نشر بتاريخ: 17/12/2015 ( آخر تحديث: 17/12/2015 الساعة: 09:07 )
الكاتب: عطا الله شاهين
تذكَّرتْ تلك المرأة العجوز أيام صباها، حينما كانت تنهضُ مِنْ فراشِها مع ساعات الفجر الأولى، وتذهبُ مع أبيها إلى كرومِ العنب والتّين، فكانتْ تصلُ منهكة، وتبدأ بقطفِ ثمار التّين ووضعها على الأرضِ لتجفيفها لكي تصبح قطينا، فتذكّرت المرأة العجوز مساطيح القطين، وكيف كان اللصوصُ يسطون عليها في بعض الليالي، حينما كنّا نبيتُ هناك تحت العريش، وقالت كنّا نسمعُ خطوات اللصوص، فكنتُ أنهضُ وأصرخ عليهم بصوت عالٍ لكي يهربوا.. وفي الصباح أقومُ بجمعِ القطين وأنقله إلى بيتنا في البلدة..
وكانت المرأة العجوز تسردُ أيامها الجميلة التي عاشتها في كرومِ العنب والتّين، والحسرة جلية على محياها المتجعد، الذي بدا عليه الحنين لتلك السنوات .. وتذكّرت حينما كانتْ تأتي إلى والدها عند ساعاتِ الظهر وتدعوه إلى تناول أكلٍ بسيط كانتْ تعدّه على النار، مثل قلاية بندورة وعجة بيض مع الزعتمان.. كنتُ أصغي إليها بكل صمتٍ وجعلتني أعيش للحظات في تلك السنين الخوالي وتقت لحظتها لو يعود بنا الزمن كي نهتم بأراضينا كهذه المرأة العجوز..
كانت تنظر صوبي وتقول أحنُّ لتلك الأيام ويا ليتها تعود، لكنني لاحظتُ بأنها تبسمتْ باستهزاء، وكأنها تعلمُ بأن تلك الأيام لنْ تعود ..
فحنينها المستمرّ لأيام العنب والتين يجعلها تعيش في ألم وحسرة، وتحنُّ لتلك الأيام، لأنَّ الحياةَ كانتْ بسيطة، على الرغم من الفقر الذي عانوه الناس..