الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اسمه شهيد

نشر بتاريخ: 17/01/2016 ( آخر تحديث: 17/01/2016 الساعة: 11:30 )

الكاتب: فاطمة البشر

بعد بضعٍ وعشرين ربيعاً في أرضٍ تتلاحق فيها أنباء الشهداء، أرض تشتاق دوماً لدماء أبنائها، تتعطر برائحتهم استعداداً لنشوة النصر ، قررت أنْ أنجب طفلاً !
أجل؛ قررت أن أنجب طفلاً ، ولأن لكل منّا نصيبٌ من اسمه – كما قالوا- احترتُ ماذا سأسمّي طفلي!

جمعتُ أوراقي وأقلامي لأكتب خياراتي ؛ فلمعت برأسي فكرة أن أسميه باسم مركب ، اسم شهيد. لكن الحيرة ازدادت ؛ الشهداء كُثُر ، فأيّ شهيدٍ سأختار؟!
هل أسمّيه "محمد علي" ؛ ليأخذ شيئاً من رابطة جأشه، ينقضّ على الجنود انقضاضاً ويغرس برؤوسهم ظلمهم وقهرهم. 

هل أسمّيه "بهاء عليّان" ؛ ليكون مثقفاً واعياً ، يدّخر أمواله ليشتري رصاصاً يزرعها في صدور مستوطنين أتوْا إلى هذه الأرض عنوة !
أم أسمّيه "مهند الحلبي" ؛ ليثأر لمن يغتالهم الاحتلال ، يطعنهم ثم يقتلهم بأسلحتهم! أو ربّما "مهند العقبي" ؛ ليخرج لهم من مكانٍ اعتقدوا أنه آمن، يشتت شملهم ، يفرّق جمعهم، فينكّلون بأنفسهم!

سأسمّيه "علاء أبو جمل" ؛ ليكون ذا نظرةٍ قاسية، يحمل همّة شعبٍ بأكمله، فلا تؤثر فيه رصاصات الغدر وإن كَثُرَت! لا؛ بل سأطلق عليه اسم "فادي الخصيب" ؛ لتكون دمعته رقيقة على أخيه، مسلّطةً على صدر احتلالٍ انتزع أخاه منه!

قد أسمّيه "محمد سباعنه" أو "نور الدين سباعنه"؛ ليجد رفيقاً له في درب المقاومة ؛ فتكون الضربة للعدوّ أقوى!
أو أسمّيه "سليمان شاهين" ؛ ليقتصّ ممّن سرق ثمار الأرض ؛ فرتقي روحه معبقة برائحة الفراولة أو برائحة برتقال يافا!
هل أسمّيه "رائد جرادات" ؛ فلا يدع الاحتلال يفرح بإعدام الحرائر، يفيض نخوة ، يثور دمه الحامي دفاعاً عن بنات المسرى ؟
ربمّا أسميه " محمد الشوبكي" ؛ حتى لا تقف أيّ عقبة في حياته أمام درب مقاومته ....

ماذا إن كانت فتاة ؟! هل أسمّيها "رشا عويصي" ؛ لتُؤْثِر روحها فداءً للوطن على أن تكون عروساً! أم أسمّيها "هديل الهشلمون" ؛ فتكون صابرة محتسبة صامدة بوجه جندي يحمل رشاشه خوفاً منها!
أو ربما أسمّيها "مرام حسّونه" ؛ ليكون درب حياتها ؛ مقاوِمة فأسيرة فشهيدة!
أو أسميه ، أسمّيها ...... ؟
رأيتُ أن قوافل الشهداء لا تنتهي ، لكلّ شهيد حكاية ، لكنْ تتشابه كل حكايا الشهداء بأنّهم عشقوا الوطن أكثر من أرواحهم ؛ فاختارهم الوطن لنفسه دون سواهم ، فكانوا الأثيرين لديه ...
لذا قررت أن أسمّي طفلي "شهيد" أو "شهيدة" ؛ فكلّنا – و منذ الميلاد – شهداء مع وقف التنفيذ !