الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديقة تذبل ويبقى المختار مختارا؟!

نشر بتاريخ: 10/11/2015 ( آخر تحديث: 10/11/2015 الساعة: 10:22 )

الكاتب: د. سهير قاسم

حديقة يانعة تسرّ الناظرين، تنوع فيها الشجر وكثر فيها الثمر، عمّر فيها البشر، الثري منهم والفقير، المنافق والمخلص الأمين، أما مختار الحديقة فقائد حكيم يرتدي القمباز ويلف الزنار وقد أحبّه الناس فهو مخلص قادر على القرار وحل المشكلات الحياتية، كان ودودا متواضعا قريبا من الجميع،صراحته  عفوية،وإن أمعنت النظر تأتيك منه الحكايات والأسرار والعبر، يداوي ويعالج،يروي الشجر ويحصد الثمر يده بيد العاملين في المكان،فازدهرت الحديقة وأصبحت مزارا بفضل حنكته وذكائه وحبه للحياة.

وقد انقسم الناس من حوله وتشعبت سلوكياتهم،فهناك من أتقن النفاق وتصنع باحثا عن الذات، وهناك من أخلص وجدّ واجتهد في العمل فكان له نصيب من الثمر وحب الحياة، وهناك من غاب عن المكان فلم يترك الأثر ولم يأخذ الثمر، إلا أن خبرة المختار وحكمته وطول باله غلبت الصعاب،لم يترك المكان، بل انتشر وقرب الفرقاء بنهج غير عبثي وبسياسة أثّرت في الجميع، لم الشم لو جمع الغايات إذ أدرك أهمية الوحدة في السراء والضراء وقد انعكس ذلك على الحديقة التي أثمرت وقدمت الخيرات للجميع.

ومضت السنوات لم يطل عمر المختار حتى وافته المنية بعد أن أوصى الجميع على الثبات وحب الحديقة والتراب،فجاء الوافد الجديد الذي فرح به الناس وقد تغيّر مظهره وجوهره وتطور مع الزمان، كان ذكيا لكنه غير آبه بالعمل والعناء، اجتمع حوله الناس بحلاوة لسانه وكثرة إغداقه وقدراته على تنميق الكلام.
لكن من حوله اختلفوا وتلونوا وتفرقوا ما بين متصنع كذاب يتقرب بالتحريض تارة وبالوعيد، وهنا كمن ضاقت به الحياة ففكره غير منسجم مع دهاء المختار ولا يحب التصنع والتلون وأصبح هؤلاء بعد التنعم في ضيق الحال إذ كثرت حولهم المؤامرات وضاقت عليهم السبل، وبين هذا وذلك صمت الكثيرون وهم عارفون للحقيقة والصواب، لكنها مشاغل الحياة ربما أو المصلحةالخاصة أو الخوف ... جعلتهم غير مبالين بما يجري من حولهم وبحديقة المختار.

فرحة لم تدم،ولم شمل غير طويل سرعان ما انحاز المختار إلى فريق النفاق ووقع في شراك من سيطروا على المكان وقد سلبوا الفكر وطوروا بزيف وضلوا وضللوا الطريق فوقع المحظور، تشتت الهموم والأهداف، غابت المصالح العامة وقد بثوا السموم؛ذاتية حلت في المكان وغطته، فكانت الحرب والعدوان وتسلل الفكر الغريب وعم الحديقة الظلام وقد غرق الجميع في السبات، فذبل الشجر والورق وساء الحال وعم الاصفرار؛ إذ لم تلق العناية والرخاء، لم تعد يانعة جاذبة وغير قادرة على تقديم الثمار انتشر الجفاف وقد فسد المكان، أما المختار فقد بقي مختارا يتحرك في المكان؟؟؟!