نشر بتاريخ: 20/01/2016 ( آخر تحديث: 20/01/2016 الساعة: 10:48 )
الكاتب: سمير عباهرة
الضجة التي اثارتها اسرائيل حول تصريحات وزيرة خارجية السويد مارغوت وولستروم ربما يكون لها ما يبررها في حسابات الاسرائيليين ليس بسبب نفي او تأكيد ما جاءت به الوزيرة السويدية بقدر ما اعتبرته اسرائيل تحولا واضحا في بعض المواقف الاوروبية التي يمكن ان تكبر وتتسع في دعم القضية الفلسطينية بل والدفاع عنها ،وفي معارضة السياسة الاسرائيلية والأعمال التي ترتكبها اسرائيل بحق الفلسطينيين. فقد فتحت تصريحات وولستروم الباب على مصراعيه امام التحولات في الرأي العام الاوروبي والدولي والتي تفضي الى اهتزاز مكانة اسرائيل في الساحة الدولية وتحديدا الاوروبية وقد يؤدي ذلك الى فقدانها بعض حلفاءها بسبب ردود الفعل الاسرائيلية القاسية التي كادت ان تتسبب في ازمة مع السويد قد تنتقل عدواها للأوروبيين وذلك بعد اتهام اسرائيل للسويد بوقوفها الى جانب الارهاب وافتقارها للنزاهة في وصفها للأحداث وكل ذلك كاد يتسبب في تدهور العلاقات التي فقد الكثير من ركائزها وثقتها بين الطرفين بعد قرار الاتحاد الاوروبي بوسم منتجات المستوطنات الاسرائيلية.
وتدرك اسرائيل جيدا ان الاجواء الاوروبية باتت مهيأة تماما لمثل هذه التفاعلات بعد قرار السويد الاعتراف بدولة فلسطين والذي انتج مناخا جديدا في اوروبا فيما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين، حيث توالت بعد ذلك الاعترافات بها من قبل البرلمانات الاوروبية والتي اصبحت تضغط على حكوماتها للاعتراف بدولة فلسطينية كخطوة اساسية لتحقيق سلام عادل وشامل
تصريحات وزير خارجية السويد مارغوت وولستروم التي طالبت بالتحقيق مع إسرائيل على خلفية قتل فلسطينيين خلال مواجهات في الضفة الغربية وخارج حدود القانون، نزلت كالصاعقة على اسرائيل بمختلف مستوياتها السياسية والامنية والحزبية والاجتماعية لانها وضعت النقاط على الحروف ولفتت انتباه العالم الى حقيقة ما يجري في اسرائيل ونبهت المعنيين بالأمر في العالم ومنظمات حقوق الانسان وحركت الرأي العام العالمي وكشفت عن حقائق كانت غائبة عن المجتمعات الاوروبية وكذلك عن جرائم اسرائيل.
وقد وجدت اسرائيل نفسها في موقف حرج جدا بعد ان تم تداول الحدث في وسائل الاعلام الاوروبية وانتشر على نطاق واسع والاهم من ذلك ان الجهة التي اثارت الموضوع تعتبر من الجهات التي لها علاقات جيدة مع اسرائيل وأن تأثيرها على الساحة الاوروبية جاء قويا ومتناغما مع بعض المواقف الاوروبية الاخرى. لكن لكل بداية نهاية فقد رأت وولستروم انه لم يعد بالإمكان السكوت عن جرائم اسرائيل وغض الطرف عنها.فلذلك كانت ردود فعل اسرائيل عليها بحجم تأثيرها في الساحة الدولية،حيث قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في ردها على ولستروم: إن "تصريحات وزيرة الخارجية السويدية غير مسؤولة، وخيالية، وتدعم بتصريحاتها الإرهاب وتشجع على العنف". وقال زعيم المعارضة يتسحاق هرتسوغ: إن "تصريحات وزيرة خارجية السويد تعطي الدعم للإرهاب، وأي تصريحات كهذه من شأنها أن تبعد المنطقة جميعها خطوة عن انفصالنا عن الفلسطينيين". بينما اعتبرت تسيفي ليفني أقوال الوزيرة وولستروم تدخلا في الشؤون الإسرائيلية الداخلية.
تصريحات وولستروم تزامنت مع حدثان مهمان قد يتركان تداعياتهما على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. الاول : الحراك السياسي الفلسطيني والجهود الدبلوماسية التي تبذلها القيادة الفلسطينية على اكثر من صعيد من اجل عقد مؤتمر دولي لإنهاء الاحتلال، وهناك دولا اقليمية ودولية كثيرة تؤيد مساعي الفلسطينيين وتدعمها وترى ان هذا هو الخيار الامثل لحل الصراع بعد فشل المفاوضات في حمل اسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية.
والثاني: مشروع قرار جديد للاتحاد الاوروبي يهدف لفرض مزيد من العقوبات على المستوطنات حيث تبنى القرار كل من السويد وايرلندا وتدفعان لتنفيذه وتحاول المانيا تعطيله دون جدوى ويهدف القرار اساسا التمييز بين اسرائيل والأراضي التي احتلتها خلال حرب 1967 والتأكيد على انها ليست اراض اسرائيلية بل فلسطينية. وأكد مسئولون في القدس " أن قبول القرار بشكله الحالي سيكون مرساة قانونية آخر لتلك الدول الأوروبية التي تحاول فصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية. العواقب قد تكون وخيمة، على حد قولهم، ويمكن أن تسفر عن زيادة العقوبات ضد المستوطنات".
اضافة الى ان هناك حراكا فرنسيا لإنشاء مجموعة دولية لتعزيز عملية السلام والدعوة الى عقد مؤتمر دولي من اجل استئناف المفاوضات اقليميا بين اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية.
اسرائيل وجدت نفسها امام مأزق جديد بسبب التحولات المتسارعة الحاصلة في الساحة السياسية الدولية والإقليمية ، حتى ان وزارة الخارجية الاسرائيلية بذلت جهودا لمنع القرار الاوروبي الا انها فشلت . وقد استغل جانب من المعارضة الاسرائيلية وبعض كبار شخصيات الليكود هذا الحدث وشنوا هجوما حادا على الحكومة الاسرائيلية خدمة لاحتياجاتهم السياسية واعتبروا ان ما حدث يشكل فشلا للسياسة الخارجية الاسرائيلية في عدم قدرتها على مواجهة التسونامي الدبلوماسي الذي يواجهها.