نشر بتاريخ: 20/01/2016 ( آخر تحديث: 20/01/2016 الساعة: 10:45 )
الكاتب: المحامي سمير دويكات
الأصل في الأشياء الإباحة، وتعني هذه القاعدة التي تعتبر الأهم على الإطلاق في القانون، انه يحق للمواطن ممارسة أعماله وتصرفاته، ما لم يكن هناك قيد في قانون يمنعه من هذه الممارسة ويضع عليه قيودا قد تكون تشكل حال قام بها جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالي لها عقوبة. فالقاضي ليس له الحق في الإدانة إلا بموجب نص قانون واضح لا يقبل الشك ولان الشك يفسر في مصلحة المتهم، كما جاء في القواعد الدستورية لا جريمة ولا عقوبة إلا بالقانون.
فحرية الرأي والتعبير التي تأسس لحق كل إنسان مهما تكن صفته أن يعبر عن نفسه، وان ينتقد ويدافع عن نفسه ضد ا ي حد لا يعجبه تصرفه أو أن تصرف هذا الشخص ينتهك القواعد العامة، وليس أدل على ذلك ما ضمنها فيه الدستور في القانون الأساسي 2002 وتعديلاته وبالتحديد القانون 2003 المعدل، وبالتالي فان أي قانون أو أنظمة أو إجراءات سواء المطبوعات أو غيرها يجب أن تكون تفسيرية وتنظيمية لا منشاة لان القانون الدستور أنشاها وانتهى الأمر.
فبالتالي أيها المواطن، أيها الإعلامي، أيها الصحفي، أيها السياسي، أيها القانوني، يمكنكم وبكل وضوح انتقاد السياسة العامة للدولة دون ذم أو قدح أو تجريح أو اتهام دون أدلة، وفيما عدا ذلك لكم الحرية في إبداء رأيكم والتعبير عنه بكل صراحة.
إن حصل وان إستبليَ احد من قبل البعض بحجة الاتهام بغير حق فان القانون يحميه وحرية الرأي التي كُفِلتْ هي التي تحصنه، والقضاء في النهاية سيكون هو الحصن الحصين له، في البراءة والحكم له في التعويض حال توفر عنصر الضرر وعلاقته مع خطأ الاتهام.
في هذه الأيام يدور الحديث عن إنشاء مجلس اعلى للإعلام، وإصدار قانون إعلام، وهما هدفهما: في الأول مجلس الإعلام؛ أن يتولاه من هم موالين للسياسيين وبهدف الحصول على مناصب ليس إلا، في ظل غياب في فكر الانتخابات النقابية الحرة والنزيه، وما دام هناك جسم نقابي يدعى نقابة الصحفيين، والثاني هو تحديد حرية الصحافة في إبداء الرأي والتعبير، مثال على ذلك في احد مسودات القانون جاء تعريف الصحافة على أنها " مهنة جمع وتداول وتحرير وتعميم الأنباء والمعلومات والصور والمطبوعات الدورية وإصدارها" وهي ما تجسد ما هو واقع من أن الإعلاميين يقسمون إلى قسمين الأول: ناقل ومترجم للصحافة الإقليمية والعالمية وينطبق عليه التعريف، والثاني: مبتكر وناقد ولديه فكر في الرأي والتعبير، وهو إما أن يكون مقموع أو في السجن أو صامت لأنه ملاحق، ولهذا السبب قيل في إحدى السنين أن نسبة الفلسطينيين المتابعين للصحف المحلية منخفضة جداً، وهي لم تنشر، ذلك بان القانون خلى إجمالا من النص على حق الإعلام والصحافة في إنشاء المعلومة وابتكارها وخَلى بالعموم من حقه في النقد والتحقيق والتحليل، وهذا ما ورد من تحديد حرية الصحافة كذلك في المادة الرابعة من قانون رقم 9 لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر، فبالتالي القانون يقيد لا يمنح حقوق.
والهدف الآخر للقانون غير تقييد الحقوق وجزء منها، هو أن يفرض على الإعلاميين والصحفيين شروط تعجيزية لمنح التراخيص لممارسة هذه المهنة الحرة ولأهميتها أطلقوا عليها السلطة الرابعة، ومن الشروط أن يكون لديه حسن سيرة وسلوك (لا أساس قانوني لها)، وهذه لا تعطى إلا بالمزاج والأهواء في الغالب وليس فيها معايير موضوعية.
هي رسالة للإعلاميين والصحفيين، أن مهنة الإعلام والصحافة تمارس على إطلاقها للكافة ولا تقيد إلا بقواعد الدستور نفسه، لان البلاد بحاجة إلى حرية إعلامية وصحفية قادرة على النقد البناء وممارسة الحق في الرأي والتعبير والتحليل والتحقيق واكتشاف التصرفات غير القانونية مهما تكن، كما رسمها الدستور.
لذلك أصاب الصحفيين والإعلاميين ومن قال أن قانون الإعلام يجب أن لا ينشر على الرغم من إصداره. لان القانون لا يمنح الحقوق مرة أخرى.