نشر بتاريخ: 06/01/2016 ( آخر تحديث: 06/01/2016 الساعة: 10:37 )
الكاتب: عقل أبو قرع
من يذهب الى بعض مناطق الاغوار الفلسطينية مثلا، يمكن ان يشاهد المرأة الفلسطينية تعمل في الزراعة او في الحقل، سواء تساهم في تحضير مبيدات للرش، او تشارك في عملية الرش، او حتى تقوم بقطف المحصول المرشوش، بدون ابداء اي اعتبار لما يعرف " بفترة الامان"، ومن الممكن ان تقوم المرأة بكل ذلك وهي حامل او خلال فترة الرضاعة، او حتى بمشاركة اطفالها، وما لذلك من مضاعفات للخطورة، سواء خطورة بعيدة او قصيرة المدى، بعيدا عن ظروف او شروط السلامة المهنية؟
ورغم الاهتمام العالمي المتصاعد بموضوع الصحة والسلامة المهنية، وبالاخص للنساء العاملات بسبب خصوصية المرأة، ورغم تخصيص يوم من كل عام، للاحتفال بيوم للسلامة المهنية وكذلك للاحتفال ب " يوم المرأة العالمي"، من اجل التركيز على الحقوق المفترض توفرها للمرأة في العالم، من حقوق اجتماعية واقتصادية وسياسية وظروف العمل، من حيث توفر شروط السلامة والصحة المهنية، الا ان اوضاع السلامة المهنية للمرأة العاملة، ومن ضمن ذلك المرأة الفلسطينية ما زالت متردية؟
ورغم القفزة التعليمية الكبيرة التي حققتها المرأة الفلسطينية، الا انة وحين النظر الى سوق العمل، فأن نسبة كبيرة من النساء الفلسطينيات يعملن في قطاعات تتطلب عمل يدوي وشاق، مثل قطاعات الزراعة والخياطة وصناعة الملابس والاحذية والنسيج، وصناعة الاغذية والادوية، وفي النظافة وفي رياض الاطفال وغير ذلك، وان عدم توفر ظروف السلامة المهنية، يمكن ان يسبب امراض متنوعة للمرأة العاملة، سواء اكانت امراض جسدية او نفسية، حبث يمكن ان تظهر اعراض الامراض بعد فترة قصيرة او طويلة؟
ومن المعروف، ان قانون العمل الفلسطين، ينص وبوضوح، على ضرورة توفر إجراءات الصحة والسلامة المهنية ، وبغض النظر عن طبيعة العمل، في داخل بيئة العمل، وبأن تكون التعليمات بخصوص هذه الإجراءات واضحة للعيان لكل من يتواجد في بيئة العمل، وان تتوافر المعدات والأدوات اللازمة للإسعافات الأولية وللحماية الشخصية في حال تتطلب العمل ذلك، وينص القانون كذلك على ضرورة إجراء الفحوصات الطبية الروتينية الدورية وحسب طبيعة ومدة العمل.
وهناك خصوصية واضحة للمرأة العاملة في قانون العمل الفلسطيني، من حيث حقها في الحصول على إجازات للولادة والرضاعة/ ويشير القانون كذلك على تحديد الإعمال الخطيرة المحظور على المرأة العاملة القيام بها وبعدم إجبارها على ذلك، وكذلك هناك فقرة في القانون تنص على طبيعة الإعمال التي تستطيع النساء عملها ليلا، وعلى حظر بعض الإعمال على النساء الحوامل والنساء المرضعات.
والأخطر حين يتعلق الأمر بالصحة والسلامة المهنية للمرأة العاملة، هي تلك الإصابات او الإمراض المزمنة والخطيرة والتي تنتج عن التعرض المتواصل لمواد، سواء أكانت كيميائية او بيولوجية او إشعاعية او حتى فيزيائية، وبشكل قليل، بحيث لا تظهر الآثار الآنية للتعرض لها، ولكن ومع مرور الزمن ،تظهر الامراض، سواء على المرأة نفسها او على أجنتها وأطفالها، وبسبب تراكم التعرض لهذه المواد، ولو بكميات قليلة، ويمكن ان تظهر الآثار على شكل إمراض مثل السرطان والتشوهات الخلقية والإمراض العصبية والانعكاسات المترتبة على ذلك، وربما من الأمثلة على ذلك التعرض المتواصل للمبيدات الكيميائية للعاملات في قطاع الزراعة، والتعرض الى المعادن الثقيلة والمركبات العضوية للعاملات في الصناعات الكيميائية والغذائية والأدوية، وكذلك التعرض المتواصل للضجيج للعاملات في صناعة الغزل والنسيج والخياطة، هذا بالإضافة الى الآثار النفسية التي تتعرض لها المرأة العاملة من ضجيج وضغط العمل والجلوس او الوقوف لفترات زمنية طويلة، التي قد تؤثر على قدرتها الإنجابية؟
وحين يتعلق الأمر بالصحة والسلامة المهنية، فأنة يجب الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المرأة العاملة، المرأة العاملة قد تحمل وتلد وترضع، وبالتالي فان بيئة العمل ومدى تعرضها إلى ظروف عمل غير صحية خلال هذه المراحل المختلفة ‘ قد يؤدي إلى عواقب وخيمة عليها وعلى جنينها وأطفالها، فهناك دراسات دلت وبدون أي مجال للشك على ان العديد من المواد الكيميائية اذا وصلت الى جسم المرأة فأنها تنتقل من خلال المشيمة الى الجنين وكذلك من خلال الرضاعة الى الرضيع .
وفي ظل الضجيج الاعلامي الكبير الذي يرافق احياء الاحتفالات الخاصة بالمرأة، سواء في " يوم المرأة العالمي"، او في يوم " السلامة والصحة المهنية"، وفي ظل الصخب والتهريج والضجة حول اهمية منح حقوق المرأة، والذي وصل لحد اقرار عطلة رسمية في " يوم المرأة العالمي"، سواء في بلادنا او في غيرها من الدول، الا انة من الاجدر القيام بخطوات عملية في اتجاة اعطاء المرأة الحقوق، وفي اتجاة توفير الظروف الصحية والسلامة المهنية في بيئة العمل، وحتى في اتجاة اعطاء المرأة الفلسطينية العاملة، حقها في الحصول على الحد الادنى للاجور، كما نص علية القانون الفلسطيني؟