الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل حققت قمة المناخ العالمية في باريس اهدافها؟

نشر بتاريخ: 14/12/2015 ( آخر تحديث: 14/12/2015 الساعة: 11:04 )

الكاتب: عقل أبو قرع

مع انتهاء اعمال قمة المناخ العالمية في باريس واسدال الستار على مداولات شاقة ومضنية امتدت لحوالي اسبوعين، ومع الابتهاج والضجة الاعلامية الكبيرة التي رافقت انعقادها وكذلك رافقت حفل التوقيع على الاتفاق التاريخي، كما تم وصفة من قبل العديد من الجهات، يبقى السؤال الاهم عند المتابع وعند المراقب والمختص وحتى عند المواطن العادي، حول الية التطبيق والتنفيذ، والاهم حول اليات متابعة التنفيذ ل196 دولة وقعت على الاتفاق، والاهم حول مدى الالتزام بالتعهدات، سواء فيما يتعلق بخفض نسب انبعاث غازات التلوث الى الجو لكل دولة، او حول توفير ال 100 مليار دولار سنويا، من الدول الغنية ، الى الدول الفقيرة؟

ومع التوقيع الطموح والذي يبدو انة غير واقعي او عملي، وذلك بالنظر الى اتفاقيات مماثلة سابقة تم توقيعها، فيما يتعلق بالمناخ والاحتباس الحراري وتداعياتة، ومع توقع اجراءات طويلة ومعقدة ومهاترات سياسية في بعض الدول من اجل المصادقة على هذه الاتفاقية، وبالاخص حين يتداخل المال مع السياسة والاقتصاد والصناعة والانتخابات، ومع انتظار التزام دول اساسية مثل الولايات المتحدة الامريكية والصين والهند والبرازيل ببنود الاتفاقية، وبالتالي البدء العملي في التوجة الى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة والخضراء، ومن ثم الحد من بث غازات التلوث الى الجو، مع انتظار كل ذلك، يبقى الطموح والتفاؤل هو في المستوى النظري وفي باب التمنيات والتوقعات والمبادرات الخلاقة؟

ومن شاهد الصور والابتسامات والتقبيل والاحتضان والمجاملات، بين رؤوساء وملوك ورؤساء حكومات ورؤساء وفود واصحاب القرار في العالم، سواء مع بدء انعقاد القمة، او في نهاية اعمالها وتوقيع الاتفاق، ينتابة الانطباع ان العالم بخير، وان الاوضاع العالمية هي على ما يرام، وان النظام البيئي العالمي مصان ومحافظ علية ولا يوجد خطر علية، والان الارض وما عليها من بشر وغير بشر هم في امان، ولكن وتحت هذه الابتسامات والمجاملات بين من يحكم العالم من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، تختفي المأسي والحروب وروائح الدم والانتقام والمصالح، وتغيب الاخلاق والشعارات والدعوات التي يسمعها المواطن العادي الذي يشاهد شاشة التلفاز وهو مسرور لما يرى ويشاهد؟

والاهم يستمر تدمير النظام البيئي العالمي، سواء من خلال الطائرات التي تقصف الاهداف في سوريا او في اليمن او في العراق، او من خلال الصناعات العسكرية وغيرها التي تلتهم النفط والطاقة الذي يلوث البيئة، او من خلال تأكل الاراضي وتلوث المياة والفيضانات والتصحر وانقراض الزراعة والحياة، والذي مسؤول عنة هم السياسيون والسياسة ومصالحهم وارتباطاتهم وتحالفاتهم مع رجال المال والاعمال والاقتصاد، وبالتالي فأن من دفع ويدفع ثمن ذلك هو ذلك النظام البيئي العالمي، وبدون ان نرى خطوات او انجازات عملية ملموسة تحد من الاحتباس الحراري ومن تداعياتة البيئية المدمرة؟

وحسب احد التقارير الدولية، سوف يخسر العالم التربة الصالحة للزراعة، المتوفرة حاليا، خلال ال 60 عاما القادمة، اذا استمر الوضع الحالي على ما هو علية، والذي يؤدي الى تداعي خصوبة التربة وبالتالي عدم امكانية زراعتها، والسبب الاساسي لذلك هو التغيرات المناخية التي يحدثها البشر، وبالاخص الدول الصناعيىة الكبرى والتي تتحكم في الاقتصاد العالمي، من خلال زيادة بث الغازات والملوثات الى طبقات الجو، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع درجة حرارة الارض والتربة، ومن زيادة التصحر، اي عدم القدرة على زراعة التربة، ومن ذوبان للجليد، ووبالتالي احداث الفياضانات، واغراق مساحات من الارض، وكذلك بسبب الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية، وكل ذلك سيكون لة تداعيات كبيرة على الاجيال القادمة؟

وحين الحديث عن الحد من الغازات التي تلوث الجو والبيئة، فهذا يعني الحديث عن الحد من النشاطات الاقتصادية، او الى التوجة نحو الاستثمار اكثر في نشاطات اقتصادية صديقة للبيئة، او نشاطات صناعية نظيفة وخضراء، وهذا يعني او يؤثر على المال والفلوس والاستثمار والعمل والتشغيل، وهذا يعني بالضبط السياسة وتداخل المال مع السياسة، او تداخل وتأثير رجال المال والاقتصاد على السياسيين، وهذا يعني مدى صعوبة نقاش موضوع التغيرات المناخية في قمة المناخ القادمة في فرنسا، وبالاخص من قبل الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة الامريكية والصين واليابان والهند وغيرهما، حيث يلعب المال الدور الريئسي في ايصال او بقاء السياسيين في الحكم وصنع القرار؟

وقبل انعقاد قمة المناخ العالمية في باريس، كنا نعرف ان الهدف من انعقاد القمة، هو وضع خطة او الاتفاق على الية عملية، مع برنامج زمني محدد، للحد من انبعاث الغازات والملوثات الى الجو، والاهم وضع نسبة او حصة معينة لكل دولة وبالاخص الدول الصناعية الكبرى لتحقيق ذلك، وبالتالي الحد من التغييرات المناخية والبيئية العنيفة، التي تجتاح العالم، وتهدد الغذاء والتربة ومصادر المياة، وحتى تعتبر من اكثر المخاطر على الاقتصاد العالمي، وعلى الصحة العالمية، وعلى الامن الغذائي، وحتى على الاستقرار السياسي والاجتماعي وحتى البقاء لدول ومناطق مختلفة في العالم؟

ومع حضور وتمثيل فلسطين من خلال وفد رسمي على اعلى مستوى في القمة، فأننا في فلسطين، ورغم اننا لسنا بالبلد الصناعي او الزراعي ذو التأثير الملموس على البيئة والمناخ في العالم، الا اننا قد نتأثر بما يقوم بة الآخرون في العالم، وبسبب البقعة الجغرافية الضيقة عندنا، والمصادر الطبيعية المحدودة، والزيادة المرتفعة نسبيا في إعداد السكان، فقد يكون هذا التأثير علينا كبيرا وملموسا، ان لم يكن الان فسوف يكون بعد فترة، وبالتالي فأن ما يتم في العالم من نقاش او جدل حول اساليب الحد من التغيرات المناخية، قد يكون لة انعكاس علينا، ولو بشكل غير مباشر، سواء في المدى القصير او البعيد
ومع انتهاء انعقاد قمة المناخ العالمية في باريس، والاعلان الطموح من خلال وضع حد اقصى لارتفاع حرارة الارض ب درجتين، او الاكثر طموحا بدرجة ونصف مئوية فقط، ومع الاعلان عن التزام الدول الغنية بتوفير 100 مليار دولار امريكي سنويا، وتقديم هذا المبلغ الى الدول الفقيرة للتعامل مع تداعيات المناخ الذي سببتة الدول الغنية، ومع انتظار التطبيق العملي لكل ذلك، ومع انتظار التقارير الدورية لعمليات المتابعة والتقييم والقياس لتنفيذ الاتفاقية، يبقى حلم التعامل مع تداعيات التقلبات المناخية في العالم، بشكل جدي ومستدام، يبقى حلما ينتظر تطبيقة الالاف من الملايين في العالم وبالاخص من الذين باتوا يلمسون اثار مع فعلتة الدول الصناعية والغنية في بلدانهم ومناطقهم واراضيهم وغذائهم وامنهم واطفالهم؟