نشر بتاريخ: 14/12/2015 ( آخر تحديث: 14/12/2015 الساعة: 14:17 )
الكاتب: الأسير رأفت جوابره
تتزاحم المناسبات في هذه الأيام التي تحيي فيها التنظيمات الفلسطينيه ذكرى انطلاقتها وتتزاحم معها التساؤلات عن أداء هذه التنظيمات وما حققته للقضيه والشعب الفلسطيني وما عدد الخطوات التي انجزتها على طريق إنهاء الإحتلال ونيل الحريه وهذا يعيدنا إلى تجربة الحركه الوطنيه الفلسطينيه منذ نهاية الإحتلال العثماني وبدأ الاستعمار البريطاني وما رافقه من إعادة تشكيل للمنطقه وللقوميات الجديده والتي تمت صياغتها بالتعاون بين القيادات العربيه ودول الإستعمار للمنطقه العربيه من خلال تحالفات واتفاقيات بقيت سريه بمعظمها إلا أن نتيجتها كانت ملموسة على الأرض حيث كان الشعب الفلسطيني كبش الفداء لهذه الإتفاقيات وعندما نبحث عن دور القيادات السياسيه وما حققته في بلورة الوعي الجمعي الفلسطيني فإن النتيجه أقل ما يقال عنها أنها مخيبه للآمال .
ففي الوقت الذي كانت تبنى فيه دول جديده على أنقاض البيت الفلسطيني كانت القيادات الفلسطينية تتخبط ما بين التبعية لسوريا أو الإستقلال من جهه وبين الولاء العائلي والطبقي من جهة اخرى وبقي هذا التخبط إلى أن دفعنا ثمنه باهظا ورأينا نتائجه في نكبة عام 1948 وبقينا بعد النكبة في صدمة الهزيمه وفشل القيادات الوطنيه وتشتتها في الوقت الذي كانت فيه الحركه الصهيونيه تعزز احتلالها وتغير ملامح الوطن ديموغرافيا وجغرافيا ونحن في غيبوبتنا ومع بدأ إعادة تشكيل الأحزاب والتنظيمات التي بدأت تأخذ دورها في مقاومة الاحتلال وإعادة النهوض بالشعب الفلسطيني إلا أنها لم تتقدم خطوه واحده باتجاه الحريه والاستقلال وما هي إلا سنوات قليلة حتى أحكم الإحتلال عدوانه على شعبنا باحتلال ما تبقى من فلسطين والتي كانت تحت الوصايه الهاشميه في عام 67 فكانت الهزيمه الثانيه والفشل الثاني وهو ذات التخبط مع إختلاف الأسماء والمسميات .
انا لا أتطرق هنا إلى ما قدمته التنظيمات وشعبنا من تضحيات فهي جسيمه ولكن كان من المفترض من القيادات الفلسطينية أن تصهر هذه التضحيات في طريق الحريه والاستقلال ولكن وللأسف الشديد هذا لم يحدث ولم نتقدم خطوه واحده نحو تحرير فلسطين التاريخيه واستقلالها وهذا الفشل دفع ببعض القيادات للبحث عن حلول وسط ليغطوا بها فشلهم فكانت الجريمه الكبرى بحق الوطن بأن يقر ممثلوا الشعب الفلسطيني أن 78% من فلسطين ليست فلسطين بل هي اسرائيل وتم تسويق هذه الجريمه في المؤتمرات والمهرجانات على أنها إنجاز وطني كبير نحتفل به سنوياً ويستمر التخبط ويزداد تقطيع الوطن جغرافياً وسياسياً واجتماعياً وتبقى احتفالاتنا بالنصر والاستقلال كما هي .
ولكن الم يحن الوقت لأن نضع العمل الوطني الفلسطيني في الميزان ليس ميزان ما قدمناه من تضحيات في الماضي ولكن بميزان ما تم إنجازه على الأرض وما ينتظرنا في المستقبل فبعد هذه السنوات الطويله نجد نسائنا وأطفالنا بصدورهم العاريه أمام آلة الحرب الصهيونية وبرغم ما تحمله هذه الصور التي تعكس حجم البطوله والاستعداد للتضحيه لهؤلاء الأطفال والناس إلا أنها تعكس أيضاً الواقع المرير والمؤلم للقيادات الفلسطينيه والعمل الوطني الفلسطيني بشكل عام ففي الوقت الذي يقدم به أطفالنا هذه التضحيات تنقسم التنظيمات والقيادات الفلسطينيه إلى جهة تكتفي بالدعوه من خلال التها الإعلاميه الضخمة إلى استمرار بقاء أطفالنا وحدهم في مواجهة هذا العدوان وجهة أخرى تكتفي بالصمت في صورة تعكس مدى العجز الذي وصلت إليه هذه القيادات.
المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى وبدل أن نشغل أنفسنا في طقوس تمجيد الذات التي تتجسد في احتفالات ذكرى تأسيس الأحزاب علينا أن نحول هذه الطقوس والاحتفالات التي تبدو كاحتفالات النصر إلى مؤتمرات نناقش بها بكل مسؤولية أسباب فشلنا وطرق إعادة جهودنا إلى سكة تحرير فلسطين والا نضيع جهودنا في الدفاع الغير موضوعي عن أصنام صنعناها بأيدينا وجعلناها قبلتنا الجديده.