الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد اربعة عشر اسبوعاً على الانتفاضة

نشر بتاريخ: 26/12/2015 ( آخر تحديث: 26/12/2015 الساعة: 20:19 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

سقطت الشعارات امام الدم، سقطت الكلمات امام الرصاص، سقطت المواقف امام  الجنازات، سقطت الاختيارات امام الرؤيا. وسقط "الكبار" امام "الصغار".

سقطت اسرائيل امام احمد مناصرة وعشرات الاطفال الذين خرجوا يحملون السكاكين في وجه الارهاب اليهودي المنحط ويوقفوا عجلة التاريخ عند أقدامهم. وسقطت الحكومات امام تضحيات الشارع، سقط المنظرون الايديولوجيون أمام  ايمان العجائز، وسقط الارشيف الباهت امام الحاضر الباهر.

بعض المثقفين اعتقدوا ان أبطال المرحلة الجدد مجرد مجموعة من الاطفال الساذجين، ولكن بعد 14 اسبوعا اتضح انهم هم الساذجون وان الاطفال هم صناع التاريخ الجديد، ولن تجد ايّ واحد منا يدعو لمشاركة الاطفال في عمليات القتال، ولكننا لن نجرؤ على ادانة الغضب في عيون طفل ذهب يواجه مجموعة من اقوى الكوماندوز الاسرائيلي في تل ابيب او القدس الغربية او نتانيا او العفولة او حيفا.

بعد 14 اسبوعا ينقسم العالم في عيوننا الى قسمين، قسم يقف مع الاطفال والشبان في فلسطين، وقسم يحاول مرة اخرى ان يتفلسف علينا
بالوعي الثوري والحكمة السياسية ورجاحة العقل والمنطق السليم والتكتيك العميق والاستاتيكو وخطر الاقليم وهيبة الحكومات ورصانة الدول. ولكن
الوعي الثوري والحكمة السياسية والحكومات الرزينة والتكتيك العميق والاستاتيكو لا تكفي لتبرير قيام الاحتلال باعدام طفلة بمريول المدرسة على حاجز عسكري في الارض المحتلة.

يمكن لنا ان نلخّص الاسابيع الماضية بالقول انها انتفاضة، وانها حقيقية، وأنها ارادة شعب نابعة من قلب الجماهير ولم يختلقها احد ولم يوجهها احد، وقد يكون القادة لا يتحدثون كثيرا هذه الايام ولكن ما قاله الدكتور رمضان شلح كان صحيحا (الانتفاضة الراهنة احرجتنا جميعا).

وبعد اربعة عشر اسبوعا علينا ان نذكّر من ينسى ان اتفاقية اوسلو ماتت ولن ينعشها جميع سيارات الاسعاف في امريكا، اوسلو ماتت والمفاوضات مع اسرائيل تأخذ طابعا جديدا في الشكل والمضمون/ وان اسرائيل قد تصمد امام انتفاضة من هذا الشكل لمدة سنوات... ان العرب ملّوا وزهقوا من القضية الفلسطينية، وانهم ربما يفتحون سفارات لاسرائيل في عواصمهم من دون اتفاق سلام، فيما رفضت البرازيل تعيين سفير لاسرائيل لانه مستوطن، وربما ان هناك عواصم عربية كانت ستوافق على تعيين مستوطن سفيرا فيها... وهذا كلّه سيخدع اسرائيل وتعتقد انها بقيت وانتصرت على هذه الارض.


ولكن اسرائيل لم تعرف بعد ان غالبية العرب قد يستمرون الى الابد يرفضون الاحتلال ويقاتلون ضده.

وانه من دون حل سياسي ينصرف فيه الاحتلال عن ارضنا، قد تمر اربعة عشر اسبوعا اخرى، واربعة عشر عاما اخرى والانتفاضة مستمرة، وان انتفاضة فلسطين قد تستمر لالف عام.