الكاتب: المتوكل طه
يمامة
بانت يمامةُ عرشِكَ المُتعالي
يا مَنْ تَمَلَّكَ في الهوى أحوالي
فكبرتُ عبداً في جلالِ زمانه
وهوى على أرضِ السجودِ جلالي
ناديتُ باسمك وامقاً متولّهاً
حتى يكون تقبّلي ووصالي
فهل استجبت وأنتَ أولُ مَنْ إذا
ناديتُ.. لبّي أدمعي وسؤالي؟
سأظلّ في الأعتاب أرجو نظرةً
ما أشرقت شمسي وهلّ هلالي
الرّاح
هذي على رفّ الهوى أقداحي
لَكَأنّها اٌنغمرتْ بِصَهْدِ الرّاحِ
وتضيءُ نُدمانَ الأسى بسيولها
فكأنها في البرقِ بعضُ جراحي
سَكْبَاً على جرحِ النديّ تأوّهاً
فتثير نائمَ أدمعي ونُواحي
وتصبّها راحٌ تُؤجِّجُ نارَها
فتذوب في أرواحها أرواحي
يكفيكَ يا راحَ الأوارِ بأننا
نُسْقى من الأحزانِ بالأفراحِ
عجبا ً! تُحَرِّقنا بثلجٍ راعشٍ
عَجباً ! و" تُسْكِرُنا وأنتَ الصّاحي
كيف الخلاص؟
قلبي بذكركَ إنْ تجلّى واحتفى
فهو المُوَلَّهُ بالحبيبِ المُصطفى
أَنتَ القريبُ وليس غيرَكَ مقْصدي
يا مَنْ به أُحْيي مُحِبَّاً مُتْلَفا
والبابُ أسأُله ليبعثَ نورَهُ
فالكشْفُ دمعٌ بالتوَسُّل مُلْحِفا
ويفيضُ في صدري النهارُ وليتني
أبقى على أعتابه مُتَلهِّفا
أبكي لتغسلنَي الندامةُ بعدما
أسرفتُ في صَدّي وأَتْلَفني الجَفا
لأنالَ بعضَ رضاكَ، فاصْفَحْ دونما
عَتَبٍ، فإنّكَ قد غفرتَ، ومَنْ عَفا
لا شيء مثلُكَ رحمةً وَتَقَبُّلاً..
وَبوسْعِ فَيْضِكَ يا رجائي يُكْتَفى
والتائبونَ لهم إيابٌ مُشْرَعٌ
ولكلِّ مَنْ فَقَدَ الرجاءَ.. وأشْرَفَا
ولِمَنْ تَخَوّض في العباد وَمنْ به
شَقِيَتْ جوارحُهُ وتاَهَ وأجْحَفا
فغداً يُبَدّلهم بتلكَ منازلاً
فيها المُصَدَّقُ خالداً أو مُتْرَفا
***
ماذا إذا ركب الفؤادُ ضلالةً
وأذاب ليلَ المُسرِفِينَ وما انْكفَا
وأراد أنْ يعلو لشَهْدِ كواكبٍ
ويصيبُ سِحراً في اللهيب إذا صَفَا
ماذا إذا حَرَقَ السحابُ أصابعي
ومَشَتْ خُطاي إلى النجومِ تَشَوُّفَا
وخفقتُ رُمّانَ الفرائسِ وارتوى
صدري، وَصَوَّحَ صاحِبايَ وأَتْلفا
ومضيتُ أعصرُ في الضلوع غمامتي
ونسيتُ ذِكْرِكَ، أو أقولُ لهم: قِفا
ماذا إذا الطينُ المُشَقّقُ خانني
والبرقُ يأخذُني إليهِ تَخَطُّفا
ماذا إذا زلَّ الجهولُ ولم أكن
في الإثْمِ ملتفتاً إليكَ وخائفا
وقضيتُ أيامي وراء تَعَطُّشي
وأزَاغَنِي ذاك الحليبُ تَزلُّفا
وبقيتُ أَحلُمُ والغِوايةُ هاجسي
وظللتُ في الدربِ الذي لا يُقتفَى؟
كيف الخلاصُ، وحين أسجدُ سيّدي
يبقى المُصلِّي بالغَزَالَةِ مُدْنَفَا
يا مَنْ جَبَلْتَ على التَّناقُضِ خِلْقَتِي
أرِنِي طَرِيقَكَ إنْ تَلَبَّسَ واختفى
***
ولعلَّهُ آنَ الأوَانُ لِتَوبَةٍ
حتى إذا فَتَرَتْ.. أقولُ لها كَفَى
ولربّما كُنتُ الذي عشِقَ العُلا
وسَعَى ِيُلَبِّي عَهدَ مَنْ صَانَ الوَفَا
سأظَلُّ أَحمَدُ سَيّدي، وعَلى فَمِي
ذِكْرٌ تَهَلَّلَ في التَّيقُّظِ والغَفَا
فَهو الذي يَكسو ويُعطِي كَثرَةً
وبِلا سُؤالٍ، بَعد عُرْيٍ أو حَفَا
قَلبي بنورِكَ جَذوَةٌ لا تَنْطَفِي
مَوَّارَة، حتى إذا الكونُ انْطَفَا
فعَلَى يَدَيّ جَرَى النَّعِيمُ وليس لي
فَضْلٌ، فَخَيْرُكَ في السِّقايةِ والشِّفَا
أنتَ المُجِيرُ إذا اسْتُجِيرَ، وَخَيْرُ مَنْ
جَبَرَ الفُؤَادَ، وإنْ أَمَضَّ وأَسْرَفا
وَلَكَ ابْتَهَلْتُ وقَد سَجَدْتُ مُسَلِّمَا
فَاقْبَل دُعَائِي دَمْعَةً أو أحْرُفَا
***
وأخاف بَطْشَكَ، والزمانُ شواهدٌ
فَاسْتُرْ عَصيّاً من لدُنكَ تلطُّفا
وارحَمْ هشَاشةَ سادرٍ في غِيِّه
يسعى فتقصيه العيونُ تعفُّفا
أَنتَ الإلهُ السرمديُّ وليسَ لي
إلاّكَ يغفرُ في الظهور وفي الخَفا
ولك الخلائقُ والسيّادةُ كلُّها
وأظلّ عبدَكَ عندَ بابكَ مُوُقَفَا
فإذا رحمتَ فأنتَ ربٌّ واسعٌ
وإذا حَكَمْتَ يكون عدلُكَ مُنْصِفا
لكنّني، وبحق وجهك، أرتجي
عفواً تجلّى آيةً أو مُصْحَفا
نجمة
تاهت مطالعُ أشهري ودروبي
واغتمَّ نجمي في السما وسهوبي
وتغلَّقت قضبانُ قلبي حوله
وبدا بعيداً مرقدي وهروبي
والريحُ جائحةٌ بوحش صريرها
وأنا بصدري حسرتي وهبوبي
والأرضُ تلهثُ في الجهاتِ وليسَ لي
جهةٌ تحدّد مشرقي وغروبي
لكنَّ نجماً في حقول مدينتي
أهدى الرعاةَ بشارتي وطيوبي
فاهتز جذعي ثم مار تفجّري
وخلعتُ عن كفِّ الصليب ندوبي
أسلمتُ لَك
في هزيعي وصباحي والعِشا
هام قلبي في حبيبي وانتشى
يَقِظُ البهجةِ لا نومَ له
بِحَريرٍ في ضلوعي فَرشَا
هو في الشريان وردٌ سابحٌ
وشَمَ الصَّدْرَ به أو نقشا
وأناديه قريباً من دمي
فأراني في الأقاصي غبشا
وكأني في حروفي لم أزَلْ
أحملُ الأسماءَ نبضاَ رَعِشا
وسأبقى خاضِعاً في عشقهِ
نجْمهُ نورٌ بأضلاعي فَشى
كلما كنتُ له أدركتُه
وإذا غبْتُ سأبدو نمَشَا
هو أنفاسي وأنساغ الهوى
وعبيرُ الحقل بالزَّهْر وَشَى
***
وإذا قلتُ له :اقْعُدْ سيدي
ركبَ السرجَ وللريح مشى
وإذا الدمعُ يغطّي وجنتي
وطَفَا الجمرُ وفي الجفنِ غَشا
قلتُ: عُدْ للصَّبَّ واَرْحَمْ وامقاً
وملأتُ الكأسَ شهداً ونَشا
زاد في الخَطْوِ وَخَلّى نابضي
لِسهامِ القَنْصِ إذ ترمي الرَّشا
***
أنتَ مَنْ يسمعُ همسي داعياً
وإذا ما شئتَ للوصل أشا
أنتَ مَنْ يعفو عزيزاً قادراً
لستَ من قالوا ، وحاشا ، بَطَشا
لا تدعني سيّدي، ارْحمْ فأنا
لكَ قد أسلمتُ روحاً وَحَشَا