نشر بتاريخ: 11/01/2016 ( آخر تحديث: 11/01/2016 الساعة: 11:53 )
الكاتب: عقل أبو قرع
حسب الاحصائيات الفلسطينية الحديثة، فأن نسبة الاشخاص في فلسطين من الاعمار 15 سنة واقل تبلغ حوالي 40% من السكان، بينما تبلغ نسبة الاشخاص بين اعمار 15الى 29 عاما حوالي 30%، اي حوالي مليون و300 الف شاب وشابة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا يعني ان الاستثمار في هذه النسبة الهائلة من الشباب في بلادنا هو الاستثمار الاهم، سواء من حيث الاستدامة، او من حيث التأثير في مختلف مجالات الحياة المختلفة، ومنها مجال مكافحة الفساد؟
ومن المعروف ان من اهم معايير تقييم المشاريع او البرامج او الاعمال وبغض النظر عن انواعها، هو الاستدامة، او مدى تواصل تأثير العمل بعد الانتهاء منة، او تواصل التأثير او التأثر بدون الحاجة الى تدخل او دعم جديدين، وهذه الايام الجميع يتحدث عن مبدأ الاستدامة، في التنمية والتعليم والتدريب، وفي الاستثمار بأنواعة، وحين الحديث عن الاستثمار في البشر، فأن الاستثمار المستدام في البشر يعني الاستثمار في الشباب، وما لذلك من تواصل اثار هذا الاستثمار، وفي مختلف الاصعدة، ومنها مكافحة الفساد، وبأنواعة، من الفساد الاداري، والفساد المالي، مرورا بفساد الاغذية والادوية، الى الفساد المتعلق بتلويث البيئة من مياة وهواء واراضي وما الى ذلك.
والاستثمار المستدام في الشباب في مجال مكافحة الفساد يعني اتباع الاساليب الصحيحة لذلك، من الناحية النظرية ومن خلال الممارسة العملية، وسواء اكان ذلك كمن قبل الجهات الرسمية الفاعلة في مجال مكافحة الفساد في بلادنا مثل هيئة مكافحة الفساد، او من قبل الهيئات الاهلية مثل مؤسسة امان مثلا، وهذا يعني التوعية والتثقيف والتدريب وبأسلوب واضح وبسيط يظهر الايجابيات لمكافحة الفساد، بدأ من التجمعات المحلية والمدارس والجامعات والاطر المختلفة، وهذا يعني تبيان سلبيات الفلساد وتداعياتة والمعاناة التي يسببها ومن خلال الامثلة.
وهذا يعني كذلك، الاظهار للشباب التداعيات القانونية والاجتماعية والسلوكية والتنموية وحتى على الاقتصاد للممارسات الفاسدة، ومن خلال الامثلة، ولتكن الامثلة من واقعنا ومن بلادنا، ونحن نعرف انة في الفترة الماضية كان هناك كشف وملاحقة قضايا فساد، او اشخاص فاسدين، واخذ ذلك حيزا اعلاميا، وبغض النظر عن حجمها او نوعها او نوعية الاشخاص الذين قاموا بها، ولماذ لا يتم استثمار مثل هذه القضايا في مجال بناء مفاهيم مكافحة الفساد عند الشباب الفلسطيني، ولماذا لا يتم استخدامها ومن خلال الاعلام وبأسلوب موضوعي بعيدا عن الاثارة للوصول الى الشباب، الذي سوف يعتمد علية بناء وتنيمة هذا المجتمع، بعيدا عن مفاهيم وممارسات الواسطة والمحسوبية والرياء والدجل والرشوة وما الى ذلك.
والاستثمار المستدام في الشباب الفلسطيني لمكافحة الفساد يعني ازدياد الوعي بضرورة الابلاغ عن الفساد سواء اكان من قبل الافراد او من الهيئات، وعلى الافراد اوعلى المؤسسات، وان تم ذلك، فأن هذا يعني ان المواطن وبالاخص الشاب الفلسطيني، الذي في اعتقادي هو حجر الزاوية في هذه العملية ، المطلوب توفير الحماية المعنوية والمادية لة، والمطلوب ارساء ثقافة اهمية العمل في الابلاغ عن الفساد كثقافة راسخة في مجتمع مثل مجتمعنا، الذي بأغلبيتة الشابة، هو الاساس للوصول الى ما نطمح لة من رؤيا، من بناء مجتمع فلسطيني خال من الفساد.
ولا يجادل احد بأهمية دور الشاب الفلسطيني، كمستهلك، في مكافحة الاغذية والادوية الفاسدة وفي مكافحة ممارسات تلويث البيئة من مياة واوارضي بالنفايات الصلبة، او بالمياة العادمة او بالمواد الكيميائية،وكذلك دورة في مكافحة فساد ارتفاع الاسعار والتلاعب بها، وغير ذلك من اشكال الفساد وانواعة، وكذلك دورة في الحد من ممارسات في احيان عديدة اعتدنا عليها او نتبجح بها، ومنها مثلا فساد السياقة في الشوارع، لان من لا يحترم قوانين السير سوف يؤذي الاخرين، ومعروف ان من تداعيات الفساد هو الايذاء او الحاق الضرر بالاخرين او بممتلكاتهم، وبغض النظر عن نوعة او مدى هذا الضرر.
وبالاضافة الى العمل على ازالة الخوف عند المواطن او الشاب للابلاغ عن الفساد، فالعمل مطلوب كذلك من اجل تطبيق القانون وبسرعة، والابتعاد ولو تدريجيا عن الواسطة التي ما زالت تستشري في اجسادنا ونمارسها في حياتنا، وهذا كلة يتطلب زيادة التواصل مع الشباب الفلسطيني الذي هوالاساس لنجاح مستدام لعملية مكافحة الفساد، وبدون شك ان الفساد متنوع وسوف يبقى، وهو من اهم معيقات التقدم والتنمية، وبدون شك ان الاستثمار في العدد الهائل من الشباب في مجال مكافحة الفساد في بلادنا، سواء من حيث بث الوعي او الاجراءات على الارض، وان تم ذلك بالاسلوب والممارسة الصحيحة، سوف يؤتي بثمارة، ان لم يكن الان فلابما بعد سنوات وبشكلل مستدام؟