نشر بتاريخ: 15/12/2015 ( آخر تحديث: 15/12/2015 الساعة: 10:36 )
الكاتب: عيسى قراقع
في المكان الذي كان فيه الموت الاول والحياة الاولى اضأنا شجرة الميلاد في مدينة بيت لحم، بصمت وبصلاة كنعانية هادئة، رفعنا ايادينا عاليا الى السماء، تضرعنا وبكينا ورددنا الآيات والترنيمات المقدسات وقلنا:
يا ربنا العالي، ونحن ندخل سنة جديدة، امامنا جنازات كثيرة، وخلفنا جنازات كثيرة، ودعنا ابنائنا وبناتنا المذبوحين على كل حاجز وفي كل شارع، وفي كل قرية ومدينة، اهلنا عليهم التراب وزرعنا الزيتون واستقبلنا المطر، ووقفنا بأجسادنا وذكرياتنا وبكل ما فينا من ايمان نتصدى لهؤلاء الغزاة قبل ان يصلوا طفل المغارة ويغتالوا الصلاة.
يا ربنا العالي، لازالت دولة اسرائيل تطارد نجمة المدينة الفضية، تلاحق الصغار، تقتلهم او تزجهم في السجون والمعسكرات، صاروا هدفا للقناصة والرصاص المتفجر، رفعوا الحصانة عن طفلك، عذبوه وضربوه وهشموا رأسه ومذوده، والقوه هناك في الظلمات خلف القضبان، لا نوم في المدينة يا رب ، لا ضوء ولا مسرّة ولا سلام.
يا ربنا العالي: نحن عبادك الصالحين الصابرين الصامدين، وكما اردت دافعنا عن المدينة وحنطتها وكرومها وآبارها سنوات سنوات، وعندما اقتحموا الكنيسة والمسجد انتفضنا بين التين والزيتون وفي القدس والناصرة حتى فاضت الارض بالدم والشهداء.
يا ربنا العالي، هذه المدينة المباركة، تشتعل بين حاجزين وتصلي ، حاجز عتصيون العسكري، وحاجز الكونتينر العسكري، وما بينهما موت وحشر ومستوطنات وخوف، تسقط وتنهض ، يتحرك الضحايا على البلاط المقدس، تنفجر اسماؤهم وهم يحتفلون بميلاد موتهم، بيوتها ترتب مقابرها للحجيج القادمين من ارجاء الكون ، ورد وبخور ودهشة في صلاة منتصف الليل .
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي، تحمل اسمك يا رب فوق النعوش وفي النشيد، يمتزج صوتها بماء البئر ورائحة المكان، وبهذه الخطوات القادمة من التاريخ والمعنى، هنا النبي والصخرة وضفائر الشمس وبشرى الحرية وصوت الهوية.
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي، للشهداء الذين قتلهم سيف تل ابيب في اوج احلامهم وفي طريقهم الى الحياة، للاسرى القابعين في السجون المقهورين المعذبين، يصارعون الحديد والقوانين الظالمة من اجل العدالة الالهية والسلام الحرّ.
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي، للاجئين الغاضبين الخارجين من نكبتهم احياءا وامواتا، المتمردين في مخيمات الدهيشة وعايدة والعزة والعروب وبلاطة وقلنديا والفوار وطولكرم ، لم يحمهم علم الامم المتحدة في عودتهم من مذبحة الى مذبحة الى قراهم وبيوتهم ورائحة الحنين المعلقة فوق اشجارهم الاولى.
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي، هي ايام قدسية، يجتمع الانبياء والدم والشتاء والنار هنا، كنيسة المهد امامها، القدس تتحرك نحوها، البحر حاضر في هواءها، فاحمها يا رب من دولة اسرائيل البوليسية، ولا تمكنها من صلب المدينة مرة أخرى، وقتل الحمام على قوس الفرح.
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي، تضيء بالدم، تطل على السموات السبع نورا يصعد من حاراتها العتيقة، من خبزها وعسلها الاحمر، يلتقي الماضي بالحاضر في شوارع المدينة، رائحة الجغرافيا اقوى من الاساطير المسلحة، بلد يلبسها الشهداء ويرتفعون بها اعلى منها، يعودون بها خضراء خضراء.
بيت لحم تشتعل بين حاجزين وتصلي:
يا رب
هذه الارض بيتك
ممتلئة بنا دما وذكريات
لن يدخلوا بيتك
هي اركان صلاتنا
وصوت الآيات