نشر بتاريخ: 01/12/2015 ( آخر تحديث: 01/12/2015 الساعة: 12:41 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
من لا يذكر الشهيد محمد الدرة في غزة ، حين اختبأ في حضن والده عام 2000 لكن رصاص الاحتلال أصابه فاستشهد امام عدسات التلفزة العالمية واصيب والده بجروح خطيرة وهو يصرخ على الملأ : مات الولد مااااااااات الولد .
حينها انسكبت دموع الامهات واهتز ضمير العالم وعضّ رجالنا على النواجذ وامتشقوا السلاح واندلعت انتفاضة عنيفة سالت فيها دماء كثيرة ، حتى ان رؤساء وزعماء العالم قاموا وعلّقوا على الامر وردت اسرائيل فورا تحاول فبركة قصة مختلفة وادّعت ان الطفل محمد الدرة استشهد بنيران فلسطينية ، وحاولوا تزوير القصة رغم انها وقعت على الهواء مباشرة وامام ناظري العالم . ثم سرعان ما تحوّلت عبارة " مات الولد " الى لازمة للمقالات السياسية وتحليل الوضع الراهن اّنذاك .
منذ شهرين سرقتنا الاحداث اليومية ، ونسينا ان نصرخ ، أو ان الجنازات أشغلتنا ولم يصرخ اي أب فلسطيني امام الكاميرات : ماتت البنت ... رغم ان الاحتلال والمستوطنين في كل يوم تقريبا يقتلون بنتا من بناتنا ويرمونها بالرصاص وينشرون صورتها على المواقع العبرية ، اولها مع الشهيدة هديل الشهلمون والتي أكد تقرير اسرائيلي اشرف عليه الاحتلال انها قتلت ظلما وتم اعدامها في حين لم يكن هناك اي ضرورة لرميها بالرصاص لانها تلبس الحجاب والجلباب .. ومرورا بالشهيدة الطفلة أشرقت التي دهسها مسؤول مستوطنة وقافلة من أخواتها الشهيدات الأخريات . واخرها الشهيدة مرام حسونة التي اعدمت على حاجز عنّاب قرب طولكرم وظهرت في اّخر صورة لها وهي ترفع سبابة التشاهد .
في نفس الوقت يعلن نتانياهو انه صافح زعماء عرب على هامش قمة المناخ في فرنسا ، وانهم زعماء لدول عربية كبيرة ولها وزن ولكنها لا تقيم علاقات علنية مع اسرائيل ( زواج عرفي يعني ) ، وانه يخطّط لمستقبل المنطقة معهم من دون ابو مازن .. ونحن اليوم لا نعرف هل نبارك للزعماء العرب ؟ ام نبارك لنتانياهو ؟ أم نقول للطرفين : الله يعوّض المغلوب البركة .
هنيئا لاسرائيل بالزعماء العرب ، او هنيئا للعرب بنتانياهو وحكومة الارهابيين اليهود ... وفي نفس الوقت الذي أعلنت فيه اوروبا مقاطعة بضائع اسرائيل تقوم مجموعات اسلامية متطرفة بتفجير عواصم اوروبا ، فماذا نفهم من ذلك ؟
ماتت البنت ؟
لا والله بل ماتت النخوة فيكم ، مات الزعماء والمنظمات والحكومات والجماعات ، ومات المثقفون والمنظّرون والقادة . وعاشت البنت .