الكاتب: جميل السلحوت
رام الله - معا - صدرت رواية "يقظة حالمة" للكاتبة الفلسطينيّة الشّابّة شذا فاضل يونس عام 2012 عن دار راية للنّشر في حيفا، وتقع في 159 صفحة من الحجم المتوسّط.
القارئ لهذا النّصّ سيجد نفسه أمام حكايات متشابكة أكثر منها رواية، ويتمحور النّص حول أحلام الفتيات في الحبّ والزّواج وبناء أسرة، لكنّها تبقى أحلام يقظة لا تتحقّق، وإن تحقّقت فإنّها سرعان ما تفشل، ويلاحظ أنّ الكاتبة نقلت عدّة حكايات متداخلة، غاب عنها البناء الرّوائي، وكأنّها كانت على عجلة من أمرها؛ لتنقل هكذا حكايات دون أن تنتبه لتطوير الحدث ليكون مقنعا للمتلقّي. فعلى سبيل المثال ميساء أحبّت وتزوّجت وأنجبت "ميسون" وطلّقت خلال عام، وفي أقلّ من صفحة جاءت في صفحة 15 وفي الفقرة الأولى من صفحة 16! وسافر طليقها "وليد" إلى فرنسا لاستكمال تعليمه. وتعمل ميساء في مخيطة وتفتتح بعدها محلا لبيع الملابس النّسويّة دون أن يعرف القارئ كيف تطوّرت شخصيّتها، وحتى ابنتها "ميسون" التي درست الفنون الجميلة في جامعة النّجاح في نابلس، ومع تكرار وجودها في النّص وفي أكثر من حادثة وحكاية.
فإنّ شخصيّتها بقيت في متاهة الحبّ والحياة، بل بدت في حالة اغتراب مع والدتها، وكأنّ العلاقة بين الأمّ وابنتها لم تكن في فلسطين التي تحكمها عادات وتقاليد وقيّم ودين، حتّى خلتُ أنّها تعيش في أوروبا أو في أمريكا، وكذلك أمّها التي ولدت في مدينة الخليل وتزوّجت وتطلّقت وبقيت وحدها في رام الله وكأنّهما مقطوعتان من شجرة، فلا أهل ميساء"الأمّ" ولا أهل ميسون"البنت" سألوا عن ابنتيهما، ولا هما سألتا أيضا! وهذا يتنافى مع الواقع. وكذلك وليد طليق ميساء ووالد ميسون سافر إلى فرنسا لاستكمال دراسته وبقيت أخباره مقطوعة؛ ليظهر فجأة في اتّصال هاتفيّ مع ابنته ليخبرها أنّه سيعود إلى البلاد "بعد أربعة أيّام" لكنّه لم يرد في النّصّ كيف جاء؟ وماذا عمل بعدها؟ وماذا كان مصيره؟
واضح أنّ الكاتبة هدفت إلى اظهار هموم البنات المراهقات وفي بدايات مرحلة الشّباب، ونظرتهنّ إلى نصفهنّ الآخر، وهذه قضيّة تستحقّ الاهتمام، وبحاجة لأكثر من رواية، وجميل أن يتمّ التعبير من فتاة عن احلام الفتيات، وطموحهنّ في الحبّ والزّواج؛ لأنّها الأقدر عن التّعبير عن بنات جنسها، وهذا يسجّل لصالح الكاتبة ولصالح نصّها أيضا، وكان الأجدر بها أن تأخذ حكاية ميساء وابنتها ميسون، وأن تطوّر هذه الحكاية، تاركة هاتين الشّخصيّتين لتعيشا الحدث كما عاشتاه فعلا على أرض الواقع، أو كما تتخيّله الكاتبة، وليس كما تريده الكاتبة، فتدخّل الكاتب في شخوص روايته يفشل النّص الرّوائيّ، ومن الممكن أن يتشعّب الحدث الرّوائيّ إلى حكايات وأحداث جانبيّة، لكنّها ذات علاقة بالحدث الرّئيسيّ بشكل وآخر.
لكنّنا شاهدنا أحداثا وحكايات أخرى لفتيات أخريات، لكن لا علاقة لها بالحدث الرّئيسيّ. وكأن الكاتبة كانت مشغولة في تعداد وذكر أحداث لفتيات بغضّ النّظر عن علاقتها بالموضوع الرّئيسي، وكان بامكانها فعل ذلك من خلال ربط الأحداث الأخرى ولو بخيط شفيف ومقنع من خلال الحوار الذي غاب عن النّصّ بشكل كامل، مع أنّه عنصر مهمّ وضروريّ في كتابة الرّواية.
واضح أنّ الكاتبة قادرة على الرّويّ وكتابة الرّواية، لكن يبدو أنّها كانت مهتمّة بكتابة الحدث أكثر من اهتمامها بأسلوب الفنّ الرّوائي، تماما مثلما سيطر على ذهنها سرعة نشر النّص بذهنيّة وتسرّع ونزق الجيل الشّاب.