نشر بتاريخ: 17/01/2016 ( آخر تحديث: 17/01/2016 الساعة: 11:48 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
قصة الأمس حين نشرنا خبر ضبط المتخابر في رام الله ، لفت انتباهي ردود فعل الجمهور في الشارع وردود الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي . وهي حالة سيكولوجية مهمة تعبّر عن مكنونات الموقف الشعبي من المفاوضات أكثر مما تعبر عن الموقف من " الجاسوس " . فهناك مخبرين كثر يجري ضبطهم في غزة ومدن الضفة ولا نجد هذا الكم الكبير من التعليقات عليها .
ان رد فعل الجمهور الفلسطيني كان ضد المفاوضات التي استمرت عشرين عاما ، وليس فقط ضد المخبر الذي أكل لحم اهله عشرين عاما .
ان ردة فعل بعض المسؤولين في السلطة مرتبكة ودخلت في جزئيات لا تهم المواطن ، فماذا يهم المواطن اذا كان هذا المخبر مديرا لمكتب الدكتور صائب او خفيرا او ساعي بريد او عامل الكافتيريا في مقر المفاوضات . كما أن الانشغال بالحديث عن مرتبته وعن رتبته مجرد جزئية لا تشغل بالنا ، فكرامة الوطن وكرامة فلسطين اهم من كرامة اي مسؤول سياسي أو امني ، وما كان يجب ان ننشغل في ذلك .
ان ما جرى يثبت ان اسرائيل تتجسس على فتح مثلما تتجسس على حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية وباقي الفصائل ، وان من يعتقد ان المخابرات الاسرائيلية لا تتجسس سوى على الاحزاب الراديكالية مخطئ تماما ، فقد سبق وتجسس الموساد على الجيش الامريكي وعلى جميع اصدقاء اسرائيل ، واسرائيل تتجسس على منظمات السلام وعلى المنظمات غير الحكومية وتتجسس على نفسها أيضا ، لانها قامت على نظرية المؤامرة والشك الديكارتي المطلق ولن تعيش من دون التجسس ، وهي تتجسس على وزرائها وعلى دائرة المفاوضات الاسرائيلية وعلى رؤسائها ، ولذلك لا يوجد ما يمنع انها تتجسس على مكتب صائب عريقات ومكتب ابو مازن وباقي القادة . بل ان اسرائيل لجأت احيانا الى زرع ولد يتجسس على والده ، واخ يتجسس على أخيه وزوجة تتجسس على زوجها .
ان اسرائيل لها باع في هذا المجال وسبق وزرعت جاسوسا في مكتب ابو مازن في تونس وهو( ع ي ) وزرعت جهاز تنصت في اضاءة مكتبه وفي المقعد الذي يجلس عليه ، وزرعت جهاز تنصت في مكتب عرفات في اريحا ، ولن تقف عند هذا الحد لاننا لم نعد نعرف مدى التكنولوجيا التي تستخدمها اسرائيل في هذا المجال ، وانما تواصل الاغتيالات ولا تكتفي بالتجسس ، وان التهديدات ضد جميع القادة الفلسطينيين والثوار العرب تأتي في هذا الاطار وليس في اي مستوى اقل من هذا .
لا يقلقنا كثيرا اذا كان هذا الجاسوس مدير مكتب الدكتور ابو علي او مدير مكتب الرئيس ، أو اي قائد أمني ، وسواء كان المخبر مديرا لمكتب اي قائد من فتح او حماس او التنظيمات الاخرى ، وان الاوان أن يعرف هؤلاء القادة ان كرامتهم الشخصية من كرامة الوطن ، وان لا كرامة لقائد طالما أن القدس محتلة وتنزف كل يوم .
هل نجح هذا الجاسوس في افشال المفاوضات ؟
هل نجح في وقف الانتفاضة ؟
هل نجح في منع المقاومة ؟
هل نجح في منع حركة بي دي اس من اهانة اسرائيل في كل عواصم العالم ؟
والسؤال الاهم ليس في دائرة المفاوضات وانما في هيئات القرار العليا - ماذا سنفعل بهذا الجاسوس ؟ هل سيحكم بالاعدام ؟ هل سينفذ الحكم ؟ هل سنسجنه في سجوننا وتدخل دبابات الاحتلال وتختطفه وتحرره ؟