي شردت اكثر من خمسة ملايين لاجئ وادت الى وفاة مئات الالاف والى تدمير معالم وقرى وظواهر حضارية، قد ادت عمليا الى ازالة او اختفاء سوريا، الدولة العربية المتماسكة، المتعايشة مع بعضها البعض، والتي كانت وقبل عدة سنوات فقط يحسب لها حساب في معادلات المصالح الاقليمية والعربية، وفي القرارات الدولية، وحتى في الحفاظ على استقرار دول في المنطقة.
وبالاضافة الى المأساة في داخل البلدات والمناطق السورية، فهناك مأساة اللاجئين في العالم في هذه الايام، وغالبيتهم من السوريين، والتي تعتبر من اضخم المأسي الانسانية في العصر الحديث، وربما تبدو مأساة اللاجئين الفلسطينيين بالمقارنة معها مأساة صغيرة، حيث هناك الملايين من اللاجئين السوريين الذين يهربون من الجحيم في بلادهم، الى كل الاتجاهات في هذا العالم، ومنهم النساء والاطفال والعائلات بأكملها، والمحزن بشدة هنا، ان هؤلاء اللاجئيين يهربون او يتم تشريدهم من خلال ابناء جلدتهم او امتهم، اي ان ابناء الشعب الواحد هم من يقوم بذلك، وليس الغرباء او الاجانب الذين قدموا لكي
يحتلوا بلادهم ويحلون مكانهم؟
ومأساة ملايين اللاجئين، والتي تشهد ومن خلال العالم على عمق المأساة السورية، تعتبر عارا وفشلا كبير للمنظومة الدولية، سواء على المستوى الرسمي او غير الرسمي، وسواء على مستوى العمل الاهلي او المنظمات الدولية، والتي من الواضح ان حجم وتفاقم المأساة باتت اكبر بكثير من طاقاتاها ومن طبيعة عملها، وهذه المأساة لتثبت مرة اخرى ان التبجح بالمفاهيم الانسانية وحقوق الانسان يتلاشى، امام المصالح وامام السياسات ومراكز القوى والتجاذباتن وامام السعي الى السيطرة واثبات الوجود؟
ومع التورط الروسي المتدحرج والذي يزداد عنفا، ومع استمرار دوامة اللجؤ والهجرة وتفريغ البلد، وبالتالي مواجهة الموت بأشكالة المختلفة، سواء الموت من خلال الغرق في مياة البحر المظلمة او كطعام للاسماك، او من خلال الموت بالرصاص خلال المطاردة على حدود العديد من الدول، او من خلال البرد الشديد او بسبب الاكتظاظ الرهيب او سؤ التغذية او الامراض، في المخيمات الكثيرة المنتشرة في دول بعيدة وقريبة، او الموت من خلال قنابل وصواريخ الطائرات التي بات من الصعب معرفة مصدرها، تتواصل المأساة المحزنة في سوريا، لتكون عبرة لنا ولغيرنا بعدم السماح للاخرين او اعطاؤهم مبررات وبغض النظر عن انواعها للتدخل في الشؤون الداخلية، سواء اكان ذلك تحت مجال الحفاظ على الاستقرار او مكافحة الارهاب او حماية القوانين والحقوق الانسانية او حفظ السلام وما لذلك من عبارات؟