الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

معاناة اللاجئين نتيجة سياسة الاونروا

نشر بتاريخ: 15/01/2016 ( آخر تحديث: 15/01/2016 الساعة: 15:34 )

الكاتب: عباس الجمعة

امام ما يعانيه اللاجئين الفلسطينين من عذابات الحياة وقهر في مخيّمات لبنان، اتت تخفيضات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، على الصعيد الصحي، لتزيد حجم معاناة لشعب يتطلع بعودته الى دياره التي هجر منها ، وهنا يبقى السوال بان وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" تأسست بعد نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره عن ارضه بقرار من الامم المتحدة في 8/12/1949 وبموجب قرار الجمعية العامة رقم (302) ، بعد ان كانت منظمة الصليب الاحمر الدولي هي التي ترعى اللاجئين منذ تاريخ النكبة 1948 ، وحتى مباشرة الاونروا عملها في نهاية عام 1949،ومنذ ذلك التاريخ دأبت الاونروا على تنفيذ برامج اغاثة شهرية للاجئين الفلسطينين في كافة المخيمات، وكانت تعطي حصة غذائية كاملة لكل لاجئ شهريا، بالاضافة الى برامج التعليم والصحة وبناء الوحدات السكنية، والتغذية المكملة (المطاعم)، واسست مراكز الشباب ومراكز النشاط النسوي والمعاهد التعليمية لابناء اللاجئين، واستمرت بتقديم كافة البرامج حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي، وبعد ان بدأ الوضع الاقتصادي بالتحسن للاجئين حتى بدأت بالتقليص التدريجي الممنهج لخدمات الاغاثة والخدمات التكميلية، فالغت توزيع القرطاسية في المدارس على الطلبة اللاجئين، واوقفت برنامج التغذية المكملة، واقتصرت برامج الاغاثة على حالات العسر الشديد (الشؤوون الاجتماعية) ورفعت مظلتها عن مراكز الشباب مع مطلع تسعينيات القرن الماضي ثم اتبعتها بمراكز النشاط النسوي ومراكز الخياطة، وما أن بدأ القرن الحادي والعشرين حتى اقتصرت خدمات الاونروا على الصحة والتعليم والاغاثة لحالات العسر الشديد، وتقليص الخدمات رافقه التوظيف بعقود مؤقتة.

وامام هذه الاوضاع وبعد اتفاق اوسلو بدأ التقليص يأخذ منحى جديد أكثر تنظيما وتعقيدا وغير لافت للانتباه على صعيد الخدمات المقدمة للاجئين ومن جهة أخرى على العاملين، فعلى صعيد الخدمات أصبحت ميزانية البرامج الأساسية (التعليم والصحة والشؤون) تنتقل من الميزانية العامة الى ميزانيات الطوارئ وما بقي على الميزانية العامة يتعلق معظمه (80%) برواتب الموظفين، ومن هنا أصبحنا نلحظ متلازمة التقليص في الخدمات للاجئين وللموظفين ، كما ابتدعت وكالة الاونروا نظاما جديدا للتوظيف (عقود جديدة) وهو عقد مؤقت بمدة اقصاها 4 سنوات، وهو عقد ظالم ليس للموظف الذي يعمل عليه اتعاب نهاية خدمة ولا توفيرات، والخطورة في الموضوع ان الاونروا شرعت بالتوظيف على هذا العقد لوظائف دائمة، فاصبحت ترى اطباء ومهندسون وممرضون، واخصائيو علاج طبيعي وكتبة و باحثون اجتماعيون وسائقين...الخ من كل البرامج باستثناء التعليم، يعملون على هذه العقود، وبعد فترة اقدمت الاونروا في شهر حزيران 2011 على تغيير اسمها على موقعها الرسمي فبدلا من (وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين في الشرق الادنى) الى (وكالة الامم المتحدة للاجئين الفلسطينين في الشرق الادنى) وقد حذفت كلمتي الاغاثة والتشغيل من الاسم وبعد احتجاج رسمي وشعبي في الاقاليم المختلفة تراجعت الاونروا عن قرارها بتغيير الاسم.

ولكن على ارض الواقع استمرت الاونروا بسياسة تقليص الاغاثة والتشغيل وفق مخطط مدروس لتصفية الاونروا كعنوان مهم لقضية اللاجئين قبل حل تلك القضية وفق القرار (194) الصادر عن الامم المتحدة والقاضي بالعودة والتعويض للاجئين الفلسطينين.
وفي ظل هذه الاوضاع استمرت هذه السياسة التي تنذر بكارثة حقيقية على اللاجئين الفلسطينين ، ولم نرى اي تحرك فلسطيني رسمي ، يلزم وكالة الغوث بالتحرك السريع لانقاذ الوضع الانساني داخل المخيمات ووقف الإجراءات وخاصة على المستوى الصحي ، علما ان وكالة الغوث تعيش بمرحلة من الفساد طفا على السطح، فبدلا من مساعدات اللاجئين على الصمود ، والتمسك بحق العودة الى ديارهم التي اخرجوا منها وبالتعويض العادل لهم، تريد من الفلسطيني ان يعيش مرارة عذابات اللجوء والشتات من خلال فصول جديدة من الاهمال المتعمد من " الاونروا" والمجتمع الدولي وغيرها من المرجعيات في تأمين تكاليف الطبابة والاستشفاء اوالموت على ابواب المستشفيات تحت حجة الأزمة المالية التي أعلنت عنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين .

ولهذا نرى امام ما يتعرض له الاجئون الفلسطينيون في مخيمات لبنان إن هناك محاولات تجري من دول عربية واوروبية تسعى الى توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم الحالية او تهجيرالجزء الاكبر منهم , تحت يافطة عقد مؤتمر دولي لانهاء الصراع مع العدو الصهيوني, في ظل الوضع الاقليمي البائس الذي تحياه وتعيشه الشعوب العربية بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص من انقسام وتشرذم وتفتت, انعكست أحداث الاقليم واهتزازاته بشكل مباشر على الصراع العربي الصهيوني لاسيما في القلب منه قضية اللاجئين الفلسطينيين.

ونحن نؤكد انه منذ بداية الصراع العربي الصهيوني عموماً ، ومنذ تاريخ نكبة الشعب الفلسطيني وإقامة دولة الاحتلال على الارض الفلسطينية التاريخية ، فإن المخططات الساعية إلى استئصال وشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين لم تتوقف أبداً عبر التعاون المتواصل بين القوى الاستعمارية والامبريالية والحركة الصهيونية والقوى العربية الرجعية، حيث تلعب الادارة الامريكية الدور البارز فيه، عبر العديد من المشاريع الهادفة إلى تهجير وتوطين اللاجئين الفلسطينيين ، وتصفية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني .
وامام كل ذلك يجب على منظمة التحرير الفلسطينية ان تقوم بدورها في متابعة قضايا وحقوق اللاجئين في لبنان والضغط على وكالة الاونروا من خلال التحرك على المستويات الدولية، وضرورة الاهتمام بمستشفيات ومراكز الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان من حيث التجهيزات وتوفير الاطباء والادوية والتقنيات الحديثة،في كل مخيمات الشعب الفلسطيني.

لذلك نرى ضرورة استنفار كل الاتجاهات ، عبر حملة شعبية ، عارمة من اجل وحدة قضية اللاجئين في إطار وحدة الأرض والشعب، والتركيز على التمسك بوكالة الاونروا والعمل من اجل استمرار خدماتها باعتبارها الشاهد العيان على نكبة فلسطين وبما تمثله من شاهد دائم على الجريمة الصهيونية المقترفة بحق شعبنا، وما تجسّده من التزام سياسي وأخلاقي من قبل المجتمع الدولي بمسؤوليته وتطوير التفويض الممنوح من الجمعية العامة للأمم المتحدة لوكالة الغوث الخدماتي والانساني وافشال كل المحاولات الدولية الجارية وحل قضية العجز بالميزانية، وهنا نرى ضرورة ان تكون التحركات والاعتصامات الشعبية حضارية ، وتجنيب اي اشكال مع الاطباء وموظفين الاونروا لانهم هم عبد مأمور لا يتحملون القرارات التي تصدر من المدير العام ومكتب الرئاسة .

ختاما : لا بد من القول ، ان على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤوليته من خلال توفير موازنة وكالة (الأونروا) من خلال توفير الدعم والمساعدات المالية من قبل بعض الدول المانحة, ان كان على مستوى برنامج التعليم بالأونروا, او البرنامج الصحي من خلال توفير خدمات صحية وعلاجية للاجئين ، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من تحقيق أهدافه في الحرية وتقرير المصير والعودة ... ففلسطين ليست يهودية ، ولن تكن إلا وطناً حراً مستقلاً، في مجتمع عربي حر وديمقراطي وبدون ذلك النهوض سيبقى الخيار المحتوم هو الخيار بين النكبة والاستسلام .