الأحد: 08/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

طيشٌ مُعتّقٌ

نشر بتاريخ: 09/11/2015 ( آخر تحديث: 09/11/2015 الساعة: 15:56 )

الكاتب: عطا الله شاهين

كَرَعَتْ قدَحها ذات السِّحنة المتجعدة في إحدى الليالي بتأنٍّ سمجٍ ومُتمهِّلٍ .. تقولُ تلك المرأة الصاخبة بهدوء في ذاتها ليس بوسعي أنْ أحتسيَ نبيذَ الليل بتعجّلٍ، سيزدحمُ الغَدُ بما يثقلُه مِنْ أعمالٍ ومشاريعٍ هبلة ، أعي ذلك تماماً، لكنْ ليس في الوُسعِ قدحٌ لاذعٌ آخر بكُلِّ هذا الدّيجور المُعتّق، كانتْ تتمتمُ : لمْ أنعس بشكلٍ جيدٍ .. ولا أذكرُ مِنْ صُورِ الأمس إلّا صوته العذب وهو يهمسُ لها أُحبُّكِ.. الذّاكرة اختيارية بدقّةٍ جُنونية، لكنّ الجَذْلَ بدورِه شبحٌ زائرٌ ، ينتظرُ خُلو الجهات مِنْ أيِّ حارسٍ للسُّدنة ليبوح بما عنده ومِنْ ثمَّ يذهبُ.


تذكرُ بأنَّها كانتْ تقولُ لذاتها : لمْ أشاركُه الهمس ذاته ، كانَ قدْ أثراه هوى نهاره بمائةِ وجعٍ ووجعٍ، فلمْ يعُـدْ لانحناءاتِ الحوافِ الخمس وهي تثورُ بِاسْم الحُبِّ، أيّ فائدة ، فكنتُ أبتغيه أنْ يتأمّلَ في تلك الصّورة،لكنّني لمْ أكن في حقيقةِ الحالِ أتوشّحُ تلك الخواطر كثيراً، فكنتُ أهوى أنْ أكونَ عاريةً أمام ذاتي أكثر مِنْ أيّ مرّة، وأنتزعُ دواليبَ ملابسي المُختلفة حسب ميولي ومقاسات النّزعات التي أُجيدها بـجنون، ها أنا اكْرَعُ باقي جُرعات النّبيذ المُعتّق، فلمْ يعُدْ في الوُسعِ قدحٌ آخر، ولقدْ بزغ الفجرُ وأزاحَ عنه جُنونَ صُور الليلة الصّاخبة بطيشٍ راقٍ..