نشر بتاريخ: 13/12/2015 ( آخر تحديث: 13/12/2015 الساعة: 11:03 )
الكاتب: محمد نجيب الشرافي
انشغل الفلسطينيون طوال الاسبوع الماضي في إيجاد مخرج لازمة معبر رفح ومعاناة الناس في غزة. فمنهم من قال إن "الانروا" يمكن أن تتسلم المعبر وتشرف عليه، ومنهم من قال اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي.
وبينما هم كذلك، قالت الناطقة باسم الصليب الاحمر "ليس لدينا تفويض لإدارة معبر رفح ولا من مهمتنا" مضيفة: أن فتح معبر رفح أو غيره لا يعود للصليب الاحمر، وإنما لقرارات السلطات المعنية حماس والسلطة الفلسطينية ومصر واسرائيل، وبذلك ينطبق على هذه الحالة المثل القائل: "قطعت جهيزة قول كل خطيب".
يرجع أصل المثل إلى أن قوما اجتمعوا يخطبون في صلح بين قومين قتل أحدهما من الاخر قتيلا. فإذا بأُمة – جارية – اسمها جهيزة جاءت تقول: ان القاتل قد ظفر به بعض أولياء القتيل وقتلوه، فقالوا عند ذلك: "قطعت جهيزة قول كل خطيب" وراحت مثلا.
يبدو أننا بحاجة الى "جهيزة " في كل نازلة وكل موقف خاطئ ترتكبه حماس – على كثرتها – ومع ذلك ليتهم يقتنعون عدم صواب رأيهم رغم الشواهد والادلة وأن عنادهم يأخذنا رهينة من أزمة الى أخرى أسوأ من سابقتها في عناد ومكابرة على طريقة "عنزة ولو طارت".
من المعروف أن المنافذ الدولية كالمطار والميناء والمعابر الارضية وكذا المجال الجوي والمياه الاقليمية هي مناطق سيادية لا يجوز بأي حال من الاحوال سيطرة حزب ما عليها أيا كان ومهما كانت قوته، والاستثناء الوحيد في هذه الحالة سيطرة عصابات المافيا في امريكا الجنوبية على بعض الموانئ أو اقامة موانئ خاصة بها.
وفي حالتنا الفلسطينية، فان اللجوء إلى اقتراح جهات دولية لتشغيل معبر رفح والاشراف عليه يشكل هروبا وتخليا عن منطقة سيادية خالصة لا تقبل بها حتى الدول المهزومة عسكريا. ولكنهما يمكن أن يكونا مقبولين إذا ما تعلق الأمر بالمسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس بشكل عام، ذلك أن الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين قائم على تحرير الاقصى من التدنيس وحماية الارض من التهويد.
أما لماذا لا تريد سلطة الامر الواقع في غزة تسليم المعابر فقد ساقت لذلك أسبابا تارة بزعم أن التسليم يشكل استهدفا للمقاومة واضعافها، وتارة أخرى تربط بين التسليم ورواتب موظفيها وقالت أخيرا خوفها على انتفاضة القدس!! ولا نعرف إن كان في جعبتها مبررات أخرى لعنادها أم لا.
منذ ارتكبنا خطأ انتخابهم قبل ثمانية أعوام، ولا شيئ في غزة يسر القلب. "لن نقبل أن يظل مليونا مواطن رهائن، وعلى سلطة الامر الواقع أن تصحو من غفوتها". كما قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى انطلاقتها الـ48.
بدوره توجه ماهر أبو صبحة رئيس هيئة المعابر السابق في "حماس" بنداء استغاثة إلى النائب العام لمعالجة جريمة الرشاوى التي فاحت رائحتها، وأؤلئك الذين يتقاضون آلاف الدولارات من الشخص الواحد لتسهيل مروره على المعبر دون سواه من المواطنين. أبو صبحة أطلق صرخة صدق: "إن لم تتحرك فورا للعلاج فأنت آثم. وزارة الداخلية، وأنا منها، جميعنا آثمون .. كفى تلاعبا بمصير الناس .. كفى جشعا وطمعا". وهل هناك أصدق من هذه الكلمات؟!
متى نفهم يا قوم. متى نتعظ ؟؟!