الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حول يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وقرار التقسيم

نشر بتاريخ: 29/11/2015 ( آخر تحديث: 29/11/2015 الساعة: 11:31 )

الكاتب: علي هويدي

لم تستشِر الأمم المتحدة أو تحصل على موافقة الشعب الفلسطيني بتقسيم فلسطين، ووفقاً للنصوص، لا يحق للأمم المتحدة أن تُنشِئ دولة جديدة، أو أن تُلغي دولة قائمة، عدا عن أنه في شهر آذار/مارس 1948 تراجعت الولايات المتحدة عن فكرة التقسيم، وأعلن مندوبها سحب حكومته لتأييدها مشروع التقسيم لأنه "لا يمكن تنفيذه إلا بالقوة"، واقترح وضع فلسطين تحت الوصاية الدولية وإعادة القضية إلى الأمم المتحدة للنظر فيها على هذا الأساس، وتقدمت الولايات المتحدة بهذا المشروع رسمياً في مجلس الأمن وقد وافق المجلس على المشروع الأمريكي بالإجماع وأصدرت الجمعية العامة في 14 أيار/مايو 1948 قرارها بإعفاء فلسطين من أية مسؤوليات نصت عليها المادة الثانية من قرار التقسيم، أي أنه حتى لو كان من حق الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقرر تقسيم فلسطين لإنشاء دولة يهودية جديدة على أنقاض دولة قائمة، فقد تراجعت هي ذاتها بعد ذلك عن قرارها.. مما يجعله لاغياً، ناهيك عن أن القرار يحمل صفة توصية وهو بالتالي غير ملزم.

بمجرد إنتهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين، "انتهت سلطات الإدارة التي كانت للدولة المُنتدِبة، وترتب على هذا أن زالت القيود المفروضة على ممارسة شعب فلسطين لسيادته الكاملة، وأصبح شعب فلسطين بحكم هذا الحق، مؤهلاً لأن يحكم نفسه ويقرر مصيره طِبقاً للمبادئ والأصول الديمقراطية المألوفة، كونه يمثل الأغلبية الساحقة في فلسطين، غير أن هذا الحكم لم تحترمه الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت القرار 181 في 29/11/1947 الذي يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية بنسبة (42،88%) وأخرى يهودية بنسبة (55،47%) وأن تبقى مدينتي القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية بنسبة (0،65%). بتاريخ 2/12/1977 وفي محاولة للتكفير عن الذنب وفي جلستها العامة رقم 91 عادت الجمعية العامة للأمم المتحدة واتخذت القرار رقم 50/3/ج اعتبرت فيه تاريخ صدور قرار التقسيم يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

رفض الشعب الفلسطيني "التوصية"، التي كان يُمَهَّد لها عملياً منذ أكثر من عشرة سنوات، فقد كان للإنتداب البريطاني دور مباشر لتنفيذ فكرة التقسيم، إذ شكلت الحكومة البريطانية في شهر آب/اغسطس من العام 1936 لجنة تحقيق بريطانية برئاسة اللورد روبرت بيل سميت، بغرض دراسة الأسباب الأساسية لإنتفاضة الشعب الفلسطيني في نيسان/إبريل من العام 1936، وبعد مرور ستة أشهر على عملها في فلسطين توصلت إلى نتيجة مفادها، أن تتخذ الحكومة البريطانية الخطوات اللازمة لإنهاء الإنتداب وتقسيم فلسطين إلى دولتين واحدة عربية وأخرى يهودية مع بقاء القدس وبيت لحم والناصرة تحت الإنتداب البريطاني، وكانت تلك المرة الأولى التي ترد فيها فكرة التقسيم، وأضافت اللجنة في تقريرها "ما دام العرب يعتبرون اليهود غزاة دخلاء، وما دام اليهود يرمون إلى التوسع على حساب العرب فالحل الوحيد هو الفصل بين الشعبين، فلتقم دولة يهودية في الأراضي التي يكوِّن اليهود أكثرية سكانها ودولة عربية في المناطق الأخرى". سارع العرب الى عقد مؤتمر عام في دمشق بناء على دعوة "لجنة الدفاع عن فلسطين" سمي بـ "المؤتمر الفلسطيني العربي في بلودان" في الثامن والتاسع من أيلول/سبتمبر1937، وفيه أعرب المشاركون عن رفضهم الكامل لفكرة التقسيم واعتبار أن "فلسطين جُزءٌ لا يتجزأ من الوطن العربي، ورفض الإنتداب ووعد بلفور والهجرة اليهودية والتقسيم وإنتقال الأراضي ومقاومة إنشاء دولة يهودية".

تُحيي الأمم المتحدة المناسبة سنوياً ابتداءً من العام 1978، يشاركها في إحيائها مختلف الطيف الفلسطيني ومجاميع الشعوب والدول الصديقة والمساندة للحق الفلسطيني، وفي إجراء تقليدي من كل عام تعقد اللجنة المعنية بممارسة الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني إجتماعاً خاصاً يشارك فيه أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة إلى جانب عدد من ممثلي الدول للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، كما يصدر الأمين العام رسالة خاصة بالمناسبة يتمنى فيها السلام العادل والدائم وفقاً لقرارات مجلس الأمن، وبطبيعة الحال هذا لا يكفي، فالتضامن الحقيقي يكمن في إعادة الإعتبار للشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه المسلوبة، من خلال رفض وإلغاء جميع القرارات المجحفة التي اتخذتها الأمم المتحدة بحقه ومنها القرار 181 والإعتذار عن الظلم الذي وقع عليه نتيجة تلك القرارات منذ عقود.