الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

سلموا المعبر

نشر بتاريخ: 06/12/2015 ( آخر تحديث: 06/12/2015 الساعة: 15:54 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

هاشتاق إنتشرت نيرانه في الهشيم على مواقع التواصل الإجتماعي يدعو حركة حماس لتسليم إدارة معبر رفح للسلطة الفلسطينية، هو شعار سياسي مناشداتي إفتراضي عاطفي أكثر منه عمل سياسي حقيقي على أرض الواقع، وهو فعل مشروع و مهم وحق من حقوق الإنسان للناس التفاعل والتعبير عن رأيهم للمطالبة بحقوقهم وهو مقدمة للشراكة الحقيقية في صنع القرار.

في حالتنا الفلسطينية والخلافات السياسية الحادة بفعل الإنقسام بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني، لم يعد الأمر يتعلق بالطهارة السياسية والبعد الأخلاقي والعاطفي لحل أزماتنا، والمطالبات الافتراضية في التعامل مع قضيتنا المركزية والقضايا المتفرعة عنها وهموم الناس المعيشية وأزماتنا المستفحلة، لمواجهة الإحتلال وهبة القدس المستمرة من دون أفق ودعمها وإسنادها، أو كالانقسام والحصار والإعمار والبطالة والفقر وإغلاق المعابر، وتقييد حرية الحركة التي تصل حد المنع لغالبية الفلسطينيين في قطاع غزة.

و بعيدا عن ما يقوم به الشبان من حملات على مواقع التواصل الإجتماعي وهو عمل وطني صادق للتخفيف من معاناة الناس في مطالبة حركة حماس تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية، و الصراخ والمناشدات الإنسانية للسلطة أو للسلطات المصرية لحل هذه الأزمة المفتعلة والتي تعبر عن فقدان الإرادة والقدرة في حل ليس أزمة معبر رفح، بل كثير من الأزمات والمشكلات التي يعيشها الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة.

قضية معبر رفح بالنسبة لحركة حماس قبل أن تكون للسلطة الفلسطينية التي تسعى للعودة إلى قطاع غزة، هي قضية شرعية سياسية وإقتصادية أيضاً، و حماس بعد تسع سنوات من البحث عن الشرعية وبعد ان ضمنت لنفسها أن تكون شريك رئيسي في النظام السياسي الفلسطيني، لن تخرج منه هكذا وتسليم المعبر بسهولة وحماس تقول أنها هي الشرعية الوحيدة في قطاع غزة، وتتمسك في حقها في الشراكة كما نصت عليه اتفاقات المصالحة التي كان أخرها اتفاق الشاطئ.

إذا قضية معبر رفح بالنسبة لحركة حماس وهذا هو العرف السياسي القائم في ساحتنا، وأنها جزء من الشرعية وشريك، وهي تسأل ما هو العائد السياسي الذي ستحصل عليه في حال تسليم المعبر.
حماس لن تسلم المعبر وهذا في السياسة مشروع ومنطقي، وللأسف في ظل فقدان الثقة والشك القائمين في مكونات النظام السياسي الفلسطيني لا ضمانات ولا أي عائد حقيقي على الأرض سواء كان عائد إقتصادي والذي تعتبره حماس مهم لديمومتها أو حتى سياسي.
هذا هو حالنا لا طهارة ولا أخلاق، لان المنطق السياسي يقول ذلك ولا يقر بالعواطف والمشاعر الإنسانية، فالقضية سياسية بإمتياز في غياب المصلحة الوطنية و الإرادة والقدرة على إنهاء الإنقسام، وإعادة الثقة والأمل للفلسطينيين و بناء نظامنا السياسي الفلسطيني.

وفي ظل هذا الواقع السياسي المر غابت الفصائل الفلسطينية الوازنة والتي تدعي أنها تنئ بنفسها عن الإنقسام من تقديم مبادرات وطنية حقيقية وإشراك الناس و مكونات المجتمع الفلسطيني والمجتمع المدني، وتشكيل رأي عام فلسطيني ضاغط على طرفي الإنقسام، من خلال حملات مستمرة بإنهاء الإنقسام والتوقف عن خوض مغامرات تفاوضية أو مقاوماتية تجلب الدمار والخراب وبدون إتفاق وطني قائم على الشراكة.

حقوق الإنسان لا تتجزأ ومترابطة ومتلازمة والحق في التنقل والسفر مكفول وبدون الحق في الحياة لا يكون وجود لأي حقوق، ويجب عدم تجزئة قضيتنا الوطنية واختزالها في قضايا فرعية على أهميتها، فقضيتنا سياسية وليست إنسانية، نقوم بمناشدات لواحدة منها ونغفل القضية الأساس.

و حركة حماس تشعر الناس أنهم ليسو في حساباتها، ومطلوب منها تقدم خطاباً وطنياً من دون تشكيك وإتهام الناس بالخيانة، ولا تيأس في البحث عن حلول حقيقية مع الكل، وأن لا تجعل من المقاومة مقدس ثابت لا يجوز لنا توجيه النقد لها. إعادة الحياة لمعبر رفح لا تعني تسليم سلاح المقاومة، فنحن بشر وكل فلسطيني مقاوم بطريقته، وبدل من توجيه الاتهامات والبحث عن صاحب هاشتاق سلموا المعبر و المطالبة بتسليم المعبر، أبحثوا في كيف تتعاونوا معهم في إبراز قضيتنا وعدالتها، هم شبان وشابات يبحثون عن الأمل ولديهم القدرة والإرادة على الفعل أكثر من الجميع وهبة القدس تثبت ذلك.