نشر بتاريخ: 10/01/2016 ( آخر تحديث: 10/01/2016 الساعة: 14:31 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لو نفّذ تنظيم داعش هذه الايام عملية ضد اسرائيل وقتل فيها جنودا او مستوطنين ، يتوقع ان غالبية كبيرة من المجتمع الفلسطيني سترضى بذلك ولن تكترث بالتحالف الدولي العالمي ضد السلفيين الجهاديين ، ولن تكترث الجماهير بموقف التنظيمات الفلسطينية الكلاسيكي . وبالتأكيد فان احدا منهم لن يصغي لجامعة الدول العربية او التحالف الروسي او السعودي او الايراني . فالقاعدة لم تتواجد في فلسطين لان القاعدة لم تنفذ اية عملية ضد اسرائيل وانما كانت عملياتها في الغالب ضد العرب والمسلمين .
ان الجمهور الفلسيطيني يشعر بالغضب والقهر والحزن والخذلان ، ويشعر بالوحدة ، ولا يهمّه صراع السنة والشيعة بين السعودية وايران ، بقدر ما يهمه وبشكل مباشر الدفاع عن المسجد الاقصى ووقف التهويد ومحاربة الاستيطان واطلاق سراح الاسرى والتصدي لخلايا الارهاب اليهودي التي تحاول احراق المدارس والاطفال واشجار الزيتون .
ومن خلال تجارب سابقة فان الجمهور الفلسطيني لن يلزم نفسه بأي موقف رسمي او تنظيمي يمنع عنه " ان يشفي غليله " ضد الاحتلال وجيشه الظالم ، وحين ضرب صدام حسين تل ابيب بالصواريخ خرج الجمهور الفلسطيني على اسطح المنازل يصفّق ويهتف له دون اي اعتبار لموقف المعارضة العراقية التي كانت ترى في صدام حسين دكتاتوريا ، وحين هزم حزب الله اسرائيل وأهان جيش الاحتلال وقصف حيفا هتف الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة للسيد حسن نصر الله ورفع صوره ولم يكترث باي موقف اخر . وحين هدّد اردوغان اسرائيل وارسل سفينة مرمرة صار الهوى تركيا ، وارتفعت بورصة الاتراك في السوق الفلسطيني بشكل غير مسبوق والعكس صحيح .
اما حين قصفت حماس والجهاد الاسلامي تل ابيب بالصواريخ ، قام الشعب الفلسطيني واعطى الحنان والتأييد والأغاني لهما ، كيف لا وقد فرضت هذه الصواريخ حظر التجوال على تل ابيب ، وكنت ترى الشباب يشجع ويدعم كتائب القسام وسرايا القدس مع كل صاروخ . وحين تنفذ خلية لفتح عملية ضد اسرائيل تتدفق الحمم من حركة فتح وتعود امجاد علي حسن سلامة وابو جهاد وابو اياد ودلال المغربي .
ان بورصة الجيوش العربية نزلت الى ادنى مستوى في الشارع الفلسطيني ، والسبب انه لا يوجد اي مواجهات ولا يوجد حتى تصريح صحفي يخص فلسطين ، فيما تتصاعد بورصة التنظيمات المتشددة والتي تحاول تنفيذ عمليات ضد اسرائيل ، والسلطة الفلسطينية تعرف ذلك ، والاجهزة الامنية الفلسطينية تعرف أكثر .
ان تأخر طرح حلول ( وليس مبادرات للنقاش أو مفاوضات لاضاعة الوقت ) سيؤدي تلقائيا الى انحراف الانتفاضة عن شكلها الشعبي والبحث عن تعويض مادي ومعنوي عن مئات الشهداء وهو امر محتوم ، كما ان ايغال حكومة الاحتلال في هدم المنازل وفتح النيران على المدنيين الفلسطينيين سيؤدي الى وقف ظاهرة الطعن بالسكاكين ( غالبها لم يقتل اسرائيليين ) والبحث عن سلاح ناري لتنفيذ عمليات قاسية ومؤلمة ضد " اليهود " الذين أصبحوا عنصريين بشكل اشد من اية تجربة سابقة .
نتانياهو يخطئ بقوة اذا يتحدث عن سحب السلاح من الفلسطينيين ، ومواصلة اهانة اجهزة الامن الفلسطينية والحديث عن انهيارها . لان هذا سيدفع الشبان للحصول على سلاح ناري والبحث عن انتقام اشّد واقسى .
ان استمرار هذا الحال يشكّل خطرا على جميع الاطراف ، على السلطة وعلى الاردن وعلى مصر وعلى السعودية وعلى قطر والكويت والمغرب العربي ، ولو استمر الظلم الاسرائيلي الراهن لاشهر اخرى فان جماهير الارض المحتلة ستبحث عن اي جهة او رمز ينتقم لها ، ولو قام يهودي من تل ابيب وقتل مستوطنا لحظي باعجاب الشباب المتظاهرين ، وطالما ان القوى والفصائل الفلسطينية تكتفي مثلها مثل الحكومات العربية ، بالتشجيع والذبذبات الفضائية وتغريدات تويتر ، فان الساحة ستبقى مفتوحة للمنتقم القادم مهما كانت أجنداته ، سواء كان المنتقم داعش او بوكو حرام ، او حتى زعيم كوريا الشمالية .