السبت: 28/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

حقا لسنا بحاجة لسن قوانين جديدة وإنما احترام وتطبيق القانون

نشر بتاريخ: 07/12/2015 ( آخر تحديث: 07/12/2015 الساعة: 11:28 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

جرى خلال فترة المجلس التشريعي الفلسطيني السابق إقرار بعض القوانين وخاصة القضائية، وهي كانت خطوة جريئة من مؤسسات المجتمع المدني وبعض القانونيين في الضغط بهذا الاتجاه مع وجود بعض المصائب التشريعية التي أقرت آنذاك ومنها قانون التأمين لسنة 2005، الذي ضيع بعض الحقوق للمصابين والمتوفين نتيجة حوادث الطرق، ولكن كان هناك إصدارات نوعية ومنها القانون الأساسي الذي احتوى على إلغاء صريح للأحكام العرفية التي سادت فلسطين منذ عهد الانتداب، وإلغاء قانون امن الدولة الذي لا يتناسب مع الحقوق الأساسية للإنسان، وقد لمست أنا شخصيا أثراً ايجابية في تعاون الشرطة وبعض أفراد النيابة مع القوانين الجديدة، وتطبيق بعض القضاء لأحكامها بروحها، والتي أخذت على عاتقها احترام حقوق الإنسان.

فالقانون الأساسي نفسه كذلك احتوى على مواد تفصل بين السلطات وتحدد اختصاصات الرئيس ومجلس الوزراء، ومجلس القضاء الأعلى كسلطة قضائية واختصاص السلطة التشريعية وهي تحتوى على الحد الأدنى من المعايير الدولية، ولكن هناك تهور فقهي من بعض المستشارين الذي توغلوا بطريقة غير قانونية في إبداء الرأي وهي ما أخذت طابع المجاملة والانبطاح الفقهي (إن صح التعبير طمعا في منصب) عندما منحوا بعض المسئولين استشارات خاطئة وعارية عن الصحة وفق القانون ومنها سن قوانين بقرار بقانون أو الحق في حل نقابة الموظفين وغيرها، أو منح المحافظين الحق في توقيف الأشخاص على الذمم الشخصية، فكلها كانت جرح عميق في العدالة القانونية الفلسطينية وكان لها اثر سلبي في التطبيق.

فالقانون يقسم إلى عام وخاص، وإجمالا ما دام هناك دستور جيد فان القانون العام يكون في معظمة جيد، ولا يحتاج سوى لمحكمة عليا وأخرى دستورية وتطبيق مع قبل السلطات بشكل جيد. وخاصة أن القانون الإداري يقوم على السوابق القضائية، والمالي يحكمه مبدأ النزاهة والشفافية أكثر من القانون نفسه، والجنائي يحتوى على مواد جيدة تطبق بحرفية، ولكن يحتاج إلى من يطبقها ويدافع عنها ويحكم بها بعدل السماء لا واسطة البشر.
أما الخاص، فهناك ارث قانوني هائل، فقط يحتاج إلى باحثين قادرين على البحث في أعماقه، فالقوانين القضائية السارية ومنها قانون الإجراءات الجزائية والأصول المدنية والتجارية والتنفيذ والتحكيم، قوانين عصرية وتحتوى على الحد الأدنى من المعايير ولكن تحتاج من يطبقها بحقها وروحها، وهي تحتاج إلى تفسير من قبل القائمين على تطبيقها بحرفية القانوني لا بتطبيق الجاهل بأحكامها، وان كنا لا نمتلك الإرث الكافي من السوابق القضائية الفلسطينية فيمكن الاستفادة من السوابق القضائية المقارنة الإقليمية أو العالمية.

النظام القانوني، ينقسم عالميا بين أربع مدارس وهي الإسلامية والانجلوسكسونية واللاتينية والألمانية مع بعض الفروق، وكلها تلتقي في تحقيق العدالة وقاعدة الإنصاف القانوني، ولكن نحتاج إلى أناس قائمين على تطبيق القانون بحجم العدالة نفسها، وهذا يمكن حله بتدريبهم تدريب احترافي والاستمرار في تقييم أدائهم لتنقيتهم من الأقل أداء عوضا عن ذلك تجنب التعيينات بالواسطة والمحسوبية والانتماء التنظيمي أو غيره وان تكون بمعايير موضوعية.

فالبلد تحتوى وجود بها أكفاء في المجال القانوني، ولا مبرر لأي شخص يعمل في هذا المجال أن يحتج بان المؤسسات غير فاعلة أو أننا بحاجة إلى تعديل القانون أو غيره، بل يجب ان يدرك هذا الشخص أن المشكلة لديه وعليه إصلاحها قبل غيره، بل أن السياسات الخاطئة هي التي أوصلت العمل القانوني إلى مهالك كنا بغنى عنها، فمن يبرر إصدار قانون رسوم المحاكم باكتظاظ المحاكم بالقضايا هو لا يستحق أن يكون بوضع المسؤولية، لأنه نسي المسائل القانونية والدستورية التي أتت به، سواء صح أو لا، ولكن من عين على خلاف القانون والدستور لا يمكن أن يحتكم إليها خوفا من فضحه، ومن يحتج بحاجة تغيير القوانين في ظل غياب السلطة التشريعية، لا يدرك حجم الإرث القانوني لدينا، فقط نحن بحاجة إلى سياسات إستراتيجية واضحة وموضوعية للنهوض بقطاع العدالة الفلسطيني، ونحن متقدين كثيرا في هذا المجال.