الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أيها المخربون، شعبنا بحاجة إلى حكمة رجل دولة

نشر بتاريخ: 15/01/2016 ( آخر تحديث: 15/01/2016 الساعة: 15:34 )

الكاتب: زهير الشاعر

في ظل الصراع القائم حول ما بعد مرحلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، نجد أن هناك جهوداً محمومة لاحتواء غضب الشارع ، منها الإعلان عن رغبة الرئيس محمود عباس بتغيير شامل لكل وزراء حكومة الوفاق والإعلان عن مشاورات سرية جدية حول تشكيل حكومة وحدة وطنية والإعلان عن قرب موعد تشكيلها خلال الاجتماع المرتقب للقيادة الفلسطينية ، أيضاً تم الإعلان بشكل مفاجئ عن لقاء مصالحة بين عضو اللجنة المركزية اللواء جبريل الرجوب وكان هذا الإعلان ملفتاً حيث أنه جاء متأخرا لمدة يومين من حدوثه المفترض مما فتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول صحة ومصداقية الخبر وإن كان هناك مصالحة قد تمت بالفعل أم أنها شكلية فقط في سياق الحفاظ على المصالح القائمة ، ولماذا صدرت توجيهات من تحت الطاولة لمنع ظهور اللواء الرجوب على الوسائل الإعلامية المحلية كما تشير الأخبار بهذا الخصوص؟!.

في تقديري أن البحث عن مخارج لمواجهة تحديات المرحلة وذلك بالتوازي مع الحملة المسعورة التي تأتي في حق أي صوت يرتفع ضد سياسة الرئيس عباس تعكس بشكل جلي أن هناك معاناة حقيقية ورعب داخل المؤسسة الرئاسية من مجهول الأيام القادمة وما تحمله إن لم تنجح جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية ينتج عنها فتح معبر رفح ورفع الحصار عن قطاع غزة وحل المشاكل التي ترتبت على ذلك وإعادة الحقوق التي سلبت لأصحابها وإعادة مد القطاع بالتيار الكهربائي كما كان قبل مرحلة الانقسام البغيض وتخفيف الأعباء عن أهل الضفة ووقف الاعتقالات الأمنية وتدعيم هذه الخطوة بالإعلان عن موعد محدد لإجراء الانتخابات العامة لتعطي الشارع أملاً بأن هناك تغييراً جدياً مرتقباً يهدئ من حدة الأحداث الأمنية وما يترتب عليها من ضحايا أبرياء كل يوم، فإن الأمور ستزداد صعوبة وتعقيداً وستعجل من نهاية مرحلة الرئيس عباس المترنحة!، لذلك سأسلط الضوء في مقالي هذا على ما يدور من حديث حول قيادة المرحلة القادمة بطريقة ممزوجة بين الواقع والسخرية منه لإضفاء لمحة استهزائية تحاكي واقع مؤلم لشعب عظيم:

أولا: لا يمكن أن يكون لأي شخصية من حركة حماس أي نصيب في هذا السباق حول قيادة المرحلة القادمة وإلا سيكون الجنون والانتحار هو العنوان ، وبالتالي من الحكمة عدم الدخول في التفكير في خوضه من الأساس، ولكن لا يمكن أن يتم تجاهل تأثيرها وقوة وجودها وحجم أنصارها مما سيساعدها لربما في حسم الأمر لصالح من ترى فيه أنه يتناسب مع مصالحها وسيخرجها من عزلتها ، فالأفضل أن لا تخوض تجارب مجنونة أخرى حتى لا يأتي مجانين جدد!.

ثانياً: هناك طرح قوي لاسم القيادي الفتحاوي محمد دحلان عضو المجلس التشريعي الذي كان يرى فيه الكثيرين كاريزما القائد الأمني ولكن اليوم أصبح الكثيرون يرون فيه كاريزما القائد الطموح الذي يستطيع ان يساهم في بناء وطنه ولكن خصوماته متعددة والأمواج أمامه عالية ومع ذلك إصراره كبير وإرادته صلبة وعلاقاته الدولية واسعة جعلت منه رجل دولة رزين وكما يقال ممن يعرفونه عن قرب بأنه متواضع وخفيف الظل وليس كما يسوق خصومه ضده، بالإضافة إلى حاجة المجتمع الدولي لقدراته ورؤيته وخبراته الأمنية في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالصراع حول القضية الفلسطينية، بنى لنفسه شعبية بالرغم من الاتهامات الشرسة التي وجهت إليه والتي حكمت المحكمة العليا ببطلانها، وذلك من خلال فتح بيوت كانت مغلقة وساهم في دفع رسوم الطلبة الفلسطينيين في الجامعات المصرية ولربما في غيرها ، مما ساهم في بناء رصيد وطني وشعبي لا يستهان به حيث أصبح مرعباً لخصومه ولافتاً بصلابته للمراقبين للوضع الفلسطيني بأنه رقما قوياً حاضراً وصعباً ، لذلك في تقديري أن قدرته على خوضه الانتخابات الرئاسية لا جدال فيها ولكن الأمور أمامه لن تكون سهلة بدون تحالفات ضرورية وأيضاً لن يكون مستحيلاً حيث أن هناك مؤشرات كبيرة تقول يقيناً بأن الكثيرين بمن فيهم أمناء سر لحركة فتح على مستوى رفيع في الضفة وغزة والقدس ينتظرون تحول البوصلة ليركبوا مركبه ويدعمونه!.

ثالثاً : يطرح بقوة أيضاً اسم د. سلام فياض رئيس الوزراء السابق حيث أنه يتمتع بعلاقات دولية واسعة ورؤية توافقية حكيمة يطمح من خلالها للمساهمة في بناء وطن عصري ، يرى في نفسه كما يراه الأخرين رجل دولة يمتلك الكفاءة بثقة كبيرة ليكون ضمن الفريق المنتظر أن يتسلم قيادة المشهد الوطني كرقم أساسي لكي يتصدر العمل السياسي في المستقبل القريب للمشهد الوطني ضمن العمل المؤسساتي الديموقراطي دون إقصاء أحد، ويرى المراقبين بأنه يؤمن بالعمل يداً بيد مع كل من يريد أن يساهم في عملية بناء الوطن والخروج من وحل المرحلة الحالية، حيث كانت زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة لها مدلولاتها فرفعت من رصيده في الشارع وأكدت على رؤيته هذه، ولكنه كما يرونه أيضاً بحاجة إلى تحالفات مع الأخرين ممن سبق ذكرهم لكى يتجاوز عراقيل وتحديات المخربين من المنتفعين من خلق الخصومات والذين لا يريدون أن يرون الوطن معافى وفيه حالة بناء، لذلك فالطريق أمامه ليس سهلا ولكنه ليس مستحيلاً أيضاً.

رابعاً : لا أجد حرجاً في طرح إسمي كراغب للدخول في هذا السباق كشاب بسيط ومكافح من عامة الشعب لم يكسروا إرادته وطموحاته! ، له علاقات واسعة مع جميع الأطراف، يؤمن بحق كل إنسان بالتعبير عن رأيه ، صاحب رأي حر لم يخضع لأي ابتزاز مالي أو وظيفي ولن يخضع لغيرها!، صاحب رؤية وطنية توافقية، يؤمن بحقوق الفرد وحقوق المرأة ويتطلع لإرساء عدالة اجتماعية وحماية الطفل وتحقيق السلام العادل ، يتطلع لبناء مجتمع شاب وديناميكي يعمل تحت طائلة القانون وخال من الفساد ، يتطلع لبناء وطن مدني عصري يحاكي أجمل عواصم الدنيا ، وهنا لربما يراني البعض أنني بدأت أهلوس بكلامي وأحلم ويستهزئ بحلمي هذا ولكني هنا أؤكد بأنني لست غائبا عن وعيي بل أحفز ثقافة يجب أن تكون متمردة على واقع ظالم، فيا أولئك تعلموا كيف أن تفسحوا المجال لكي يمارس الجميع حقهم الطبيعي في طرح طموحاتهم حتى لو اختلفتم لأنكم في الواقع انفضحتم بقصر نظركم وعقم رؤيتكم وافتقاركم إلى أدنى مقومات القبول بحيوية هذا الطرح من مواطن بسيط لمواطنيكم لأنه يتنافى مع جهلكم ، لأنكم تتمتعون بأن ترون رعيتكم كالأغنام والعبيد يساقون كما تريدون أنتم لا هم !.

نعم مقالتي ذهبت بعيداً بالخيال والتمني لكي أحلم من أجل وطني لا نفسي ، فطرحت هنا حلماً جميلاً بطريقة ساخرة ولربما معقدة الفهم بالنسبة للبعض وصادمة بالنسبة للبعض الأخر ، ولكني أعتقد أنه لطالما أننا نحمل فكر نقي ونود أن نتعلم كيف نؤمن بثقافة حرية الأخر وكيفية عدم التعدي على أحلامهم وأمالهم وحقوقهم، مما يعطيني الحق كإنسان أن أفكر في كيفية فهم ضروريات الإيمان بالشراكة، لذلك لا أجد في طريقة الإقصاء هي طريقة وطنية مثلى تساهم في بناء الأوطان! ، فعودوا لتكونوا كبار فالوطن أصبح لا يحتمل رعونة الصغار حتى لو تعودتم على أن تروا في أنفسكم كبار وترون في الأخرين بأنهم لا زالوا صغار، وأنتم لا زلتم تجهلون أو لربما تكابرون اتجاه أنكم في نهاية مرحلة لا تمثلون فيها شيء رغم أنوفكم ، فالصغير الذي تحتقرون يكبر والكبير الذي تمجدون أصبحت تدور عليه الأيام ولم يتبقى له إلا القليل وسينكشف حينها ما قدم !، لذلك أتركوني أحلم كشاب بسيط يريد أن يمارس حقه كمواطن في أن يحلم بأن يكون الرئيس!.

أخيراً، إن لم يعودوا لابد من السؤال بغض النظر عن من سيأتي رئيساً سواء من طرحت أسمائهم من الكبار أو غيرهم والكثيرين ممن لم نذكرهم هم أكفاء ، فهل حان الوقت ليتعالى الجميع على الجراحات والخلافات وأن يتم التركيز على كيفية التلاقي حول ألية بناء الوطن من خلال مبادرة وطنية لجمع الطيف الوطني للتداعي والتلاقي للاتفاق حول المستقبل القريب وتحدياته ومتطلبات الأمان له بدون إقصاء أحد ، والاعتماد بذلك على تجاوز أخطاء المرحلة الحالية على أساس أن يكون هناك تحالفاً وطنياً توافقياً وكبيراً بين كل المكونات الوطنية بدون استثناء لأحد تحت مظلة وطنية جامعة تعرف كيفية الحوار مع المتطلبات الدولية لتجاوز أثار مرحلة قذرة يعيش شعبنا نهايتها، وتتفهم مخاطر المرحلة القادمة وتحدياتها ، بالرغم من إصرار المخربين على زرع الشقاق والأحقاد في الوطن وبين أبنائه لضمان بقائهم على أنقاض وجراح وأوجاع شعب أبى إلا أن يعيش من أجل حريته وكرامة أبنائه كباقي البشر ، وبذلك لابد من إفساح المجال أمام من يليق بهم أن يكونوا رجال دولة يمتازون بالحكمة والشجاعة لكي يصبح هؤلاء المخربين ومن على شاكلتهم من عابري السبيل؟!.