الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطينيو48 في مواجهة الاستئصال

نشر بتاريخ: 21/12/2015 ( آخر تحديث: 21/12/2015 الساعة: 12:33 )

الكاتب: غسان مصطفى الشامي

يواجه فلسطينيو 48 حربا شرسا تستهدف تهجيرهم عن أرضهم ووطنهم، وتستهدف هويتهم وصمودهم، فقد باتوا يشكلون خطرا حقيقيا على الكيان الصهيوني كيف لا وهم حماة المسجد الأقصى المبارك ووقود انتفاضة القدس الدائم، وقدموا منذ بداية الانتفاضة عشرات الشهداء ومئات الجرحى، ويواصلون دعمهم ومساندتهم لهذه الانتفاضة.

ويسجل التاريخ الفلسطيني ما واجهه فلسطينيو48 منذ النكبة من محاولات صهيونية من أجل طردهم عن أرضهم، خاصة أنهم أصبحوا يشكلون قنبلة ديمغرافية تتنامى بصورة يوميا، وقد يتساوى عددهم مع الصهاينة خلال السنوات العشر القادمة بحسب آخر الإحصائيات السكانية.
وقد ازدادت في هذه الأيام حدة الغضب والحقد والكراهية وسط الصهاينة تجاه فلسطينيو 48 ويبرز ذلك من خلال التصريحات العنصرية للقادة الصهاينة التي تدعو إلى قتل الفلسطينيين وتهجيرهم عن أرضهم، فيما أظهرت دراسة مسحية أن شبكات التواصل الاجتماعي مليئة بشعارات وتغريدات تدعو لقتل فلسطيني 48 منها شعار "الموت للعرب"، وشعار "كراهية العرب ليست عنصرية إنما هي قيم"، كما أظهرت الدراسة أن هناك شعور بانعدام الأمن والأمان لفلسطينيي 48 بسبب هذه الشعارات العنصرية التي تدعو لقتلهم وتهجيرهم.

ويلعب فلسطينيو 48 دورا بارزا في الصراع الفلسطيني الصهيوني، رغم ما يواجهونه من خطر الاجتثاث والاستئصال، كما أن الحركة الإسلامية في الداخل لها دورا هاما ومميزا في مواجهة مخططات العدو الصهيوني تجاه القدس والمسجد الأقصى، فيما يعتبرها العدو الخطر الأكبر على وجوده، مما جعل الكيان يتخذ قرارا بحظر الحركة الإسلامية، ووقف أنشطتها وفعالياتها، وإغلاق مؤسساتها الاجتماعية والثقافية والخيرية، وتضييق الخناق على تحركاتها بين الجماهير الفلسطينية في الداخل.

وأود في هذا المقال التذكير بدور الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني بقيادة الشيخ رائد صلاح منذ تأسيسها، حيث تصدت الحركة الإسلامية منذ زمن بعيد للمخططات الصهيونية ضد المسجد الأقصى، وحذرت مرارا من تقسيم المسجد الأقصى وتهويده، كما كان للحركة جهدا بارزا ومميزا في الدفاع عن مسجد الأقصى من خلال إطلاق حملة " الأقصى في خطر " و النشاطات الإعلامية التي تشرفت عليها الحركة الإسلامية وتهدف إلى التعريف بالخطر المحدق بالمسجد الأقصى، كما نظمت الحركة المئات من الفعاليات دفاعا عن المسجد الأقصى، وهناك مهرجانا سنويا دأبت الحركة على تنظيمه منذ عشرون عاما، كما يحسب للحركة دورها البارز في تسير العشرات من الحافلات المجانية لزيارة المسجد الأقصى في كل يوم جمعة، كما يحسب للحركة دورها في الوقوف في وجه الحفريات في المسجد الأقصى وجهودها في عمارة المسجد وتشييد المصلى المرواني.

كما يلاحق العدو الصهيوني الكثير من الشخصيات الاعتبارية في الداخل الفلسطيني لدورهم البارز في الدفاع عن المسجد الأقصى ووقوفهم بوجه المخططات الصهيونية والجرائم الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا، وأبرز هذه الشخصيات شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح الذي ساهم بدورٍ كبيرٍ في الدفاعِ عن المسجد الأقصى المبارك من دنس المحتلين، فيما تعرض الشيخ صلاح مرات عديدة للسجن، ومحاولات الاغتيال، كما تعرض للإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك لعدة شهور، كما تعرض المفكر الفلسطيني عزمي بشارة للاعتقال والإبعاد حيث حكمت عليه المحكمة الصهيونية بالإبعاد القسري عن فلسطين دون عودة، كما تعرّضت النائب حنين الزعبي للاعتقال والتهديد بسبب مواقفها الرافضة لسياسات الاحتلال، وتعرّض النائب محمد بركة للتهديد، وقدمت بحقه لائحة اتهام، وهناك الكثير من الشخصيات الفلسطينية في الداخل يشكلون خطرا على الاحتلال بسبب مواقفهم تجاه السياسات العنصرية الإجرامية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني .

إن الحرب التي يواجهها فلسطينيو الداخل شرسة، بل وتزداد ضراوة هذه الأيام لدورهم في انتفاضة القدس، وقيامهم بعدد من الفعاليات والإضرابات المؤثرة والتي جعلت العدو الصهيوني يحسب لهم ألف حساب.
وقد كشف مؤخرا مؤتمر الأمن القومي (الإسرائيلي) "هرتسيليا" الذي يشارك فيه عدد كبير من المسؤولين الصهاينة الكبار- عن نتائج خطيرة تستهدف وجود فلسطينيو 48، وجاءت توصيات المؤتمر تدعو إلى استخدام سياسة التهجير تجاه فلسطينيي 48 إذا ما أتيحت الظروف المناسبة، كما دعا المؤتمر الصهيوني إلى المسارعة في تضييق الخناق عليهم، وملاحقتهم بصورة يومية، وأوصى المؤتمر الصهيوني بالإسراع في التهويد ومصادرة الأراضي والتوسع في الاستيطان، وتشجيع الهجرات اليهودية والعمل على إنشاء مناطق عازلة بين فلسطينيي 67 وفلسطينيي 48.
وفي هذا الصدد يرى مراقبون ومتابعون للشأن الصهيوني، أن سلطات الاحتلال تعمل على التطبيق الحرفي لقرارات مؤتمر "هرتسيليا " من خلال ممارسة إجراءات الاستفزاز والتضييق والتحريض والقهر والتمييز ضد فلسطيني الداخل.

كما أن هناك خوف وقلق إسرائيلي من آثار انتفاضة القدس على فلسطينيي الداخل، وينبع الخوف من خصوصية فلسطينيي الداخل وقربهم من المجتمع الصهيوني ومعرفتهم أحوال ومعايش اليهود أكثر من غيرهم من الفلسطينيين، وبالتالي تحول حالة المقاومة الفردية إلى حالة منظمة جماعية وتواجه كل الدعم والمساندة من الداخل الفلسطيني، وهذا ما يؤرق العدو ويجعله حذرا ويخشى من أية انتفاضة قد تحدث هناك .
أمام فلسطينيي 48 ظروف وتحديات كبيرة وعصية من أجل مواجهة الإجراءات (الإسرائيلية) بحقهم، والوقوف بصرامة في وجه مخططات التهجير والطرد، ومصادرة أراضيهم، ولابد عليهم مواصلة فعالياتهم ونشاطاتهم الرافضة للقرارات الإسرائيلية بحق الحركة الإسلامية، والرافضة للسياسات الإسرائيلية التي تمارس بحقهم والرافضة لجرائم الصهاينة في المسجد الأقصى وسياسات الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى.