نشر بتاريخ: 11/12/2015 ( آخر تحديث: 11/12/2015 الساعة: 15:59 )
الكاتب: عطا الله شاهين
في مساءٍ ماطرٍ وباردٍ عطفتْ عليه تلك المرأة وأعطته معطفها، فشكرَها، ولكنَّها فكّرتْ في أخذِه إلى منزلِها، فهي تعيش لوحدها، فاقتربتْ منه وقالتْ له: تعال معي، فبحلقَ فيها ولمْ يُصدّق حينها ما سمعَ، فقامَ وبدا على مُحيّاه الفرحُ، وسارا سويةً تَحْتَ المطرِ حتى وصلا إلى منزلِها، وهناك أجلسته على أريكةٍ قديمة، وأشعلتْ مدفأةَ الحطب، فجسدُه كانَ يرتجفُ مِنْ شدّة البرْد ..
وبعد قليلٍ عادتْ بكوبيْن من الشّاي، وشربا سويةً، وشكرَها على عطفِها عليه، واقتربتْ منه وقالتْ: لا تشكرُني، فأنا شفقتُ عليكَ لأنّني وجدتكَ تموتُ على قارعةِ الطَّريقِ، فبوسعكَ أنْ تنامَ هنا .. فهزّ رأسه وقالَ: ولكنّني لا أريدُ أيّةَ مشاكلٍ لكِ فقالتْ له: أنا أعيشُ بمُفردي هنا، فابتسمَ وكأنّه أخذَ الأمانَ مِنها .. وسهرا حتّى ساعة مُتأخرة وذهبتْ المرأةُ للنّومِ، أما هو فظلَّ جالساً أمام المدفأة وغفا أمامها.. وبعد مرور وقتٍ قصيرٍ شعر بدفءٍ غريبٍ، فنظر وإذا هي تلك المرأة كانت تنام بجانبه، فهمسَ لها ما الذي يقلقكِ؟ فرّدتْ عليه لا تنامُ الرّغبة وتزعجني، ولا تهدأ، ففهمَ ماذا كانتْ تقصدُ وقال لها: فأنا مثلكِ لا يأتيني النّوم.
وفي الصّباحِ وجدها نائمة بجانبِه فنبّهها وقالَ لها: ما أروع الدّفء، فردّتْ عليه بابتسامة، وأنا شعرتُ البارحة بدفءٍ رائعٍ منكَ، فابتسمَ الرّجلُ المُشرّد وقال لها: لكنّ دفئكِ كانَ ساخناً لدرجة أنني بدأتُ أهذي مِنْ فرَحي في العتمة، فقالت له : أتدري بأنَّ هذه أول مرة أشعرُ فيها بدفءٍ ففهمَ الرّجلُ ماذا كانتْ تقصدُ.
وهمّ بالرحيلِ تَحْتَ المطرِ، فأوقفته، وقالت له: إنْ كنتَ تريدُ العودةً فليس عندي أيّ مانعٍ، فابتسمَ الرّجل المُشرّد وقال لها: سأفكّرُ حينما أشعرُ بالبردِ، فابتسمتْ تلك المرأة، وقالت له: وحدتي قتلتني.. ففهمَ الرّجلُ المُشرّد وعادَ في المساءِ وبدأتْ بينهما قصّةُ حُبٍّ، واستمرّتْ لأيامٍ وظلَّ الحُبُّ بينهما مشتعلاً، وفي كل ليلة كانتْ تسأله أتشعرُ في بردٍ الآن؟ فكانَ يردُّ عليها كيف أشعرُ في البردِ وأنتِ تُلهبينني بنفسِكِ..