الكاتب: المتوكل طه
1-
بعد قليلٍ سيكون الزّيتُ وحيداً على شَجره ؛
خائفاً مثل أصحابه المرُهقين
وتضيقُ الأكنافُ بِمَنْ فيها
وتبلغُ القلوبُ المشانق .
-2-
اثنتانِ وسبعونَ مذبَحةً للنّازلين ،
والتّيهُ الأخيرُ للأبناءِ المعقوصين بالآلة .
وهارمجيدّو غرابُ الصّلوات الغَارب ،
والحفرُ التي ستظلّ فاغرةً فَمَها .
-3-
الأنفاقُ المُضاءةُ بالموسيقى والنُّور
ستضرِبُها الظُلمةُ والشُذّاذ ،
ويقفُ الجرذُ محدّقاً في الصّمت
ينتظرُ الجثثَ العائمة .
-4-
النّباتُ المُعدي من الطّحينِ المدفونِ ،
وبعدَ خَمسينَ سيكتشفونَ المعدنَ العُضال ..
والأسماكُ لم تَنتحرْ بوعيٍ سلبيٍّ ..
إنه السّفيهُ المذرورُ .. العَميق .
-5-
الولدُ الذي فؤادهُ في الغمامِ ووجههُ إلى الأمام
تُسلِّمُهُ المملكةُ اللاتينيةُ رايتها البيضاءَ ..
وتنقلبُ عليه ثانيةً ، وتسلُّقهُ
فتصبحُ أعشاشُ طَوطمِها رماداً .
-6-
كأنه الكوكب الذي يتبع أنفاس الأيل
يَحشونهُ بُغلالاتٍ مَسمومةٍ وانكشاريين ،
وبعد الزّلزال النّافث والمقصَلة المجرورة
لن تَعودَ المناماتُ لتذكّرنا بأبناءِ الأفران .
-7-
غداً ، للأصفر الذي يَرعى الكِلاب ،
وبعد غدٍ للحاذقِ الذي يَنْسِل النّبالَ ،
وبَعدهُ لأصدقاء الشّجرِ وشلالاتِ الغُروب ،
والنّهايةُ من مَحظيّات الصّحراء .
-8-
يتخفّفون من الوبرِ والحريرِ
ويعدّون للمجاعةِ القَاصِمة .. ولِمَحرقة المثليّين
بعدَ مائةٍ تبدأ فتنةُ الانشطار
ويَحارُ الآباءُ بالأبناء .
-9-
بعد شَوكِ السِّتينِ والوحلِ والصّدأ
تلتقي الجداولُ والأكواخُ والقناديل ..
وبعدَ أن يُعمِّموا كتابَ الشّفقِ
يَصعدونَ الجُلجُلةَ ، ويَبدأُ طَقسُ إضاءةِ الجَماجِم .
-10-
في البلدِ المنـزوعِ من قلبهِ ،
سيحرقون بيوتَ صلاةِ الآخرين ،
ويُمْسِكُ الأميرُ العنيفُ المواقدَ من أعناقِها ،
ويستدير بِحُمولته الثّقيلة .
-11-
خلفَ البِلَّورةِ ذئبٌ ،
واللّحمُ الفائضُ رَصاصُ المدارك ،
والصّوتُ المُهَشَّمُ صَليبُ الطّيفِ ..
وثَمّةَ جنسٌ رابع .
-12-
بضعة أعوامٍ كأنّها آلافُ في الجحيم ..
وطوبى لمَنْ ظلّ تَحتَ برتقالةِ الصّخرة
لأنّهم سيهدمون.. وسيبنون ..
انتبهوا : سيهدمون، ويردمون الآبارَ الصّافية .
-13-
أليأسُ قهوتُنا الباردةُ أياماً وشهوراً
والمُتَخفَّي خيطُ الدّم الذي ينَوس !
وحدنا مع قشعريرةِ الكآبةِ ..
ثم تَخوضُ الخيولُ حُفرةَ العنّاب .
-14-
يَقطعون ذَيل النّهرِ العَريض
فيرتبكُ الشّمالُ ، ويتخبّطُ المؤمنون
وينهدمُ العجيبُ الحجريُّ بفعلٍ مُريب
إلى أن يَخرجَ الخطيبُ المفوّه من القطن .
-15-
قطعٌ معدنيةٌ كأنّها سجونٌ ولها تيجانٌ
تقتطعُ لغتها حدوداً وفقراً
ويشطحُ البحرُ بتماسيحهِ المالحة
.. دماءٌ لا تتخثّر حتى الامّحاء .
-16-
من السّوافي رغيفهُ وسرجهُ الخفيف ،
يَحفظ القولَ ويكرهُ أن تناله اللّغات ،
يخيطُ عجلاته بِهدوءٍ ويصنعُ الشّبكةَ الخرافيّة
ويَجمع الحدودَ .. كأنّه نَبِـيّ .
-17-
الزُّمَرُ التي أقامت هناك طويلاً
سيحفرون تَحتها بالسّكاكين والألوان ،
ويَسألون عن شكلِ الختان ..
وتعود مُثْخنةً إلى لَهجتَها .
-18-
سيحمل اللّؤلؤة على شَعره الفلفليّ
ويضع قناعاً على ندبته النّافرة ،
ألوانهُ متوحشةٌ ، مثل رقْصَتهِ المُضحكة !
يكرههم .. ونُحبّه ، وتدهمهُ الدّواب .
-19-
المُحَبِّر المعروفُ الذي أنكرَ السّماء خاسرٌ
لأنّه نطقَ بِما يريدونه ، ويَجهله ..
أمّا الفضّة التي أخذها منهم
فإنّ شريانه يُبَلّلها أمامَ المنصَّة .
-20-
بعد نقلتين ، ما تتخيّله واقعٌ ؛
نصفُ خريطةِ الجسد ،
الطّيرانُ وحيداً بِجَناحٍ خلفي ،
والتّابوت الزّجاجيّ الخاص .
-21-
الكاتبُ الذي آلموهُ كثيراً
وأشعلَ أوّل أغصانهِ على الموج
سينهشهُ مرضٌ طارئٌ .. ويَبرأ
ويرى تَماثيله الفَارعة .
-22-
لن يصدّقوا أنّ الأسرارَ في تلكَ البوابةِ !
وأنّه هو هو الذي طَمَسها بالأحجار ..
وأنّ حادثةً صغيرةً مثل التي وَقعتْ
ستكشف هذا الكنْـزَ السّاطع .
-23-
بعد ثَمانيةٍ طوالٍ ، يضطرون أن ينقلوا القبرَ ،
يهلكُ الأوّلُ والثّاني ،
ويَجترئ الثالثُ فيصير عبرةً مُرعبةً !
البدنُ لا يُمَسّ ، والدّمُ يانعٌ فوّاح .
-24-
صَوتُها يُوقظ اللَّئيم
ويدخُلُ كلَّ غيمٍ وبَيت ..
باسمِها تتسمّى المدائنُ والنّساء ..
وعند البيتِ تنقطعُ للبكاءِ الرّشيد .
-25-
عِلّةٌ دَاهِمةٌ يَحملها الطّبقُ إلى المرسومةِ !
تَخيبُ معها محاولاتُ النّجاة ،
ويَجتمعُ المتناقضونَ على مَضضٍ
ويضربونَها حتى تَفنَـى .
-26-
ثَمَّةَ غلامٌ داخل المرأة المتبرِّجة
تَحمله ، خفيفاً ، أينما رَحلتْ ،
لا تكشفهُ ، ناعمٌ مثل ثعلبٍ ،
ويصلُ إلى الحقائب .
-27-
عندما تقولُ النّار : أقَلْتُكَ نفسي
سيعرف الإنسيّ أنّه النّادمُ الكبير
لأنّه مالَ إلى غيرها ..
وسيذكرُ بروميثيوسَ بالخير .
-28-
الفَراشةُ التي تغنّوا بِهَا في القصر
قاسيةٌ كالحراشف الميّتة ،
هي التي أعطتِ العابرينَ الشّعير
وأتاحت للمُغنّي جدائلَ النّجوم .
-29-
الأُخدودُ القديمُ ينفتحُ عمّا قريب ،
والأمشاطُ الحديديةُ تُشْحَذُ
والواقفونَ على الضفّة ثابتون ،
سَيُعيدونَ القريةَ المُباعة ، ويَهتِفون .
-30-
ما جَمعتهُ الحربُ الخشنةُ سينهارُ ،
وسيسهرُ الرّعاعُ على المداخلِ ،
وتَحترقُ الألواحُ الموشّاةُ في الغَسَق ،
وتتبعثرُ القبابُ المُتَكبِّرة .
-31-
يرتطمُ الأخطبوطُ اللاّمعُ بالكومةِ الرّاسخةِ
وتنـزُّ من مَفَاصِلِهِ عصائرُ نافذةٌ ،
تَخنقُ المتحرّكَ المغرورَ ،
وتقطعُ حليبَ الغابات .
-32-
بعد اثنتينِ أو ثلاث
لن يفعلَ الأزواجُ كما نفعل ..
وبعدها ، ستنـزلقُ الشّهوات كثيراً !
.. حبوبُ اللّذةِ المذهلة تُباع بالمجّان .
-33-
الحاسوبُ هواءٌ لولبيّ ،
لا سقوفَ له ..
سيمشي وينمو وينافسنا في الأزياء ،
وستعرفُ النّساءُ معه الذّروةَ الكاملة .
-34-
سينفد الوقتُ قبلَ أنْ تَعرفوا
ما الذي يطاردُ المدينةَ ذاتَ الأبراج
ويَخسفُ عناقيدها واحدةً واحدة ..
إنّه العبقريُّ الذي عقدَ صفقةً مع الملاك .
-35-
سبعةُ قرونٍ لنا ..
وسبعةُ قرونٍ لهم ..
وواحدٌ يوجُّ بالدّمِ وانقلابِ الحروفِ ،
إلى أن تبدأ سبعةٌ جديدةٌ لنا .. لنا ..
-36-
سيحرثونَ مقابرَ الجبلين ، وتَمتلئ المشافي بالصّامتين ،
ويبعثرون الفسيفساء المموَّجة بالأحرفِ النّكراء ،
ويكتشفون هشاشةَ لعبتهم الحارقة ..
وتظلُّ المدينةُ الدّرب الإهليجيّ إلى السّماء .
-37-
التّماسكُ القارسُ الذي استقرَّ ..
ملَّ البقاءَ ، بعد نفوقِ الشَّعر الهائج !
تشقَّقَ ، تَحسسَّ قدميه ، تشظّى ..
سيغمرُ المدى ويكتسحُ جنّةَ الجبل .
-38-
بعد أن يَصير عَظْمُه رَميماً،
سيضربون كفّاً بكفٍّ : لقد كان منهم !
والمتمترسُ الذي يسمعُ النّمائمَ
ويضرب المكائدَ .. منهم ، أيضاً .
-39-
مُتْحَفٌ لناقلاتِ الجنودِ والمدافعِ والمدرّعاتِ والعربات ..
والمعسكراتُ سجونٌ متجهّمةٌ لأتباعِ الشّيطان ،
والوزارةُ غرفةٌ حصينة ،
وواحدٌ يلعبُ بالأزرار .
-40-
سيزرعون العظام في مساكب خاصّة
فتنمو مثل تقاوي البطاطا وبذورِ الجرجير والقَصب ،
وسيزرعون المعرفةَ والأخلاقَ
وكذلك الأعصاب .
*
اجتمعَ التُبَّعُ وهزديوسُ والطغّرائيُ
بِحُضورِ نوستراداموس وكاكيليوسترو ويوحنّا اللاهوتي ،
تحت رعاية أشعيا وحبقوق ،
وقبلَ أن يستقرّ بِهمُ المكانُ كذّبوا بعضهم بعضاً ..
وتفرَّقوا !